بينت العديد من الدراسات النفسيّة أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين السعادة والعطاء - المادي والمعنوي - فكلما زاد عطاء الإنسان زادت سعادته وكان صاحب نفس سوية. العطاء هو أن تدعم دون طلب، هو أن تكون الظهر والسند، هو أن تبني الروح بالقول السديد والفعل الرشيد، يقول المثل الصيني (اليد التي تقدم الورد لابد أن يعلق بها عبيرها)، والواقع كذلك يُبيّن أن السعادة التي تلحق بمانحها هي أسمى بكثير من التي تلحق بالممنوحة له . وللعطاء أهمية كبرى في حياتنا، فهو يدعم العلاقات، ويُنمي المودات، ويقيل العثرات، ويحفظ الأرواح من التقلبات. فالعطاء تغذية راجعة لصاحبه سريعًا، فثمة شعور داخلي بالسعادة ينتاب الأرواح المِعطاءة، ويبث في عمقها الراحة والسلام الداخلي.
إن العطاء طاقة إيجابية روحية سامقة، يبثها الإنسان فيمن حوله فيستمد منه سعادته، فسعادتهم تجعله يرتقى بنفسه من شوائب النفس الخبيثة وشروها، فالعطاء هبة ربانية وهبها الله لمن أحب من عباده ورزقه نعمة الاستمتاع بها، فهو نقي دائمًا من الطاقات السلبية التي تغزونا من حين لآخر، فإنسان بلا عطاء، أرض بلا ماء.
والعطاء ليس قاصرًا على العطاء المادي فقط، بل هو يشمل العطاء المعنوي النفسي، فعندما تكون بجواري في فرحي وترحي وأرقي وفشلي ونجاحي وإنجازي، هذا عطاء، عندما تُقيل عثرتي، وتستر زلتي، وتُقوي رغبتي، هذا عطاء، عندما تُضمد روحي المجروحة، وتروي تربة أيامي الشقية بكلمة طيبة، فهذا عطاء، فالعطاء المعنوي والنفسي والتدعيم المستمر بلا مقابل هو من أهم صور العطاء المفقود. والعطاء النفسي يقترن بالكلمة الطيبة والفرح والبشاشة، فالبشاشة هي فعل العطاء، والكلمة المحفزة هي وقود مُشتعل مُستعر يأكل كل هشيم اليأس، ويقضي على كل بواعث الإحباط.
«أنت كاتب واعد، وعبقري القلم، وكاتب المستقبل، وأمير الكلمات» كلمات كهذه كانت نقلة نوعيّة في حياتي ربما لم تشعر قائلتها بعظم أثرها ، نعم، هذه الكلمات الطيبة التي تلقيها عليّ من حين لحين الطبيبة والكاتبة المتألقة هند السلمي، هي أشبه بالقذائف النفسية التي تخلصني من مشاق طريقي، هي أشبه بالنهر الجاري على قلبي أستحضرها إذا شعرت بضعف همتي أو انتابني ضيق لصعوبة الطريق، أنهض وأهرول لكي أغسل وجهي من نُعاس الملمات، فهذه القذائف النفسية هي الأسلحة الحية والمتجددة التي أقاتل بها نفسي قبل غيري في ساحات الوغي المُستعر. فالمعززات اللفظية تمنحني طاقة إيجابية خارقة.
"مبدع وشاب عبقري، سترى خيرًا عظيمًا في حياتك، لست مجاملة لك بل أنا قارئة مُتمرسة وخبيرة" فالكاتبة هند السلمي ليست شخصية عادية في مسيرتي، فهي كانت محطة مهمة في دعم أفكاري ومشاربي وتقوية أدواتي، فما تأخرت يومًا عن دعمي في شيء يتعلق بمواهبي بل دائمًا داعمة حيّة مُعززة ومُشجعة مُؤمنة لا مجاملة، مقدرة لا متهاونة. وثمّة حقيقة، عليّ ذكرها، يثق الكثيرون في رأي ( أم فريدة )، وهذه الثقة أفادتني كثيرًا، فالكثير من متابعيها صاروا قرّاء لي ثقة في دعمها.
ولا يفوتني في هذا المُقام، أن أشيد بالدور التدعيمي والتعزيزي الذي يلعبه المستشار محمد القرشي، زوج الدكتورة هند السلمي، فأراه دائمًا مشجًعا ومشاركًا معها في دعمي، بكلماته الطيبة وبتعريفه الدائم بي، وثقته فيّ لا تقلُّ عن ثقتها. وتقديرًا وعرفانًا أقول لكما: شكرًا يا قرشيُّ، شكرًا يا هند!