ماذا أصابنا؟ كيف نواصل السير على الطريق الذى رسم بدقة وعناية فائقة لإسقاط مصر، ونحن معصوبو الأعين ومكبلو الأيدى ورافعون راية الاستسلام دون أدنى مقاومة.. فقد استبشرنا خيرًا بمصر جديدة بعد ثورة يناير ثم وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم وسقوط رءوس الأنظمة الفاسدة، ولكن رغم كل هذا لا يزال الشعب المصرى يسير إلى حافة الهاوية والانهيار، فقد تغيرت الأسماء ولم تتغير النفوس, وأصبحنا نهرول خلف الجهلاء ونتشدق بكلمات لا نعرف معناها, ووصلنا إلى مرحلة خطيرة فى الانحدار السلوكى والأخلاقى وأصبحنا مثل المرضى النفسيين لا نعرف الطريق الصحيح، ونهيم على وجوهنا فى الأرض, لقد قطعت أوصال الوطن بفضل "الإعلام الفاسد المأجور" الضال المضل الذى يخرجنا من فتنة إلى أخرى ومن ظلام إلى ظلمات ومن هم إلى هموم, كل هذا نتيجة غياب الانتماء ولن تعود إلى مصر طبيعتها وموقعها ودورها إلا بعد مصالحة وطنية شاملة فلم نجد أحدًا من العقلاء سواء سياسيًا أو إعلاميًا طرح مبادرة المصالحة الوطنية, فالشقاق والجدل يخلق التشتت والتشرذم والفرقة وهو ما يحدث على أرض الواقع ومبادرة المصالحة لابد وأن تبنى على أسس وشروط واضحة، أهمها عودة الحقوق إلى أصحابها ثم إغلاق صفحة الماضى تمامًا بكل ما فيه من سلبيات أو ايجابيات، وأن نبدأ صفحة جديدة تحكم بضوابط الكل فيه سواء وأن يختفى من حياتنا التلاسن والتراشق والأقوال الخارجة. لابد أن نتكاتف تكاتفًا حقيقيًا للوصول إلى البداية الصحيحة، والابتعاد عن الانزلاق نحو الهاوية, كل شىء بعد الثورة يسير بعشوائية منظمة له هدف معين وهو إسقاط مصر وخلق جو من الفوضى بمساعدة الإعلام حتى وصول الإسلاميين إلى البرلمان وتأسيسية الدستور وفتح باب الانتخابات الرئاسية, كل هذا لم يجرنا إلى الطريق الصحيح, و خير دليل على العشوائية منقطعة النظير الترشح لرئاسة الجمهورية, فقد صحونا فجأة من النوم لنرى أن كل المصريين يصلحون لمنصب الرئيس, وهذا العبث لغياب ضوابط الترشح ما جعلنا مادة للتندر والتهكم بالصحافة العربية والعالمية حيث أفردوا تقارير عن السائق والسباك والحشاش والبلطجى والقهوجى وعاملة النظافة الذين يرغبون فى الوصول إلى حكم مصر. العشوائية تخلق الفوضى التى تهدر الحق وتعيد مشهد الغاب إلى أذهان الناس, كل شىء فى مصر يمشى نحو الطريق المرسوم إلى إسقاط الدولة, وحتى نخرج من كل تلك المهاترات لابد وأن نعيد تنظيم حياتنا بطريقة قويمة تستند على قانون الحقوق والواجبات يعلم من خلاله كل مصرى ما له من حقوق وما عليه من واجبات وتطبق بطريقة صارمة ومن يخرج عن القواعد يحاسب حسابًا شديدًا لا هوادة ولا هوان فيه. وليكن الإعلام أول من نبدأ به لإعادة ترتيب البيت المصرى لأنه من يقود الرأى العام ويخلق الفكر الهدام والبناء, ولن نستطيع إعادة الإعلام إلى الطريق الصحيح من دون هيكلة حقيقة وإخضاع كل المواد الإعلامية لميثاق شرف إعلامى تعمل به كل المؤسسات الإعلامية الخاصة والحكومية, يصاغ هذا الميثاق بواسطة فقهاء فى القانون والإعلام وبعدها نكمل إعادة ترتيب مصر بطريقة سليمة .