خلقنا الله تعالى فى هذا العالم لكى نعيش فى حب وعطاء وتكامل... وقد خلق الله العطاء لحكمته سبحانه وتعالى فى استمرار الحياة. فالأم تبدأ بالعطاء بالحب والعطاء الذى فرض عليها منذ لحظة الحمل الأولى، لتعطى جنينها من دمها وعظامها ليتكون ابن فى أحشائها، وهذا عطاء مفروض ومحبب إلى قلب كل أم بلا اختيار بل وبطواعية لحب وعطاء بقوة إلهية.. ثم يصبح ابنا تشارك الأب فى عطاء لتربية معنوية ومادية من حب ومال ولا يطالب الأبوان الابن بأى وفاء لهذا العطاء إلا اللهم كلمة حنان فى الكبر وعطف فى لحظة ضعف يحتاجها الوالدان، ولذلك يوصينا الله تعالى بها فى كتابه الكريم (وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا) صدق الله العظيم. ولم يوص الوالدين بالعطاء لأنه مزروع فى قلبيهما بالغريزة الإلهية. حتى الطيور والحيوانات فإن الله تعالى يزرع العطاء فى قلوبهم، فترى الطائر يستكين ويرقد على بيض ليعيش أبناء له ويرفض الحركة ويضحى بالطيران حتى يفقس بيضا لتستمر الحياة لأبنائه... وهكذا الحيوان. أما عن العطاء فى حياتنا فهو أساس للحب فلا حب دون عطاء، فمن السهل أن نحب ونشعر بهذا الشعور ولكن من الصعب أن نكسب حب الطرف الآخر. حب الطرف الآخر الذى لا يكون اكتسابه إلا من خلال العطاء الذى نعطيه عن رضى وسعادة ودون انتظار لمقابل، والأهم من العطاء هو السعادة بعد العطاء والشعور بسعادة الطرف الآخر الذى استمتع بالعطاء.. الحب هو عطاء والعطاء بلا حساب لاسترداد ما أعطينا أو مقابل له، وبعد عن الأنانية التى لو حملها إنسان سوف لا يعرف المعنى الحقيقى للحب. اللهم أعطنا هبة الحب الذى نعرف معناه بالعطاء والتضحية والبعد عن الأنانية وعن حب الذات التى لو تملكتنا لخسرنا أحب الناس الينا.