بوتيرة شبه يومية، تتناقل تقارير إعلامية نقاشات داخل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تفيد بتوجه رسمي لإدراج جماعة الإخوان المسلمين على قوائم "الإرهاب"، غير أن مصادر بالجماعة ومسؤولين غربيين استبعدوا إقدام ترامب على "نيته المبيتة". وقبل صعوده للبيت الأبيض، في يناير الماضي، أبدي ترامب، في خضم المعركة الانتخابية الشرسة مع منافسته هيلاري كلينتون، تقربه من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الغريم الأشرس للإخوان، بالتوازي مع هجوم معلن من مستشاريه على "الجماعة" وحركات الإسلام السياسي في العالم أجمع، إلى حد التطرف. وتترقب الإخوان ذلك بخيفة وحذر، وتعتبره سيناريو مفرعاً لها في وقت يزداد فيه التضييق الدولي عليها. وخلال الأشهر الماضية، لاحقت الجماعة مشاريع قرار أمريكية تطالب بتصنيفها على قوائم الإرهاب، كشفت الرغبة الأمريكية الواضحة والملحة. وبخلاف الضغط الأمريكي، انتقلت عدوي العداء الدولي للجماعة، إلى دول أخرى غربية؛ تجنباً لصدام مع ترامب، وهو ما جسده قرار اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا الانفصال على الأخوان المسلمين، وذلك خلال اجتماعها الدوري الذي عقد بمدينة اسطنبول بمشاركة 56 عضوا من أعضاء الاتحاد، نهاية يناير الماضي. وحينها قرر المشاركون في الاجتماع انفصال الاتحاد عن التنظيم الدولي للإخوان وذلك بعد التصويت على القرار، بموافقة كاسحة. ويعد اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا الذي تم تأسيسه في خمسينيات القرن الماضي، أحد الكيانات الداعمة لجماعة الإخوان، كما يضم هيئات ومؤسسات إسلامية تنتشر في قرابة 30 دولة أوروبية. وفي وقت سابق اعتبر المتحدث باسم الإخوان، طلعت فهمي، أن ما يثار حول اتجاه إدارة ترامب، لتصنيف الإخوان "إرهابية"، "يقف وراءه تيار عنصري في الغرب والولاياتالمتحدة يريد فرض إرادته على الجميع". وفي تصريحات صحفية، قال فهمي: "نحن نعلم أن المؤسسات سواء في الغرب عامة، أو في الولاياتالمتحدة خاصة، تدرك حقيقة وطبيعة فكر الجماعة المعتدل، إلا أنه من الواضح أن هذه المؤسسات تتصارع الآن مع تيار عنصري يسعى لفرض إرادته على الجميع". وبشأن خيارات جماعة الإخوان لمنع تصنيفها، أو في حال تصنيفها، قال: "نحن متفاعلون مع القطاع الشعبي الواسع في الغرب، والذي يرفض بصورة حضارية توجهات هذا التيار العنصري". وتعليقا على ما ذكرته تقارير إعلامية بشأن احتمال توجه ترامب لوضع الجماعة على قوائم الإرهاب، قال إبراهيم منير، نائب مرشد الإخوان، الذي يشغل منصب أمين التنظيم العالمي للجماعة إن "أي رئيس أمريكي محكوم بسلطات ونظم وأجهزة أخرى"، وإن الكثير من المبادرات المطروحة أثناء الحملات الإعلامية تتغير عند الوصول لموقع المسؤولية. وأوضح منير أن الحديث عن وضع الإخوان على قائمة الإرهاب الأميركية بدأ بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 (تفجير برج التجارة العالمي في نيويورك)، ثم انتهى القرار الأميركي بعدم علاقة الجماعة بالحادث أو بالإرهاب، ولم تنجح أي محاولات جديدة في اتهامها بالإرهاب، حسب قوله. ونقلت "المصريون" عن قيادي بارز بالإخوان تأكيده أن "الجماعة ستتخذ عدة مسارات لمواجهة سيناريو "إرهابية الجماعة". وقال المصدر متحفظاً على ذكر اسمه لأسباب شخصية، إن "الجماعة ربما تستعين بإحدى شركات العلاقات العامة الكبرى في الولاياتالمتحدة، لتوصيل الصورة الحقيقية للمسلمين عامة والإخوان خاصة، داخل المجتمع الأمريكي". وأوضح القيادي أن "الجماعة تعقد مؤتمرات سياسية وإعلامية وأكاديمية من المتخصصين في الجماعات الإسلامية لطرح وجهة نظر الإخوان، بجانب التواصل مع قادة الرأي ومتخذي القرار داخل المجتمع الأمريكي، لتوضيح موقف الإخوان من القضايا الخلافية". وبالتوازي مع ذلك، حذَّرت جهات أمريكية ومؤوسسات حقوقية دولية، من تبني إدارة ترامب موقفاً متعنتاً من "الإخوان". بدورها حذَّرت منظمة هيومن رايتس ووتش، إدارة ترامب، من تداعيات محتملة في حال تصنيف الإخوان "جماعة إرهابية"، كما حذر تقرير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكي (سي آي أيه) من خطورة الخطوة على الوضع الأمريكي بالمنطقة وتنامي التطرف والعنف. ومن هذه التداعيات، وفق المنظمة: مساواة الإخوان "خطأً" بجماعات متطرفة عنيفة، مثل "القاعدة" و"داعش"، وتهديد حق الجماعات المسلمة في التكون داخل الولاياتالمتحدة، وتقوّيض قدرة أعضاء وأنصار الجماعة على المشاركة في الحياة السياسية الديمقراطية بالخارج، إضافة إلى استخدام الحكومات المعادية للجماعة هذا التصنيف كذريعة لعمليات قمع ذات دوافع سياسية. وقبل توليه منصبه رسميا، بدأ ترامب هجوماً مبكرا على الإخوان، حيث أكد ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكي، على "ضرورة محاربة التنظيمات الإسلامية الراديكالية المتطرفة، ويجب تدمير داعش تدميرا كليا من أجل التفرغ إلي تنظيمات أخري مثل القاعدة والإخوان المسلمين". وبخلاف التضييق وتضارب المصالح الدولية، تواجه الإخوان أزمة داخلية ظهرت للعلن بوضوح في شهر مايو 2015، وذلك على خلفية تباين وجهات النظر بشأن مسار مواجهة السلطات، وشرعية القيادة في الظرف الجديد (الإطاحة بنظام حكمهم في 3 يوليو 2013 وتداعياتها).