ما أن وطأت أقدامهم أرض محافظة المنيا، إلا وأنها أحست بالراحة، رغم ارتباطها الشديد بأرض الأنبياء في سيناء, إلا أن القدر منحهم عمرا جديدا في وسط أهليهم وأبناء جلدتهم بصعيد مصر، وبالتحديد بمركز ملوى جنوب المحافظة. وفي حوار خاص ل"المصريون", قال "نشأت ذكرى ملاك"، أحد الأسر القبطية المهجرة من سيناء، تلك الأسرة التي كادت أن تتعرض لجحيم, مثل إخوانهم الذين ماتوا حرقا أو رميا بالرصاص على يد جماعات مسلحة, وحولت أرض الأمان إلى جحيم، على حد تعبيرهم. نشأت ذكرى عبد الملاك، 57 عاما، عاش 31 عامًا قضاها في مدينة العريش منذ أن نادى الرئيس السادات أبناء بورسعيد بتعمير سيناء. وكان نشأت، أحد الأشخاص الذين هجروا بورسعيد إلى العريش، واستقر بها وتزوج وأنجب 3 أولاد هم "دينا" أولى تربية وديفيد أولى ثانوي، والطفل الأصغر 4 سنوات. قال ذكرى: "كنا نعيش السنوات الماضية على ثورة 25 يناير 2011 ، في أمن واستقرار ومحبة وأخوة، ولم نجد في ذلك الوقت الفرق بين مسلم أو قبطي، الجميع واحد لا فرق بينهم". وأضاف: "كنا نخرج في أي وقت ونروح أي مكان في العريش، التي كانت مزدحمة بسكينها طول الوقت، ولم يكن للخوف مكانا في قلوبنا فعلا أيام بنترحم عليها دلوقتي" على حد تعبيره. فيما أوضحت زوجته ميرفت نصيف, قائلة: "كنا بنتهدد علني في الشوارع من قبل أناس غريبة، لأننا أقباط كانوا يقول لنا هنولع فيكم دولتا دولة إسلامية, وأنتم غرباء عنا"، لافتة إلى أنها أقامت في العريش أكثر من 20 عاما متواصلة و15 عامًا كأننا في قطعة من بلاد الأجانب, وتغير الحال في السنوات ال 5 الأخيرة، كانت جحيمًا على الأقباط. وتروى ميرفت, رحلة هروبهم من العريش, قائلة: "قررنا الهروب في تماما الساعة الخامسة صباحاً جمعنا جميع ما يلزمنا في السفر، وأغلقنا الشقة بالأبواب الحديدية، وتوجهت إلى شقة جارتي المسلمة، وأعطيتها مفتاح الشقة وهى كانت تعلم تماما أننا لم نمتلك في الوقت الحالي أية مبالغ مالية تكفينا في رحلة طريقنا إلى المنيا، ففوجئنا بأنها تعطينا مبلغاً يساعدنا في رحلتنا، كان هذا الموقف صعب للغاية, علينا فنحن مسلمون وأقباط جمعت بيننا المحبة, ولكن تلك الجماعات الإرهابية لم تعرف المحبة قلوبهم". واستكملت الزوجة حديثها, قائلا: "استقللنا سيارة أجرة إلى موقف العريش وتوجهنا إلى الإسماعيلية في نزل الشباب كان مزدحماً للغاية, وحمامات مشتركة ومعيشة صعبة، نظرا لكثرة أعداد النازحين وضيق الوقت، سجلنا البيانات الخاصة بنا، وتوجهنا إلى القاهرة، ومن القاهرة أتينا هنا إلى المنيا بمركز ملوي، حيث سكن الأسرة القديم في ملوي, وهنا تفرقنا فأضطر زوجي أن يمكث في منزل شقيقته، وأنا توجهت إلى منزل والدي وابنتي توجهت إلى شقيقتي". واختتمت الأسرة: "ليتنا نعود إلى العريش مرة أخرى, لكن إلى حين تتدخل الرئاسة والحكومة وتحسم أمر الأقباط هناك"، وتساءلت ما الذي يحدث لنا ؟ ولماذا في هذا التوقيت؟ لافتة إلى أن هناك أيادي خفية ما زالت تلعب بأحلام وطموح الأقباط خاصة في سيناء ومصر بصفة خاصة. وطالبت الأسرة، الرئيس عبد الفتاح السيسى, بضرورة حماية الأقباط في كل مكان, ومواجهة المتطرفين الذين يحاولون شق الصف المصري من أقباط ومسلمين، فنحن إخوة على مر التاريخ ولن يثنينا أحد عن فرقتنا مهما كان.