أن يترشح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية فهذا حق كفله له الدستور مثل كل مصرى, لكن أن يكون الترشيح من جماعة الإخوان المسلمين التى أعلنت عقب تنحى مبارك أنها لن ترشح إخوانيًا على منصب رئيس الجمهورية، حتى أنها فصلت القيادى البارز بها د.عبد المنعم أبو الفتوح, بل خرجت تصريحات للجماعة وحزبها تؤكد عدم دعم الإخوان مرشحًا إسلاميًا للرئاسة. صدقنا الإخوان عندما أكدوا عدم خوضهم انتخابات الرئاسة, وأذكر أننى تحدثت مع قيادة إخوانية بارزة عن أسباب عدم رغبة الإخوان فى ترشيح إخوانى للرئاسة, فقال إن الجماعة ترغب فى طمأنة الغرب, وطمأنة المجلس العسكرى وقطاعات كبيرة من الشعب, لذلك رفعنا شعار مشاركة لا مغالبة. كل يوم تسير جماعة الإخوان على تصريحاتها السابقة (بأستيكة) مثلما فعل السادات مع مسيرة عبد الناصر, وإذا كانت حجة الإخوان فى ترشيح الشاطر بعدم وجود المرشح الكفء للمنصب بين المرشحين, فإننا لن نندهش إذا رشح المجلس العسكرى أحد أعضائه لرئاسة الجمهورية ليصبح عندنا مرشح عسكرى أيضًا. تتملك جماعة الإخوان رغبة محمومة ومتعجلة للسيطرة على كافة مؤسسات الدولة, فبعد رئاستهم للبرلمان وتأسيسية الدستور فإنهم راغبون فى رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية, أى السيطرة على كافة مفاصل الدولة, لذا كانت محاولتهم فرض أتباعهم والموالين لهم على رأس المؤسسات الصحفية القومية، لكن رد فعل الجماعة الصحفية دفعهم لتأجيل القرار. فور تنحى الرئيس السابق كانت رسائل الإخوان للقوى السياسية وللمصريين تتسم بالانضباط وتؤكد رغبة الجماعة فى أن تضع يدها فى يد الجميع لبناء مصر, حيث لايمكن لفصيل واحد أن يبنيها مثلما قالوا (راجع تصريحات المرشد العام ورئيس حزب الحرية والعدالة وبعض قادة الجماعة), ومع مرور الوقت تغيرت لغة الخطاب. لا اعتراض عندى على رغبة الإخوان فى تولى المناصب الكبرى بالدولة طالما احتكم الجميع للصندوق الانتخابى لكن نتحفظ على تراجع الإخوان عما قالوه والتزموا به, والسؤال: لماذا ألزموا أنفسهم بعدم ترشيح إخوانى ثم تراجعوا عن ذلك؟, وهل يمتلكون شجاعة الاعتراف بالخطأ تجاه عبد المنعم أبو الفتوح, وإذا كانت عندهم الرغبة فى ترشيح أحد قيادتهم لرئاسة الجمهورية، فلماذا لم يدعموا أبو الفتوح, وهل بعد ترشيحهم للشاطر سوف يعيدون حسباتهم تجاه أبو الفتوح وبقية القوى السياسية. الإخوان الآن فى مفترق طرق, فإذا كنا نأمل بمسئولية حزب الأكثرية فى جمع شمل القوى السياسية والترتيب لإنهاء الفترة الانتقالية ثم الخروج بدستور يضم طوائف الأمة, فاجأنا الإخوان بمحاولتهم التهام التورتة كاملة, لم يختلف الإخوان كثيرا عن الحزب الوطنى الذى سقط هو ونظامه بعد أن أراد الاستئثار بالسلطة كاملة فى برلمان 2010. تصريحات المرشد عن خيرت الشاطر وتحذير معارضيه من انتقاده لأن دعوته مستجابة, كانت خارج السياق, فالجماعة ترشح بشرا وليس نبيا مرسلا, ثم بمجرد إعلان الجماعة ترشيحها للشاطر فقد أصبح شخصية عامة من الممكن أن تتولى أرفع منصب بالبلاد, فكيف يحجر المرشد وجماعته حق الآخرين فى انتقاد الشاطر, ثم إذا كانت القصيدة وهى فى بدايتها بهذا الشكل, حيث الشاطر مجرد مرشح رئاسى قد ينجح أو لاينجح, فماذا سيكون رد فعل الجماعة تجاه منتقدى الشاطر إذا أصبح رئيسا؟ هل سنحيا فى ظل الدولة الدينية طالما استمر الإخوان فى السلطة, وهل أشعل المصريون ثورتهم ليلتهم فصيل سياسى واحد كعكة السلطة ثم ينزل علينا من السماء مرشح مختار, ماهذا الخلط والتلاعب بين الدين والسياسة. خسائر الإخوان أكثر من مكاسبهم بخطوة ترشيح الشاطر للرئاسة. [email protected]