قال الخبير العسكري السوري العقيد أحمد الحمادة, إن المعارضة المسلحة أعادت خلط جميع الأوراق العسكرية لنظام بشار الأسد وحلفائه من خلال هجومها الأخير المباغت في شرق دمشق. وأضاف الحمادة في تصريحات ل"الجزيرة", أن الهدف من المعركة التي خاضتها المعارضة شرقي دمشق تحقق بالفعل, حيث تسمى هذه النوعية من المعارك في العلم العسكري "بالإغارة"، وهي تكون بغية استكشاف نقاط ضعف وقوة العدو، من أجل إضعافه. وتابع " المعركة كانت مرتبطة بشكل مباشر بمعركة النظام وعملياته العسكرية في الغوطة الشرقية بريف دمشق، حيث كان يخطط النظام لحرمان الغوطة من شريان حيوي هام قادم من برزة عبر أنفاق للمدنيين المحاصرين هناك، بعد أن حرم الغوطة وأهاليها من سلتهم الغذائية بسيطرته على منطقة المرج العام الماضي". واستطرد " هجوم المعارضة الأخير في حي جوبر شرقي دمشق أبقى على الشريان القادم للغوطة من حي برزة, حيث منع النظام من محاصرة حي القابون عبر وصله بحي جوبر، كما حال دون فصل حي القابون عن تشرين وبرزة". وخلص الحمادة إلى القول :" إن المعارضة لكي تخفف الضغط عن الغوطة الشرقية, فلا خيار لها إلا مواصلة الهجوم من أجل الدفاع". وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية, أبرزت التقدم الذي أحرزته المعارضة السورية المسلحة في شرق دمشق, وقالت إنه سيغير الحسابات في محادثات أستانا أو جنيف. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 21 مارس, أن هذا التقدم كان نتيجة التنسيق بين سمتهم "الجهاديين" وفصائل المعارضة المعتدلة, وأكد أنه بالرغم من استبعاد "الجهاديين" من محادثات أستانا, فإنهم قوة يحسب لها حساب على كل جبهة قتال. وتابعت " الهجوم على شرق دمشق أكد أيضا أن مزاعم نظام بشار الأسد إحكم سيطرته على العاصمة السورية, لا أساس لها, وأنه أبعد ما يكون عن استعادة السيطرة على مقاليد الأمور, كما أن دعم إيران وروسيا له, لم يحل دون مفاجآت المعارضة ". وكانت فصائل فيلق الرحمن وحركة أحرار الشام وهيئة تحرير الشام بدأت فجر الثلاثاء 21 مارس هجوما جديدا انطلاقا من مواقعها شرقي وشمال شرقي دمشق باتجاه كراجات العباسيين، وهي محطة كبيرة للحافلات، وتقع ساحة العباسيين وسط دمشق غربها ببضعة كيلومترات. وحسب "الجزيرة", استعادت الفصائل المشاركة في الهجوم معظم النقاط التي خسرتها الاثنين في حي جوبر بعد هجوم مضاد لقوات النظام والميليشيات المساندة لها. وقال شهود عيان , إن قوات المعارضة المسلحة سيطرت على كراجات العباسيين لتقترب مجددا من وسط دمشق بعد الهجوم الثاني من نوعه خلال ثلاثة أيام, كما أنها باتت تسيطر ناريا على شارع فارس الخوري الذي يصل ساحة العباسيين بالأطراف الشمالية لدمشق مرورا بأطراف حي جوبر. وجاء هذا الهجوم الجديد ضمن المرحلة الثانية من معركة "يا عباد الله، اثبتوا" التي أطلقتها نفس الفصائل فجر الأحد 19 مارس, بهدف وصل حي القابون المحاصر بحي جوبر في محيط العاصمة، ووقف الحملة التي تشنها قوات النظام واليمليشيات، والتي تستهدف فصل أحياء شرقي وشمال شرقي دمشق عن الغوطة الشرقية بريف دمشق. وحسب شهود عيان, انتشرت عشرات الدبابات التبعة للنظام في شارع فارس الخوري في مشهد لم يألفه كثيرا سكان وسط دمشق, التي لم تتأثر بالقتال خلال السنوات الماضية. وكان الهجوم الأول بدأ عند الساعة الخامسة فجر الأحد، عندما انفجرت عربتان مفخختان في تجمعين لقوات النظام في حي جوبر شرقي دمشق، إحداهما استهدفت معمل كراش والأخرى معمل سيرونكس اللذين حولهما النظام إلى ثكنتين عسكريتين، مما أسفر عن انهيارهما بالكامل وفقدان النظام عناصره ما بين قتيل وجريح وأسير، وتدمير عدد من الآليات التابعة له. ولم يكن النظام يعرف ما حصل، وبالكاد استوعب الصدمة، حتى باغته تسلل للعشرات من مقاتلي المعارضة الذين توغلوا بسرعة على وقع انهيارات متعاقبة لنقاط النظام شكلت حاجز الدفاع الأول عن العاصمة. وتكتمت قوات المعارضة المسلحة على الهجوم ومنعت التغطية الإعلامية، ولم تكشف عن الهدف النهائي له إلا عند حلول ساعات مساء الأحد، حيث انتهى بوصل حي جوبر في دمشق بحي القابون المحاصر والقريب منه. وقالت قوات المعارضة إنها دمرت غرفة عمليات النظام شرقي العاصمة بشكل كامل، وقتلت أكثر من 75 عنصرا -بينهم ثلاثة ضباط- وأصابت الكثيرين بجراح. كما وصفت المعارضة الهجوم بأنه نشر الذعر والفوضى في صفوف النظام لدرجة أنه استعان بالإعلام أثناء بث مباشر لتهدئة صفوف مؤيديه في العاصمة، حيث تقدمت المعارضة إلى كتل وأبنية مطلة على عقدة البانوراما، وقطعت الطريق الوطني المؤدي إلى دمشق، وعطلت كراجات العباسيين. وخلال ساعات الليل, استطاعت قوات النظام استعادة السيطرة على أغلب النقاط التي تقدمت إليها المعارضة، لكن سرعان ما ردت المعارضة بإعلان هجوم آخر. وبالتزامن مع الهجوم شرقي دمشق, أعلنت المعارضة المسلحة أيضا في 21 مارس أنها بدأت هجوما واسعا على مواقع النظام في ريف حماة الشمالي ضمن معركة سمتها "قل اعملوا". وأكدت هيئة تحرير الشام أن مقاتليها سيطروا في إطار هذه المعركة على بلدة صوران ومعردس بريف حماة الشمالي بالكامل. وكانت الهيئة ذكرت قبل ذلك أنها فجرت عربتين ملغمتين في حاجزي المكاتب ومعمل البواري في منطقة صوران, كما أكدت في الوقت نفسه أنها قصفت مقر قيادة تابعا لقوات النظام في القرداحة بريف اللاذقية غربي سوريا. وبدوره، قال جيش النصر التابع للمعارضة السورية إنه دمر طائرتين لقوات النظام في مطار حماة العسكري بعد استهدافه بصواريخ غراد، كما قال جيش إدلب الحر إنه استهدف بالمدفعية الثقيلة مواقع النظام السوري في ريف حماة الشمالي.