شهدت محافظة قنا، خلال الشهور الماضية، ظاهرة إحياء الأقباط لأفراحهم بتلاوة القرآن الكريم فى مراكز قوص وأبوتشت وقرية المحروسة بمركز قنا، وجاء التركيز والاهتمام باحتفالات قرية المحروسة، حيث حضر الاحتفال نحو5 آلاف شخص فى مقدمتهم نواب قنا وكبار العائلات ورجال الكنيسة والأوقاف والأزهر الشريف ومحبو القارئ محمود سلمان الحلفاوى، أقيم الحفل داخل سرادق كبير بمدخل القرية تسبب فى إغلاق طريق قنا- نقادة الزراعي. "المصريون" رصدت العلاقة الاجتماعية القوية التى عززت ودعمت من تعميق هذه الروح ولم تسمح لأى خلافات تمر مرورًا عابرًا بين المسلمين والأقباط فى هذه المنطقة على وجه الخصوص، خاصة أن سجلات الداخلية لم تسجل أية خلاف بين المسلمين والأقباط بقرية المحروسة التى يقع بها أكبر دير بالظهير الصحراوى. أحد أهالى القرية أكد ل"المصريون"، أن سبب الترابط يعود لواقعة شهيرة حدثت منذ أكثر من خمسين عامًا، فقد تعرض تاجر قبطى يمتلك محلاً لبيع المشغولات الذهبية، لمشادة كلامية مع أحد أفراد قبيلة بقنا خلال تواجد التاجر القبطى بمدينة قنا لقضاء مصالحه، تطورت الأحداث إلى سرقة كميات من المشغولات الذهبية من محله. على الفور، سارع مسلمو قرية المحروسة لمنازل القبيلة عبر مراكب بالنيل وقاموا باختطاف أفراد من القبيلة المتعدية على ابنها القبطى وبعدما قامت القبيلة المتعدية بالاعتذار لأهالى قرية المحروسة وعودة المسروقات قام أهالى المحروسة برد الأشخاص المختطفين للقبيلة. وكان الرد من قرية المحروسة، أن من يعتدى على أى شخص من القرية فقد اعتدى على القرية بأكملها دون التفرقة فى الدين أو النسب، ما دفع كبار الأقباط بالقرية والقرى المجاورة لتعزيز هذا الترابط والمودة جيلاً بعد جيل على مدى قرابة نصف قرن. وجاء زفاف نجل القبطى ذكرى حنا محارب، تتويجًا لروح المحبة والتآخى والوحدة الوطنية الحقيقية وقد شاركه فرحته أهالى القرية والقرى المجاورة والمحافظات المختلفة ولم يكن احتفال قبطى قرية المحروسة وزفافه بالقرآن الكريم هو الأول والأخير، بل سبقه زفاف والده منذ عشرات السنين. كما شهدت مدينة قوص، احتفالية مماثلة بالقرآن الكريم من حفل زفاف نجل عاطف صبحى شكير، صاحب ستوديو وكوافير بقوص، والذى أكد أن أهالى منطقة الشيخ عتمان بقوص، محل سكنه، شاركوه الاحتفال بليلة زفاف نجله ب"القرآن"، تعبيرا منهم عن المحبة، وأنه لا فرق بين مسلم ومسيحي، مؤكدًا أنه لم يعش ولن يعيش وحده. وأعرب عن شكره لأهالى المنطقة على ما قدموه من روح الإخوة والمحبة التى تربط بين نسيج الوطن الواحد، مختتما كلامه (وإن شاء الله تترد لهم فى فرح أولادهم)، على حسب قوله. أهالى المنطقة أكدوا أن جارهم القبطى أخبرهم أنه يريد أن يحيى ليلة نجله كيرلس، بالاتفاق مع أحد المقرئين للقرآن الكريم، وهو الشيخ عبدالوهاب القوصي. كما شهدت قرية الشرقى سمهود بأبوتشت، حفل زفاف مماثلا حيث قام القبطى بالقرية عماد حليم حنا، بإحياء حفل زفاف شقيقته بالقرآن الكريم، إيمانًا منه بأنه لا فرق بين مسلم ومسيحي. وأكد حليم، أنه قرر إحضار الشيخ المقرئ عاطف عبد المنعم، ليبدأ حفل زفاف شقيقته بتلاوة آيات من القرآن، فى حضور المئات من أهالى مركز أبوتشت وقراها. وأضاف أنه يذهب إلى حفلات زفاف المسلمين، ويقابلونه باحترام وتقدير، كما أنهم يقفون معه فى الحزن والفرح، ويساعدونه فى أى مشكلة يتعرض لها، ويحضرون له فى الكنيسة فى كل المناسبات، فكان ولا بد "أعمل حاجة تفرحهم" و"كفاية الفرحة اللى أنا شوفتها فى عيون الناس كلها مسلمين ومسيحيين". وأشار إلى أنه يحتفظ فى منزله بسجادة للصلاة، لمن يريد الصلاة من المسلمين عندما يحضر لزيارته بمنزله فى أى وقت، وأن المسلمين أدوا صلاة العشاء فى أثناء حفل الزفاف، وتوقف الزفاف حتى يكملوا صلاتهم داخل أحد الغرف فى منزله. أما أهالى قرية الشرقى سمهود، فقد شاركوا جارهم القبطى حفل زفاف شقيقته، وفوجئوا بتواجد مقرئ لتلاوة القرآن الكريم وأكدوا سعادتهم بهذا الأمر، مشيرين إلى أنهم "جسد واحد محدش هيقدر يفرقهم". وعندما بدأ المقرئ بقراءة سورة مريم، كانت الفرحة ترفرف فى جميع أنحاء القرية، وقام الجميع بتصوير حفل الزفاف بهواتفهم المحمولة من شدة الفرح. بينما اجتمع فى قرية المحروسة آلاف المسلمين والأقباط داخل منزل قبطي، للاستماع إلى القرآن الكريم من أحد كبار مشاهير القراء داخل سرادق كبير بمدخل قريته المحروسة التابعة لمركز قنا احتفالاً بزفاف نجله. وشارك فى الحضور نواب قنا الحاليون والسابقون ورجال الدين الإسلامى والمسيحى والقيادات الأمنية ورئيس القرية وكبار العائلات. وتعالت الأصوات داخل السرادق الذى أغلق طريق (قنا/نقادة) الزراعى بهتافات الوحدة الوطنية. كما نجح أبناء القرية من المسلمين فى تنظيم واستقبال الوافدين وتوزيع الحلوى.