تترقب مصر صدور أول تقرير فني من المكتب الاستشاري الفرنسي المختص بالدراسات في إبريل القادم، في الوقت الذي تبدأ فيه إثيوبيا الاحتفالات المبكرة بالسد المنتظر أن تفتتحه - وفقًا لتوقعات خبراء معنيين - في يوليو القادم. وقال الدكتور مصطفى الفقي، الدبلوماسي السابق، والمقرب من دوائر صنع القرار، إنه أبلغ أحد أبناء الأسرة الحاكمة في السعودية، أن عليهم الضغط على إثيوبيا وتنظيم وفد رفيع المستوى للذهاب هناك وإبلاغ قياداتها بكل وضوح أن خنق مصر بالمياه اعتداء على الخليج كله. وكانت السعودية وقطر قامتا عبر مستشارين لهما بزيارة إلى سد النهضة الإثيوبي، وهو ما فُسر في سياق الدعم الخليجي للسد ضد مصر، في إطار التباين في الموقف بين القاهرة والعاصمتين الخليجيتين إزاء العديد من الملفات والقضايا. ويبدأ المكتبان الاستشاريان الفرنسيان "بي آر أل" و"أرتيليا"، في كتابة التقرير النهائي بخصوص السد في ابتداءً من يوم الأربعاء القادم، بعدما قضيا خلال الفترة الماضية في إعداد البحوث اللازمة. ومن المنتظر أن ينتهي المكتبان من إعداد التقرير في إبريل القادم، ليتم بعدها عقد اجتماع بين الدول الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا، توضع خلاله النقاط فوق الحروف. كما يلي هذا الاجتماع، اجتماع آخر في أغسطس، للاتفاق على السعة التخزينية للسد، وعلى كيفية ملء الخزان والطريقة التي يتم من خلالها "الملئ"، وعدد السنوات وما إلى ذلك من أمور. ويبدو أن مصر تسعى لتوسيط دول الخليج بينها وبين إثيوبيا، خصوصًا وأن تلك الدول تملك علاقات واسعة واستثمارات ضخمة في الدولة الإفريقية، وهو ما ظهر واضحًا في تصريحات الفقي بحديثه إلى أحد الأمراء في المملكة العربية السعودية لحثه على "التوسط". وقال علاء الظواهري، عضو اللجنة الثلاثية، إن "مصر تعمل في الملف بحرفية ولديها نماذج وخطط عديدة للتعامل مع إثيوبيا حتى بعد المفاوضات الفنية، لافتًا إلى أن المفاوض المصري أصبح بإمكانه "التنبؤ" بتفكير نظيره الإثيوبي، نظرًا لما مرت به المفاوضات المصرية الإثيوبية من صعوبات". وأضاف الظواهري ل "المصريون"، أنه "كان أمام مصر أن تستغل علاقتها بدول الخليج، لكن شاءت الأقدار بأن تتوتر العلاقات مؤخرًا، لكن في النهاية فإن العلاقات المصرية الخليجية "جيدة"، وبالتأكيد فإن دول الخليج لا تريد شرًا لمصر". من جانبه، أكد الدكتور ضياء القوصي، الخبير في ملف المياه، أنه "إذا كان المفاوض المصري يفكر في الاعتماد على دول الخليج أو غيرها كوسيلة "ضغط" على إثيوبيا، فإن ذلك كان من المفترض أن يتم منذ البداية حينما وضعت إثيوبيا رسومات السد وحددت سعته التخزينية"، لافتًا إلى أنه "لم يتبق أمامنا في المفاوضات الكثير". وأشار القوصي إلى أن مصر تعتمد حاليًا على نقاط محددة في التفاوض الفني ومنها "السعة التخزينية" للسد وتحجيمها قدر الإمكان، إضافة إلى طول الفترة الزمنية في ملئ الخزان، فتلك النقاط، هيّ ما تنظر إليها مصر، وإذا كان هناك ضغوط تمارسها مصر فيجب أن تكون في تلك النقاط تحديدًا. وتسعى مصر إلى استثمار علاقة دول الخليج بإثيوبيا وذلك للضغط على إثيوبيا للاستجابة لها طوال فترة المفاوضات الفنية المتبقية، خصوصًا في الاجتماعين المقررين في إبريل وأغسطس القادمين.