خيّم هدوء ملحوظ على طرقات مدينة العريش في شمال سيناء، إثر عصيان مدني، واكبه شلل جزئي في حركة المراجعين للدوائر الحكومية، على خلفية مقتل 10 شباب من المدينة، يتهم الأهالي قوات الأمن بتصفيتهم، عقب اعتقالهم من منازلهم، لاتهامهم بالضلوع في أعمال إرهابية. وجاءت الدعوة إلى العصيان المدني بعد إعلان "اللجنة الشعبية للعريش" الاثنين الماضي، عن أولى خطواتها بالامتناع عن تسديد فواتير الكهرباء والمياه، وعلى أن يتم عقد مؤتمر لكل مدن شمال سيناء يوم 25 فبراير الجاري للنظر في مزيد من الخطوات التصعيدية. وفي ظل تعتيم إعلامي على العصيان المدني هناك، أكد أشرف أيوب القيادي بحركة "الاشتراكيين الثوريين" المقيم في العريش، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الشرطة نشرت المزيد من الكمائن الأمنية في المدينة منذ أمس الجمعة تحسبا للإضراب. ونقلت وكالة "قدس برس"، أن شهود عيان في المدينة أكدوا أن الأجهزة الأمنية والسيادية مارست ضغوطاً شديدة خلال الأيام القليلة الماضية، لإفشال خطوات التصعيد التي قرر أهالي العريش اتخاذها، رداً على الانتهاكات المستمرة وأبرزها قتل 10 شباب بدعوى ضلوعهم في أعمال إرهابية، تبين أن 6 منهم كانوا معتقلين ومختفين قسريًا. ويواكب الاعتصام المدني في سيناء الذي أعرب نشطاء عن توقعهم امتداده لمدن مصرية أخري في ظل استمرار الانتهاكات الحقوقية وارتفاع الأسعار، ذكرى تنحى الرئيس الأسبق حسني مبارك. ويرى مراقبون أن بدء العصيان المدني، يشير لتزايد الغضب الشعبي ضد قوات الأمن، في أعقاب سلسلة من الانتهاكات طالت المدنيين، وأن اتهام الأهالي لقوات الأمن بقتل أبناءهم، يزيد من تعقيد مهام الجهات الأمنية ويضعف موقف الشرطة في مواجهة المسلحين بسيناء. ولا يشمل العصيان أي دعوات للنزول والتظاهر في الشارع بسبب ما يقول الأهالي أنه تقاعس وزارة الداخلية عن معاقبة من تسبب في قتل الشبان، بحسب تصريحات سابقة لعضو اللجنة الشعبية لعائلات القتلى يحي حسين. وترجع حادثة مقتل الشبان، بعدما أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها في 13 يناير الماضي، أنها قتلت 10 من عناصر "جماعة أنصار بيت المقدس" داخل أحد الشاليهات في مدينة العريش، وقالت إن "القتلى نفذوا هجمات ضد قوات الأمن أحدثها الهجوم على كمين المطافئ بداية الشهر نفسه". وتبين بعد إعلان الداخلية بيانا بأسماء القتلى العشرة أن بينهم 6 شبان من أبناء عائلات بالعريش و4 قتلى لم تفصح الداخلية عن أسمائهم حتى الآن. وقال أهالي القتلى الستة أنه ألقي القبض عليهم منذ ثلاثة شهور قبل مقتلهم، وتم احتجازهم دون توجيه أي اتهامات لهم أو صدور أحكام بحقهم. وعقدت عائلات الشبان الستة اجتماعا في العريش السبت 14 يناير الماضي في ديون آل أيوب للنظر في كيفية التحرك بعد الإعلان عن مقتل أبنائهم، واتهام قوات الشرطة لهم بالإرهاب، وشكلت العائلات لجنة شعبية خلال المؤتمر لمتابعة ما يستجد. وقبل إعلان العصيان قالت اللجنة الشعبية لشمال سيناء أن الأهالي رفضوا مقابلة وزير الداخلية، وطالبوا نواب العريش بالاستقالة من البرلمان، وانتقدوا تقاعس النواب وزيادة الإجراءات التعسفية والتضييق على أهل سيناء. كما انتقدت اللجنة، في بيان أصدرته 9 فبراير الجاري، منع السلطات المصرية، لأي مصري لا يقيم بسيناء من دخولها إلا عبر تصريح أمني، وغلق طرق والتضييق على المسافرين، وانتقدت عدم صدور أي بيان من أي جهة رسمية "بتبرئة أبنائنا المقتولين وتقديم قتلتهم للمحاكمة، وعدم الإفراج عن كل المحتجزين قسرياً ممن لم توجه لهم اتهام أو إدانة ولم يقدموا للمحاكمة". وشهدت مناطق شمال سيناء في الفترة الأخيرة، وخاصة مدن رفح والشيخ زويد والعريش، تزايد استهداف الآليات والمواقع العسكرية والشرطية، من قبل جماعات مسلحة، ردًا على استهدافها من قبل الجيش والشرطة، وتعلن جماعات متشددة تنشط في سيناء، بينها "ولاية سيناء" الموالية ل"تنظيم الدولة"، المسؤولية عن كثير من هذه الهجمات.