يُعاني الفلاح المصري من تبعات ارتفاع الأسعار المتزايد كل يوم، وهو ما يجعله يقع دائمًا في قبضة الدولة التي تتحكم فيه يمينًا ويسارًا، كما أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية يرجع في الأساس إلى انحصار الرقعة الزراعية وعدم قدرة الفلاح على زراعة أنواع عديدة من المحاصيل نتيجة لضغوط الدولة عليه. وبشكلٍ أساسي فإن ارتفاع الأسعار يرجع في شق منه إلى المزارع والفلاح، وبالبحث عن أصل المشكلة، فإن الدولة حجمت زراعة محاصيل عديدة ومنها قصب السكر وبالتالي ازدياد أسعار السكر وارتفاع سعره، وكذلك "الأرز" ما أدى إلى ندرته واستبداله ب "المكرونة" في السلع التموينية.
وفي السياق، قال أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة، منير الحسيني، إن التضييق على المزارع والفلاح وحصر زراعة المحاصيل ينعكس سلبيا على السلع الغذائية وتوافرها ويؤدي بكل تأكيد إلى ارتفاع أسعارها، لافتًا إلى أن اتجاه الحكومة للتضييق يجعل المزارعين والفلاحين يتجهون لتبوير الأراضي وتركها.
وأكد الحسيني في تصريح ل "المصريون"، أن هناك سلع عديدة غير متوفرة في الأسواق، إضافة إلى ارتفاع كبير في أسعار المتاح منها، مضيفًا: "يرجع ذلك إلى الأصل، فالدولة حجمت زراعة الأرز في 6 محافظات وبمساحة 700 ألف فدان، وبالتالي فإنها تلجأ إلى استيراد ما تحتاجه من المحصول رغم أنها قادرة على عدم الاستيراد!" وأضاف: السياسة الزراعية الحالية في حاجة إلى نظرة جادة وإعادة ترتيب، لأن الزراعة تتراجع في مصر كثيرًا، نتيجة للإهمال والفساد القوي المنتشر والذي تحاول الدولة حاليًا بأجهزتها أن تستأصله. من جانبه، قال النائب عصام القاضي، إن الزراعة هيّ الحل الأمثل لمواجهة ارتفاع الأسعار خاصة ارتفاع أسعار السلع الغذائية، هو الاهتمام بالزراعة وخاصة زراعة المحاصيل الإستراتيجية، مؤكدًا أن ذلك سوف يزيد المعروض من المنتجات وبالتالي تنخفض الأسعار. وشدد القاضي على ضرورة الاهتمام بالفلاح وتشجيعه على الزراعة عن طريق تخفيض مستلزمات الإنتاج الزراعي التي أصبحت تمثل عبء كبير على كاهل الفلاح مضيفاً أن مصر بلد زراعي ويجب أن تعود لسابق عهدها في مجال الزراعة. وتابع: لابد من وضع خطة لزراعة المحاصيل الإستراتيجية لتجنب نقص السلع الذي يؤدى إلى ارتفاع الأسعار،مؤكداً أن مشروع المليون ونصف فدان والذي أعلن عنه الرئيس السيسى سوف يساهم بشكل كبير فى نهضة الزراعة فى مصر وزيادة مساحة الأراضي الزراعية. وأشار إلى ضرورة الاهتمام بالزراعة بجانب القوانين التي يتم مناقشتها داخل مجلس النواب لحماية المستهلك من الممارسات الاحتكارية وقوانين الحماية الاجتماعية وتنفيذ مقترح تدوين الشركات أسعار المنتجات عليها، بجانب القوانين التي تمنع التعدي على الأراضي الزراعية. وتابع، كل هذه القوانين سوف تساهم بشكل كبير في مواجهة ارتفاع الأسعار الذي يؤثر بشكل كبير على المواطنين وعودة مصر إلى سابق عهدها في الريادة في المجال الزراعي.