هل أصبح من حقى كمواطن مصرى أن أحلم حلمًا صغيرًا هو حلم غالبية المصريين إن لم يكن جميعهم بعد مضى أكثر من عام على الثورة المصرية، عام مضى بحلوه ومره علينا جميعًا ملىء بالأحداث والمفاجآت والأسرار التى مازالت تتكشف يومًا بعد يوم، الكثير منها لم نكن نحلم بأنه سيتحقق رغم أمنياتنا الكبيرة وتمنياتنا المستمرة ودعائنا لله أن يتحقق وقد تحقق جزء منه ومازال الباقى منه لم يتحقق بعد، لدى حلم كبير لبلدى أن ينهض ويصبح فى مصاف الدول الكبرى لأن ما به من إمكانيات يؤهله لذلك وسريعًا جدًا، لدى أولادى أحلامهم الصغيرة التى هى بمثابة حقوق فى كثير من الدول، ويحضرنى هنا وفى هذه اللحظة وعندما كنت طالبًا للدكتوراه فى ألمانيا وكان زميلى الألمانى فى معمل الأبحاث خاصتنا، متبرمًا ومضجرًا ذات يوم وسألته ما الأمر فأجابنى بأن الوضع بالنسبة لهم أصبح صعبًا لأنه يريد ولاحظ هنا يريد ولا يحلم بأن يكون له بيت جديد وسيارة جديدة غير التى يركبها وكان عمره فى ذلك التوقيت 23 عامًا وقد اندهشت من الأمر إذ كيف لشاب فى الثالثة والعشرين أو الرابعة والعشرين من العمر أنه يريد كل هذا وبهذا الإصرار والجدية ومضت بنا الأيام وكان حلمنا نحن الشباب فى هذا التوقيت ليست سيارة جديدة ولا بيتًا فاخرًا ولكن كانت أحلامًا كل منا فى شقة صغيرة يبدأ بها حياته ومرت الأيام والسنون واكتشفنا أنه لا مجال ولا فرصة لتحقيق أى من هذه الأحلام فى ظل نظام متكلس ومتحجر حتى فى مشاعره تجاه خيرة شباب هذا الوطن وبدأ كل منا رحلة البحث عن المتاعب والمكاسب فمنا من هاجر بغير رجعة ومن عاد بعد غربة طويلة لارتباطه بهذا الوطن ومنا من لم يغادر من الأساس أما لقلة حيلة أو لأنه ارتبط بهذا الوطن ولم يفكر أن يتركه. لدى حلم أن يحقق المبدعون من شبابنا إبداعاتهم فى بلدهم وأن يروا إنجازاتهم تتحقق أمام أعينهم لا أن تظل حبيسة الأدراج أو يأخذونها ويرحلون بها إلى الخارج كما فعل أسلافهم، لدى حلم أن تتحقق العدالة وأن تنتهى الرشوة والمحسوبية والفساد وأن يوضع الرجل المناسب فى المكان المناسب، من حقنا جميعًا أن نحلم بأن تكون شوارعنا نظيفة وجميلة وأن يكون المرور فيها منتظمًا، من حقنا أن نحلم وأن نعمل على تحقيق أحلامنا معًا. لدى حلم ألا يسير أولادى وشباب هذا الجيل نفس الخطى التى مشيناها إجبارًا لا اختيارًا، لدى حلم أن يجد أولادى ما يحتاجونه فى بلدهم حتى لا يجبروا على تركه، لدى حلم أن يعيش شبابنا وما تبقى لنا من عمر فى حياة حرة كريمة، لدى حلم أن يكون ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، لدى حلم أنه عندما يذهب أى مواطن إلى قسم الشرطة يجد ضابط القسم بشوشًا يعامله بكرامة لا يستقبله بعبوس وباشمئزاز ويسمعه ما لا يحب من قاموس الشتائم ويتركه لأمين شرطة يؤمر فينفذ ومخبرين ينهالون عليه بالسباب وضربًا وركلاً حتى يجعله يكره اليوم الذى قاده إلى قسم الشرطة سواء كان جانيًا أم مجنيًا عليه. لدى حلم أن يسير كل مواطن فى هذا البلد آمنًا فى الشارع لا يتهدده أو يضايقه أحد وآمنًا فى بيته لا يتعرض له أحد أو يسطو عليه مجرم أو بلطجى محترمًا فى عمله لا يتعرض لغبن أو ظلم من رؤسائه أو زملائه، وأن يسود العدل والمساواة فى هذا الوطن لا يهدد أحد أحدًا كائنًا من كان، لدى حلم أنه لا يوجد فقير أو محتاج فى هذا الوطن وأن يكون كل الناس لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات. لدى حلم ألا يوجد فى هذا البلد فاسد واحد سواء كان وزيرًا أو رئيسًا أو مديرًا أو ضابطًا أو مدرسًا أو قاضيًا أو عضو هيئة تدريس أو طبيبًا أو عاملاً فى مصنع أو أى مهنة أخرى أو رجل أعمال أو موظفًا أو فلاحًا لأن فساد أى عنصر من هؤلاء سيؤدى بنا إلى مزيد من الخراب والدمار ويعيدنا إلى ما قبل الثورة. جميعنا لدينا أحلام مشتركة وهواجس مشتركة وتوجهات مختلفة هذا يمينى وهذا يسارى أو ليبرالى أو إسلامى أو مسيحى ولكن فى النهاية يضمنا وطن واحد نتقاسم جميعًا كل أحلامه ويجب أن نعيش فيه ونحافظ عليه وننهض به كى نستحقه ونستحق أن يحمل كل منا اسمه هذا الوطن الغالى هو مصر التى فى خاطرنا جميعًا. [email protected]