قال الدكتور زغلول النجار، المفكر الإسلامي البارز، إن انحسار الاخلاق والقيم، في ظل وجود تقدم علمي وتقني مذهلين، يقود العالم في اتجاه كارثة حقيقية، فيما حثّ على الدعوة إلى الإسلام بلغة العصر التي تتطابق مع لغة العلم. جاء ذلك خلال محاضرة نظمتها، اليوم الخميس، بمدينة فاس المغربية، كلية الشريعة المغربية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله (حكومية)، بتنسيق مع جمعية كشافة المغرب (غير حكومية)، تحت عنوان "الإعجاز العلمي في القرآن الكريم". ولفت النجار إلى أن الدعوة إلى الإعجاز هي الوسيلة المناسبة للعصر، خاصة أن القرآن الكريم يضم 1600 آية تتحدث عن الكون ومكوناته وظواهره، مشيرا إلى أن هذه الآيات لا يمكن فهمها باللغة وحدها، بل تحتاج إلى مرجعية علمية أيضا. ورفض المحاضر فكرة أن الإعجاز في القرآن الكريم يتجلى في بيانه ونظمه ولغته، لافتا أن "القرآن معجز في كل أمر من أموره، وإذا كانت اللغة حمالة رسالة فإن الرسالة أهم بكثير من اللغة، أي أن محتوى القرآن هو الدين". وتوضيحا للجزئية الأخيرة، قال النجار "إن القرآن الكريم نزل للناس كافة باختلاف ألسنتهم ولهجاتهم، وأن غير الناطقين بالعربية لن يستطيعوا التوقف عند إعجازه البياني". واعتبر المحاضر أن مبررات اهتمام الأمة بالإعجاز العلمي كثيرة، أبرزها "أننا نعيش في زمن يطالب فيه الناس بالدليل العلمي في مختلف القضايا، وأن القرآن نزل ليفهمه الناس، غير أن ذلك لا يمكن أن يحدث في إطار اللغة فقط، فضلا عن الحاجة إلى استنهاض عقول الأمة وإلى التأصيل الإسلامي لكل المعارف المكتسبة". وعلى صعيد آخر، تطرق النجار إلى ضوابط الاهتمام بالإعجاز، والتي لخصها في حسن فهم النص القرآني وفق دلالة الألفاظ في اللغة، وفهم سبب النزول ومراعاة السياق القرآني والحرص على عدم الدخول في التفاصيل العلمية الدقيقة، فضلا عن جمع القراءات الصحيحة التي تعطي عمقا في فهم الآية وغيره. وعلاوة عن الإعجاز العلمي، استعرض المفكر نماذج كثيرة للإعجاز في القرآن الكريم، بينها الإعجاز الاعتقادي، والأخلاقي، والتشريعي، والاجتماعي، الذي يتجلى في دعوة القرآن إلى بناء الأسرة، وتشريع الزواج بما يحقق الطمأنينة والتعايش بالمعروف، والإعجاز التربوي، والنفسي، والإنبائي التاريخي. وزغلول النجار هو مفكر إسلامي له أكثر من 150 بحث ومقال علمي، و45 كتابا باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، كما أنه يعمل أستاذا بالجامعة العالمية للعلوم الإسلامية بالعاصمة الأردنية عمان، وهو عضو مؤسس للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة.