أبدى الأكاديمي المصري أشرف دوابة، استياءه من حالة البنوك الإسلامية وفشل تجربتها لأنها "تعج بالفساد وفقهاء المال"، محذرًا أن تكون "ثمرة فاسدة" إن لم يتم المبادرة بإصلاحها, حسب وصفه. وأكد "دوابة"، خلال لقائه مع الإعلامي عبدالعزيز قاسم, أمس الجمعة, عبر برنامجه الأسبوعي "ملفات خليجية" على قناة "فور شباب"، أنه لا يطعن بالتجربة بحد ذاتها والتي لها قيمتها, و"لكن لا بد أن نضع أيدينا على الخلل" واعتبر "دوابة"، أستاذ التمويل والاقتصاد الإسلامي، أن جيل الرواد كانت لهم رؤية معينة في البنوك الإسلامية, وهدفهم الأساسي كان المساهمة في تحقيق التنمية في البلدان الإسلامية إلا أنه لم يتحقق وفشلت في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ووصف دوابة "صالح كامل" رجل الأعمال السعودي ب "المُنظّر الرائع للصيرفة الإسلامية" إلا أنه على أرض الواقع لم يقم بتغيير فعلي، مبديًا تحفظه على رجال الأعمال الرواد كونهم هم أصحاب المصارف والقرار حيث قال "ثبت عندي أن تراخي الملاك هو سبب فساد منظومة المصرفية الإسلامية، وأن هيئات الرقابة الشرعية ضالعة في الجُرم, حتى أصبحت تورث وتحتكر. وذكر دوابة أن الفتاوى الشرعية تصدر بشكل إلزامي, لكن البنوك الإسلامية لا تلتزم بها أحيانا, إضافة إلى أن بعض هيئات الرقابة دورها مغلول ! وأشار إلى أن الكفاءة الشرعية والاقتصادية قديماً كانت هي المعيار, أما حالياً فالمحسوبية والواسطة هي سيدة الموقف, وتساءل دوابة مستنكراً: "متى تنفطم البنوك الإسلامية قاربنا على الخمسين سنة والتجربة من سيئ إلى أسوأ ؟" ولفت إلى أن هناك فرق بين المصارف الإسلامية والقائمين عليها حتى لا تخلط الأمور. وأوضح دوابة أن البنوك نوعان: "بنك يتعامل بالربا صراحة, وآخر يتعامل بالربا متستراً بالحيل الشيطانية "الشرعية"، مضيفًا أن البنوك الإسلامية تستطيع تقديم منتجات متكاملة لكنها تبحث عن الضمان وعدم تحمل أي مخاطر فانتهت وأصبحت صورتها مشوهة, كما أن الصيرفة الإسلامية تحتاج قوانينها الخاصة بها وثقافة العملاء عائق كبير. وفي مداخلة هاتفية مع الدكتور حمزة الفعر الأكاديمي السعودي المتخصص في المصارف الإسلامية أبدى أسفه أن فكرة المصرفية الإسلامية لم تحظ بالتطوير والاهتمام الذي تستحقه. واعتبر أن اتهام الهيئات الشرعية بمحاباة البنوك اتهام خطير جداً, وأنها بشكلها الحالي لا يمكن أن تؤدي المطلوب, مضيفاً أن هيئات الرقابة - كغطاء شرعي- غير كافية للمصرفية الإسلامية, ودورها ليس الفتوى فقط، بل الإلزام بها, مشدداً على وجوب أن تكون الرقابة خارجية مستقلة لا من داخل البنوك الإسلامية. وذكر الفعر أن بداية فكرة البنوك الإسلامية كانت مجرد أمل، وأن ثمة فئة حاقدة لا تريد لها النضج ولا لكل ما له صلة بالتأصيل الإسلامي, مبدياً حاجة البنوك إلى عمل مؤسساتي ومراكز بحثية متخصصة لتطوير المصرفية الإسلامية. وأشار الفعر إلى أن نجاح المصرفية الإسلامية لا يأتي إلا من قوانينها وأطرها الخاصة ، كي لا تكون نسخة من المصارف التقليدية الأخرى. من جهته، قال الكاتب والباحث الاقتصادي العراقي وسام الكبيسي، الذي حلّ ضيفاً آخر في الحلقة ذاتها أن ثمة جانب إيجابي في البنوك الإسلامية بوجود هذه المصارف، أوجدنا فضاءً جديدا لم يكن من قبل. وذكر أن المشكلة تكمن في عدم تبني حقيقي من الحكومات للبنوك الإسلامية وهذا مربك للطرفين, واعتبر أنه و بعد مرور خمسين عاماً من إنشاء البنوك الإسلامية مازلت تدور في حلقة مفرغة بل وتتراجع عن أهداف روادها, ولم تحقق حتى الآن نظرية اقتصادية إسلامية توازي النظريات الغربية. وأشار إلى أن البنوك الإسلامية حصرت أنشطتها في التشغيل البسيط , وتغرر بالعملاء وتتوسع بالإقراض وهذا مخالف لمقاصد الشريعة, ولا تعمل باتجاه تحقيق مقاصد الإسلام بل أغفلت خلق الفرص وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي. مؤكداً على أهمية وضع قوانين خاصة للمصرفية الإسلامية, وأضاف الكبيسي أن الربا يؤدي دائماً إلى أزمات اقتصادية كبرى تكون مسبوقة بأزمات تمويلية, كما أن العالم على مشارف أزمة عالمية اقتصادية, منوها بأهمية انتهاز هذه الفرصة بتقديم أنموذج للعالم يتجاوز به الأزمة المقبلة.