قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية, إن الحكومة المصرية تجاهلت الرفض الشعبي لاتفاقية نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية, وأصرت على إرسالها للبرلمان للتصديق عليها. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 30 ديسمبر, أن احتجاجات واسعة خرجت في إبريل الماضي عقب التوقيع على هذه الاتفاقية, فيما حصلت القاهرة حينها على مساعدات اقتصادية كبيرة من السعودية. وتابعت "في يونيو الماضي, قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ببطلان الاتفاقية, كما أجلت المحكمة الإدارية العليا البت في الاتفاقية إلى جلسة 16 يناير المقبل، إلا أن الحكومة لم تنتظر أحكام القضاء, وأرسلت الاتفاقية لمجلس النواب للتصديق عليها". واستطردت الصحيفة "السيناريو المتوقع أن تؤدي خطوة الحكومة المصرية إلى اندلاع احتجاجات جديدة في البلاد, على غرار ما حدث في إبريل الماضي". وكانت صحيفة "العرب" اللندنية وصفت أيضا خطوة إقرار الحكومة المصرية لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية الخميس الموافق 29 ديسمبر، وإحالتها إلى مجلس النواب بعد نحو ثمانية أشهر من توقيعها في القاهرة, ب"المفاجئة". وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطوة المفاجئة تعكس تقاربًا خلف الكواليس بين مصر والسعودية بعد أشهر من خروج خلافاتهما إلى العلن، إثر إلغاء شركة أرامكو السعودية شحنات نفط كان مقررا إرسالها إلى مصر. ونقلت الصحيفة عن مراقبين قولهم إن سلسلة من المشاورات والزيارات السرية بين البلدين أثمرت على ما يبدو حلحلة للأزمة. وكانت تقارير صحفية تحدثت عن زيارة سرية قام بها مسئولون سعوديون كبار إلى القاهرة خلال الأيام الماضية. وشهدت الأزمة بين البلدين وساطة دول عربية رئيسية ساهمت في تمهيد الطريق لهذا التقارب الذي لم تسبقه أي مؤشرات، وحافظ الجانبان على سرية كبيرة إلى حين الإعلان عن خطوة إقرار الاتفاقية. وحسب الصحيفة "سيكون على النظام المصري التعامل مع غضب شعبي من المتوقع أن يتصاعد, على وقع إرسال الاتفاقية للتصديق عليها في مجلس النواب". وأشارت إلى أن خطوة الحكومة المصرية جاءت بعد أشهر من "معارضة شرسة" في شوارع القاهرة، انتقلت إلى أروقة القضاء. وتنقل الاتفاقية تبعية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر إلى السعودية. وفي يونيو الماضي قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ببطلان الاتفاقية التي قال معارضون إن القاهرة توصلت إليها مع الرياض لتستمر مساعدات مالية ونفطية كبيرة كانت المملكة تقدمها لمصر منذ عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي في منتصف 2013. وتضمن حكم محكمة القضاء الإداري استمرار الجزيرتين ضمن "حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما وحظر تغيير وضعهما بأي شكل أو إجراء لصالح أي دولة أخرى". واستأنفت الحكومة الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التي حجزت الاستئناف للحكم في جلسة 16 يناير المقبل. وتصبح الاتفاقية سارية المفعول بمجرد التصديق عليها في البرلمان، لكن النزاع يظل قائما إلى حين إصدار المحكمة الإدارية العليا حكما نهائيا لا يقبل الطعن عليه. واعتبر المحامي خالد علي، أحد مقيمي الدعوة للمطالبة بإلغاء الاتفاقية، قرار الحكومة "باطلا قانونياً", وقال في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية إن "هناك حكم قضائي ببطلان الاتفاقية صادر من محكمة مجلس الدولة، وهناك قرار برفض استشكال الحكومة لوقف تنفيذ هذا الحكم". وتابع "هناك جلسة ستنعقد يوم 16 يناير المقبل لإصدار الحكم النهائي، واستباق الحكم بإحالة الاتفاقية للبرلمان تجاوز لحكم المحكمة". وأضاف خالد علي "إحالة الاتفاقية للبرلمان بمثابة انتحار سياسي للحكومة، وهدم لأركان الدولة القانونية، وهو قرار خاطئ سياسياً وقانونياً ودستورياً، والأمر متروك للشعب للدفاع عن أرضه". وتخشى أصوات من المعارضين للاتفاقية داخل البرلمان من سرعة تمريرها على الجلسة العامة بعد إرسالها للّجان الفرعية، بحيث تُمرر قبل صدور حكم المحكمة الإدارية العليا الذي يجعل الحكم وعدمه سواء، فتتحول الاتفاقية عند موافقة البرلمان إلى قانون يكون التحرك ضده أمام المحكمة الدستورية العليا لا أمام مجلس الدولة وقضائه الإداري.