يمارس قطاع الصناعة ضغوطًا على الحكومة منذ فترة كبيرة لتخفيض سعر الغاز إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، ونتيجة لذلك تعهدت الحكومة خلال يونيو الماضي بضخ الغاز لمصانع الصلب بالأسعار العالمية في سبتمبر. وحصلت شركات تصنيع الحديد على وعد من الحكومة بتفعيل قرار رئيس الوزراء، الصادر في مارس 2016، بخفض سعر الغاز للمصانع من 7 دولارات للمليون وحدة حرارية إلى 4.5 دولار بنهاية ديسمبر المقبل، وذلك بعد أن تبدأ حقول الغاز الجديدة إنتاجها، وفق ما ذكره جمال الجارحي رئيس غرفة الصناعات المعدنية. وأعلنت وزارة الصناعة والتجارة في يوليو الماضي أنها تدرس معادلة لتسعير الغاز للقطاع الصناعي، مستهدفة توحيد سعر توريد الغاز على جميع القطاعات الصناعية عند سعر 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية بحلول شهر سبتمبر. لكن خبراء في قطاع الطاقة أكدوا أن الحكومة تعاني من تخبط واضح وعدم جدية في مواجهة طلبات قطاع الحديد الذي بات يحصد مميزات غير منطقية مقارنة بقطاعات صناعية أخرى، مشيرين إلى أن زيادة حجم الإنتاج المتوقعة من الغاز بنهاية العام الجاري لن تكون طافية لمواجهة الاستهلاك الطبيعي في مصر وأن أي تخفيض لصالح صناعة الحديد سيؤثر على موارد الدولة بالسلب، لا سيما وأن الحكومة ستقوم بشراء 70% من إنتاج الشركات الأجنبية بالأسعار العالمية بالدولار. وأشار الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ الطاقة ونائب رئيس جامعة فاروس، إلى أن تصريحات الحكومة بشأن منح مصانع الحديد امتيازات إضافية بتخفيض أسعار الغاز الطبيعي، يثير العديد من الشكوك المتعلقة بإمكانية وجود مصالح أو ضغوط من بعض رجال الأعمال المالكين لمصانع الحديد التي حصلت سابقًا على امتيازات غير منطقية، لا سيما أن هناك العديد من الصناعات ذات الاستهلاك الكثيف للطاقة مثل الأسمنت والبتروكيماويات لا تحظي بهذه المميزات. وأكد في تصريح خاص ل"المصريون" أنه لا توجد إمكانية لإقدام الحكومة على خفض سعر الغاز الطبيعي، خاصة أنها ستشتري إنتاج الشركات الأجنبية بالأسعار العالمية بالدولار، كما أن الإنتاج اليومي لحقل إيني يقدر بنحو 2.7 مليار متر مكعب يوميا بالكاد يساعد على تلبية الاحتياجات الأساسية للدولة. وذكر أن الحديث عن زيادة الإنتاج غير مؤكد لأنه يحتاج إلى مجهود كبير وهناك تباطؤ من الشكات الأجنبية في عملية الإنتاج في الوقت الحالي نظرًا لانخفاض أسعار الغاز عالميًا، وبالتالي لن تسرع الشركات الأجنبية في زيادة الإنتاج انتظاراً لارتفاع الأسعار. ومن جانبه، يقول مدحت يوسف، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقًا وخبير الطاقة الدولي، إن قطاع البترول لن يوافق على خفض قيمة الغاز المقدم لمصانع الحديد للعديد من الاعتبارات، على رأسها هو أن الدولة ستقوم بشراء نحو 70% من الإنتاج بالأسعار العالمية بالدولار عند 5.88 دولار للمليون وحدة حرارية، ومن ثم ستكون التكلفة مرتفعة في ظل ارتفاع قيمة الدولار في الوقت الحالي. وأشار إلى أنه من المفترض أن تعمل الدولة على ترشيد هذه الصناعات التي تستخدم كميات كبيرة من الطاقة بدلاً من السعي لتخفيض أسعار الطاقة لها، وهذا يرجع إلى تخبط الحكومة التي عرضت العديد من رخص الأسمنت والحديد خلال الفترة الماضية.