أثارت فتوى دار الإفتاء التي تجيز فيها حرق جثة مريض "الإيبولا" بعد موته، غضب علماء الأزهر، والذين أكدوا أن الإسلام كرم المسلم حيا وميتا، وبالتالي لا يجوز حرق جثة الميت حتى ولو كان مصابا بمرض معد، مشيرين إلى أن الله حرم حرق الحيوان، ومن باب أولى تكون حرمة حرق الإنسان أشد. وأكدت أن حرق جثة مريض الإيبولا بعد موته جائز شرعًا، إذا كان الحرق هو الوسيلة المتعينة للحد من انتشار الوباء في الأحياء، على أن يتم دفنها بعد ذلك، لافتة إلى أن المرجع في ذلك كله هو قول أهل الاختصاص المعتبرين. وأضافت: "إذا كان تغسيل جثث الأشخاص المتوفيّن بمرض الإيبولا متعذرًا، لكونه مظنة حصول العدوى، فلا يجب الغُسل في هذه الحالة، ويلي الغُسل في اللزوم، عند تعذره، التيمم، فإن تعذر هو الآخر ولم يُمكن ارتكابه للضرر، تُرك هو الآخر، وسقطت المطالبة به شرعًا، ولكن يبقى للميت بعد ذلك ما أمكن من التكفين والصلاة والدفن". وقال الدكتور عبد الحليم محمد منصور، وكيل كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، إن الإنسان له حرمه سواء كان حيا أو ميتا، حيث قال الله سبحانه وتعالى "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا"، مؤكدا أن أي انتهاك لحرمة الميت محرمه. وأضاف ل"المصريون": "يمكن التغلب على ذلك المرض المعدي بطرق الوقاية الطبية، والتي نستطيع من خلالها أن نقي أنفسنا ونحافظ على الآخرين إلى أن يدفن الميت". وأوضح أن حرق الميت المصاب بالمرض المعدي قد يترتب عليه ضرر أشد، مشيرًا إلى أن المرض قد ينتقل لأعداد كبيرة بفعل العوامل الجوية، في حين أن دفنه سيمنع انتقال المرض. ولفت إلى أن الله نهى عن إحراق الحيوان، فما بالنا إذا كان الأمر يتعلق بالإنسان، متابعًا: الرسول قال في الحديث "لا يعذب بالنار إلا رب النار". وأضاف وكيل كلية الشريعة والقانون، أن حرق المؤمن فيه نوع من التمثيل بالموتى، وهذا الأمر لا يمكن أن يقوم به إنسان، متابعا أن "هذا به نوع من الفظاعة". وأشار إلى أن الإسلام أمر بالرفق أثناء تغسيل الموتى والتعامل مع أعضائهم برفق شديد، مما يؤكد أن هناك تكريمًا للإنسان ميتا، وإحراقه محرم وغير جائز. الشيخ محمود عبد الخالق، أحد مشايخ الأزهر، أكد أن الله كرم بني آدم حيا وميتا، ولم يجز حرقه حتى لو كان مصابا بمرض معدٍ، مشيرا إلى أن أنسب وسيلة صحية للميت المريض بمرض معد أو غيره هي دفنه في باطن الأرض. وأوضح أن النبي قال "كسر عظم المؤمن ميتا ككسره حيا"، وقياسا على هذا الحديث فإن إحراق المؤمن ميتا كإحراقه حيا، منوها بأن الرسول أمر بالرفق في حمل الجنائز حتى يتم دفنها بسلام. وأضاف أن بعض الدول يوجد بها ملل تجيز حرق الموتى، لكن الإسلام جاء وحرم حرق الموتى، بل كرمهم بأن يغسلوا ويكفنوا ويصلى عليهم ثم يدفنوا.
وتابع: "إذا كنا نحافظ على الميت حال موته أن يدفن، فمن باب أولى أن نحافظ على غيره من الأحياء"؛ لذا لابد أن يكون المغسل على دراية كاملة بهذا المرض وأخطاره، وعليه أن يُعقم نفسه وملابسه وكذلك الأدوات المستخدمة في عملية التغسيل، لافتا إلى ضرورة اتخاذه جميع السبل التي من شأنها الحفاظ على حياته.