الجسم والجسد والبدن فى الظاهر كلمات متقاربة ومتشابهة في الحروف وفى المعنى لكن الحقيقة لكل منها معنى يغاير معنى الآخر فهي ليست مترادفة وقد فرق القرآن الكريم بين هذه الكلمات تفرقة بالغة الدقة. فالجسم يُطلقُ بحسب السياق القرآني على البدن الذي فيه حياةٌ وروحٌ وحركة، وأما الجسدُ فيطلق على التمثالِ الجامد، أو بدن الإنسان بعدَ وفاته وخروجِ روحه وهذا هو الفرق الحقيقى والجوهرى بين الكلمتين. والجَسَدُ أخصُّ من الجسم، يُطلقُ الجَسَدُ ويُرادُ به جسم الإِنسان دونَ غيرِه فلا يقالُ الجَسدُ إلاّ للحَيَوانِ العاقل أما البَدَنُ : فهو أخصُّ من الجَسَد، والبَدَنُ من الجَسدِ ما سِوَى الرأْس ممّا غلُظَ وسمُنَ، ولهذا يقال للزَّرع القصير بَدن؛ لأنها تقعُ على البدَن، وجمعُ البَدَنِ أبْدانٌ. والجَسَد البَدنُ؛ تقول منه تَجَسَّد كما تقول من الجسم تجسَّم. وقد يُطلقُ اللفظُ لكُلّ خَلق لا يأْكلُ ولا يَشربُ كعِجْل بني إِسرائيل، وكذا طبيعة الجنّ قال عز وجل: «فأَخرج لهم عِجْلاً جَسَداً له خُوارٌ» الجَسَدُ في الآيَة بدلٌ من عِجْل . وقَد يُرادُ بالجسد معنى الجُثة فقط كما في قوله تعالى: «وما جعلناهم جسداً لا يأْكلون الطعامَ». والجسمُ (جمعُه أَجْسام وجُسُوم) اسمٌ عام يقع على الفرد، أما الجَسَدُ جمعُه أَجْساد و يُفيد الكثافَة، ويُقال إنَّه سُمِّي جَسداً لما فيه من الدَّم، فلِهذا خُصَّ به الحيوانُ، فيُقال جسدُ الإِنْسان وجسدُ الحِصان، ولا يُقال جَسدُ الخَشَبة، وجِسْمُ الإنسان كلُّه جَسَد، فالجسد لفظة ترتبط بالأجسام المتحركة العاقلة وهو مصطلح روحانى. أما البَدَنُ (جمعُه أَبْدان) هو ما عَلا من جَسَد الإنسان.ولمَّا كان البَدنُ هو أعلى الجَسَد وأغلظُه قِيل لمن غَلُظ من السِّمَن قد بَدُنَ، وهو بَدينٌ، والاسم بَدانَة وردت كلمة الجسم مرتين في القرآن: قال تعالى { إنَّ الله اصطفاه عليكم وزادهُ بسطةً في العلم والجسم }. [ البقرة : 247 ] { وإذا رأيتهم تعجبك اجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خُشُبٌ مُّسَنَّدةٌ } [ المنافقون : 4 ] ونلاحظ من الآيتين أنهما تتحدثان عن الأحياء، فطالوت ملك حي، والمنافقون أحياء يتكلمون . أما كلمة {جَسَد} فقد وردت أكثر من مرة في القرآن، جاءت مرتين في وصف العجل (التمثال) الذي صنعه (السّامِرِيّ) من الذهب لبني إسرائيل، ودعاهم إلى عبادته، مستغلاً غَيبة موسى عليه السلام. قال تعالى: {واتَّخذ قومُ مُوسى من بعده من حُلِيِّهِم عِجلاً جَسَداً له خوارٌ } [ الاعراف : 148 ]، وقال تعالى : { فأخرج لهم عِجلاً جَسَداً له خوارٌ فقالوا هذا إلاهكم وإلاه موسى فَنَسِىَ * ألا يرون ألا يرجع إليهم قولاً }. [ طه : 88 ] وقال تعالى { ولقد فَتَنَّا سليمان وألقينا على كُرسِيِّهِ جسداً ثُم أناب } [ ص : 34 ]، وقال تعالى : { وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نُّوحي إليهم فسئلوا أهل الذِّكرِ إن كُنتُم لا تَعلَمُون * وما جَعَلناهم جَسَداً لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين }. [ الانبياء : 7 - 8 ]. من هذا نعلم أن كلمة { جسد } في السياق القرآني وردت صفة للجماد، وللميت، ونُفِيَت عن النبيِّ الحيِّ المتحرك، وبهذا نعرف الفرق بين الجسم والجسد في القرآن، فالجسم يُطلقُ على البدن الذي فيه حياةٌ وروحٌ وحركة.والجسدُ يطلقُ على التمثالِ الجامد.