مباشرة.. وبصراحة نحن فى أمس الحاجة لإعمال العقل قبل أن نفقد تعاطف القريب والبعيد. وأول العقل أن نعترف أن مصر فى وضع "صعب وقاسٍ وحرج" على أصعدة عديدة أمنية، واجتماعية، وسياسية، واقتصادية.. والأخيرة هى بيت القصيد اليوم؛ فهل اقتصادنا تم تدميره على يد نظام مبارك؟.. نعم. وهل ثروات مصر جرى "تجريفها" بأيدى رموز النظام السابق؟.. بالتأكيد. وهل هناك رجال أعمال لصوص "نزحوا" أموال الشعب وهربوا؟، بلا شك، وهناك "مستثمرون" غير مصريين، شاركوا فى نهب أموال مصر، بعضهم طمعًا فى الغنيمة واستغلالاً لمناخ الفساد السياسى والاقتصادى؟، لا أحد ينكر ذلك. ولكن فى المقابل هناك رجال أعمال مصريون شرفاء يتقون الله ويتحرّون المكسب الحلال، وهناك مستثمرون عرب وأجانب "اضطُروا" للتعامل مع النظام الفاسد وتلبية مطالب "الفاسدين" من رموزه؛ حتى لا تُغلَق مصانُعهم، وتدمَّر مشاريعهم، ويشرد مئات الآلاف من المصريين العاملين فيها، لينضموا إلى قوافل العاطلين. وهذه الفئة الأخيرة من المستثمرين العرب والأجانب، هى ما أعنيهم اليوم، وهم مَن يجب أن نطمئنهم إلى أنهم لن يدفعوا ثمن وجود نظام فاسد ، حكم مصر طوال 30 عاماً، وهم مَن يجب أن "نتصالح" معهم، ونشجعهم على إبقاء استثماراتهم فى مصر، والتوسع فيها لإيجاد فرص عمل جديدة، وما لم يتم "إيجادها" فستحدث كارثة لا مناص منها، وستنفجر "قنبلة" البطالة فى وجوهنا جميعاً. وفى دراسة عن الأوضاع الاقتصادية فى مصر للخبير الاقتصادى أحمد آدم، قال: "إن الانخفاض فى حجم الاستثمارات الأجنبية بلغ درجة غير مسبوقة، حتى وصل بنهاية العام الماضى إلى 2.2 مليار دولار بعد أن كان منذ 3 سنوات فقط بحدود 13 مليار دولار، وكان أغلب هذه الاستثمارات قادم من دول أوروبا، وليس من دول عربية شقيقة كما كان شائعاً؛ إذ بلغت الاستثمارات المباشرة القادمة من أوروبا فى 2010، 6.1 مليارات دولار، تشكل 63.5 % من إجمالى الاستثمارات التى دخلت فى هذا العام والبالغة 9.6 مليارات دولار"، أى أن الاستثمارات الأوروبية كانت الأساس، وبالطبع لن يُبقى الأجانب - غرباً.. وعرباً - أموالهم فى بلد يعانى مما تعانيه مصر الآن. وهؤلاء يجوز معهم التصالح، والتفاهم، والتراضى، وهناك العديد من الفتاوى تجيز ذلك للدكاترة: محمد فؤاد شاكر، وسعاد صالح، وجعفر عبد السلام وحتى فضيلة المفتى د.على جمعة. ولكن تجب التفرقة التامة بين هؤلاء المستثمرين، وبين "الحدايات" التى هجرت مصر، حاملة بين مخالبها "الكتاكيت" و"الأرانب" و"الأفيال" بالعشرات والمئات، وحطّت رجالها فى أوكار الفساد المالى، والملاذات الآمنة للسياسيين الفاسدين، و"لصوص" الأعمال، وعاصمتها "لندن" التى تضم وحدها قرابة 30 سياسياً ورجل أعمال مصرياً هارباً بما حمل.. و"حوّل" و"هرّب"! وهؤلاء اللصوص والفاسدون الهاربون يجب ألا تأخذنا بهم شفقة ولا رحمة، وعلى أجهزة الدولة أن تبذل قصارى جهدها لإعادة ما سرقوه ونهبوه من أموال الشعب المسكين، وهذا العمل الوطنى أمانة فى عنق وزارتى الخارجية والعدل، ولنكشف للعالم أجمع سوء أفعالهم.. ولنفضح للدنيا كلها الأنظمة التى تدَّعى الديمقراطية والحرية وحماية حقوق الإنسان.. ثم تحمى الفاسدين والمجرمين واللصوص من تطبيق العدل والحق، وعيونها على أموالهم الحرام التى تملأ بنوكهم. فاللهم زِدهم "ضباباً" على "ضباب".. وألهِمْ ولاة أمورنا عين الصواب.. وأذقِ الفاسدين صنوف العذاب.. وحمى الله مصر وشعبها من كل سوء. حسام فتحى [email protected]