رهبة تملكتني وأنا في طريقي إلي تلك التلال التي طالما سمعت عنها وأنا أشاهد حلقات مسلسل "يوسف الصديق"، والتي ارتبط اسمها بعزيز مصر لتصبح تل العزيز، وتذكرت السنوات العجاف التي مرت بها مصر، والتي كانت تلك التلال بمثابة طوق النجاة لأجدادنا في القدم. وفوجئت في رحلتي بأن "العجيزية" هي الاسم الدارج حاليًا ل"العزيزية"، بل إن الأخيرة أصبحت كلمة نادرة وأصبح لا يعرفها العامة. والطريق إلى "تل العزيز" يبدأ بعد "البدرشين"، وتحديدًا بعد كوبري مستشفي الحوامدية، ولأن وسيلة المواصلات المتاحة هناك هي "التوك توك"، فلم يكن هناك بد من ركوبه، وكانت تبعد حوالي "45 دقيقة" عن كوبري المستشفي. "التلال تقف صامدة هناك في مكانها تكتنز الآلاف من الأسرار عدد سنوات عمرها، في مشهد خلاب يخطف الأبصار، ومع مرور الزمن واختلاف العصور مازالت هي تلال ذلك العزيز أيام سيدنا يوسف الصديق، والتي مازالت أسرارها دفينة تلك الأرض. يجاور التل بعض الأهالي بسطاء الحال، ويبدو علي المكان الإهمال الشديد وعدم الإهتمام من قبل المسئولين. "فوجئت أثناء سيري بمجموعة من الأطفال يتسابقون علي التل، فيجلس بعضهم علي "قطعة كبيرة من القماش" ويقوم البعض الآخر بجذبهم لأسفل التل من أعلاه، فرحين، وبالرغم من علمهم عن ماهية ذلك المكان إلا أنهم يلعبون مستهترين بقيمته. وقال" مصطفي"، أحد سكان تل العزيز وهو يشعر بالفخر، إن تلال العزيز كانت تستخدم لتخزين التلال وقت السنين العجاف التي مرت بها مصر أيام سيدنا يوسف عليه السلام. وأشار إلى أنه من سكان المنطقة منذ 27 عامًا، وأنه علي علم بالقيمة التاريخية لتلك المنطقة بصورة تلقائية كمعلومات توارثتها الأجيال عبر الزمن، مضيفًا أن هناك سردابًا يصل من أسفل تل العزيز حتى أبو صير عند سجن سيدنا يوسف. عزيز مصر هو "بوتيفار بن روحيب" الوزير الأول أثناء فترة قدوم النبي يوسف حسب الروايات التوراتية، وزوجته تدعى "راعيل بنت رماييل"، ولقبها "زليخة"، وكان الوزير أثناء فترة حكم الملك أمنحوتب الثالث، وكذلك أثناء فترة حكم ابنه الملك أمنحوتب الرابع (أخناتون). ومنصب العزيز هو بمثابة منصب رئيس الوزراء وقائد الجيش في أيامنا، ويذكر أن بوتيفار كان مخلصًا في عمله وموضع ثقة الملك التامة، وقد توفي بوتيفار أثناء فترة حكم أمنحوتب الرابع (أخناتون) فتولى بعده هذا المنصب النبي يوسف بعد خروجه من السجن، كما تردد الأقاويل. وقال الملك "إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وآخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون ( 43 ) قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ( 44 ) وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون ( 45 ) يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون ( 46 ) قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ( 47 ) ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ( 48 ) ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ( 49 ).