"الجوع يهز أوصال فنزويلا".. فتفاقم الأزمة الاقتصادية فى فنزويلا ومعاناة مواطنيها جراء زيادة التضخم وما فعله الفقراء المهمشون هناك بحسب "نيويورك تايمز"، جعل بعض المراقبين يحذرون من تكرار هذا السيناريو فى مصر، خاصة أن الدوافع التى جعلت الشعب الفنزولى يثور بطريقة تبدو مقلقة تتشابه فى الكثير منها بما يحدث فى مصر. فارتفاع الأسعار التى تشهدها مصر وانعدام الطبقة المتوسطة فى الفترة الراهنة، جراء سياسات النظام السياسى الحالي، والتى عُرِفت بالإجراءات الاقتصادية القاسية كتحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن الوقود وزيادة الضريبة الجمركية على جميع السلع ورفع الخدمات الحكومية، أثار خوف البعض من أن تواجه مصر ما تواجهه فنزويلا حاليًا.
وتعانى فنزويلا، من أزمة اقتصادية خانقة، رغم امتلاكها أكبر احتياطات نفطية فى العالم، وذلك لارتفاع معدل التضخم، بسبب الانخفاض الحاد فى أسعار النفط، الذى يمثل 96% من إيراداتها، والتى دفعت ملايين الفنزويليين للاستغناء عن وجبات طعامهم، والتخلى عن المعالجة الطبية المكلفة.
وفى ظل الركود والتدهور الاقتصادى الذى تشهده البلاد، أصبح سكان فنزويلا عاجزين حتى عن الحصول على المواد الغذائية المدعومة حكوميًا، حيث بات كيس الرز يكلّف أحيانًا عشر الدخل الشهرى للمواطن.
ليس هذا فحسب فقد نقلت "نيويورك تايمز" عن أن الهجمات تتوالى على شاحنات نقل السلع الغذائية فى فنزويلا، ولذلك تقوم فرق شرطة مسلحة بحراسة هذه الشاحنات، كما يحرس الجنود المخابز، وتطلق الشرطة أعيرة مطاطية على أشخاص بائسين ينقضون على متاجر الخضر والبقالة واللحوم والصيدليات، وسُجلت خلال أسبوعين أكثر من 50 حركة شغب كبيرة ومتوسطة من أجل الغذاء.
فى هذا السياق، حذر الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، من تكرار ما يحدث فى فنزويلا من ثورة الفقراء المهمشين فى مصر.
وأضاف عبدالمجيد، فى مقال له جاء بعنوان "الفقراء المهمشون لا يثورون.. فماذا يفعلون؟" قائلا: "الآثار المترتبة على ازدياد معدلات التضخم هو: ما الذى يحدث فى هذه الحالة، وهل يبقى الوضع ساكناً ما دام الفقراء لا يثورون، وكيف يكون الحال عندما ينفذ صبرهم مع استنفاذ آخر أمل فى أن يجدوا ما يسد الرمق بصعوبة أقل، وليس بسهولة أكثر؟ وينطوى هذا السؤال على أهمية قصوى اليوم لأن الجواب الخاطئ عنه, من نوع أنهم مستعدون لتحمل آلام فقر تشتد ضراوته دون أن يعرفوا له نهاية, قد يقود إلى عواقب وخيمة, وربما يؤدى إلى اضطرابات خطيرة منبتة الصلة بثورات الطبقة الوسطى السلمية ذات الصبغة الحضارية".
وربط نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بين ما يحدث فى فنزويلا وما يمكن حدوثه فى مصر، حالة استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه قائلا: "ونجد إجابة مستمدة من الواقع عن هذا السؤال فيما يحدث فى فنزويلا الآن، ويعبر عنه مشهد مؤلم وخطير، عسى أن يستوعب صانعو السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية ما ينطق به لكى نتجنب كارثة مشابهة".
واستشهد بما نقلته بعض الصحف العالمية عن الأزمة فى فنزولا، قائلا: "اقتحم مئات من الأشخاص فى مدينة كومانا سوبر ماركت كبيرا بعد أن خلعوا بوابة معدنية ضخمة ودخلوا، وتنازعوا كل ما وقع تحت أيديهم، وخلفوا وراءهم ثلاجات مهشمة ورفوفا مقلوبة رأساً على عقب، وسُجلت خلال أسبوعين أكثر من 50 حركة شغب كبيرة ومتوسطة من أجل الغذاء، فضلاً عن أعمال سرقة ونهب لا تُحصى فى أنحاء دولة لديها أحد أكبر الاحتياطات النفطية فى العالم".
واختتم مقاله قائلا: "فهل نستوعب ونعى ونكف عن الاستهانة بالأخطاء القاتلة فى السياسات الراهنة، وبالأخطار الناتجة عن تفاقم معدلات التضخم وازدياد الضغط على الفقراء، وهل ندرك أن من لا يعرفون كيف يحتجون سلميا، أو توصد أبواب مثل هذا الاحتجاج فى وجوههم، يصبحون قنبلة قابلة لانفجار لا يريده أحد؟".
من جانبه، رأى الكاتب الصحفى عبدالحليم قنديل، أن الوضع فى فنزولا يختلف عن الوضع فى مصر من الناحيتين السياسية والاقتصادية، موضحًا أن زيادة التضخم وصلت إلى 100 % فى فنزولا، مستبعدًا فى الوقت ذاته أن يحدث هذا فى مصر.
وأضاف قنديل ل"المصريون"، أن فنزولا تعتمد اعتمادًا كليا على البترول الذى يمثل 96% من إيراداتها وما يحدث بسبب الانخفاض الحاد فى أسعار النفط، مشيرا إلى أن أمريكا حريصة على إسقاط أى دولة من شأنها تهديد أمنها الاقتصادي، وهو ما حدث فى البرازيل ويحدث الآن فى فنزولا.