محافظ المنوفية يلتقي وفد وزارة البيئة للتعاون في مجال المخلفات الصلبة    القصف لا يتوقف.. مجزرة جديدة للاحتلال قرب مركز للمساعدات في غزة    وزیر الخارجیة يؤكد مع نظيريه العماني والإیراني أولوية تحقيق التهدئة ومنع التصعيد بالمنطقة    إسرائيل تصادر 800 دونم من الأراضي الفلسطينية وسط الضفة الغربية    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر رغم العقبات    تنفيذا للتوجيهات الملكية.. وصول دفعة جديدة من أطفال غزة لتلقي العلاج في الأردن    محافظ بني سويف ووكيل التعليم يناقشان خطة وزارة التعليم بشأن امتحانات الثانوية العامة 2025    إصابة طالبة بطلق نارى بالبطن نتيجة عبث شقيقها بالسلاح الناري بدار السلام بسوهاج    إعدام مدير شركة قتل زوجته لشكه في سلوكها بمدينة نصر    "ستظل بيننا مشاعر الحب والاحترام".. بشرى تعلن طلاقها من خالد حميدة    الصحة: ميكنة 11 مركزًا لخدمات نقل الدم القومية وتعزيز البنية التحتية    وزير الزراعة يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات بفرنسا    الرئيس السيسي يتابع معدلات تنفيذ مشروعات المرحلة الأولى بمبادرة «حياة كريمة»    المصريون سحبوا 26.57 مليار جنيه من ماكينات ATM بالبنك الأهلي في 9 أيام    كيا مصر تحذر المقبلين على الشراء من هذه السيارات.. التفاصيل    بني سويف تستقبل 12 زائرا ضمن فوج من السياح الألمان فى جولة على الممشى السياحى    توقيع بروتوكول رباعي جديد لمبادرة «ازرع» لتحقيق الأمن الغذائي المصري    «كادوا أن يتسببوا في كارثة».. «عفاريت الأسفلت» في قبضة الشرطة    تقبل طلاب الثانوية علمي.. 10 معلومات عن كلية علوم التغذية 2025    "حماة الوطن": نواصل اختيار المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ المقبلة    بعد صدوره رسميا، تعرف على عقوبة إصدار الفتوى الشرعية بالمخالفة للقانون    الأونروا: أكثر من 2700 طفل في غزة أصيبوا بسوء تغذية حاد    أوكرانيا تستقبل جثث نحو ألف جندي من روسيا    سيميوني: بطولة مونديال الأندية أشبه بكأس العالم وندرك معنى تمثيل إسبانيا بها    مصدر بالزمالك يرد على تصريحات زيزو وتبريرات اللاعب بشأن انتقاله للأهلي    "تذاكر مجانية ومخفضة للطلاب".. فيفا يحفز الجماهير لمباراة الأهلي وإنتر ميامي بافتتاح كأس العالم للأندية    مانشستر سيتي يعلن ضم الهولندي رايندرز لمدة 5 سنوات    تقرير: النصر يسعى لضم مدافع بايرن    «تدخل الأمن أنقذني».. أول تعليق من حسام البدري بعد الاعتداء عليه في ليبيا    كرة السلة.. الاتحاد السكندري يواجه بترو دي لواندا بنصف نهائي ال «BAL 5» الليلة    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات وأعمال التطوير بكلية التربية النوعية    وزير الري يشارك في احتفالية انطلاق "البرنامج الهيدرولوجي الدولي" بباريس    فتح التقديم لمسابقة إيفاد الأئمة والقراء والمؤذنين إلى الخارج    الحج السياحي 2025.. جهود الجميع نجحت في حل أي مشاكل طارئة بسرعة واحترافية    صباح تقتل عشيقها في الشارع بعد نشره صورها العارية: "خلّصت البشرية من شره"    محافظ المنوفية يتفقد تطوير مدخل شبين الكوم الجديد والكورنيش القديم    «المشروع X» يحتل صدارة الإيرادات ويتفوق على «ريستارت»    قصور الثقافة تعرض «بيت العز» بكفر الشيخ ضمن مشروع المسرح التوعوي    التفاصيل الكاملة لمسلسل «ابن النادي» بطولة أحمد فهمي    مش بس بالفلوس.. تعرف على أكثر 5 أبراج كرمًا فى كل شيء    بن غفير يقتحم المسجد الأقصى برفقة كبار ضباط الشرطة الإسرائيلية    الفنان محمد ثروت يدعو لشفاء آدم تامر حسني .. اللهم متّعه بالصحة والعافية    المفتي الأسبق يوضح مراحل طلب العلم    «الزراعة» تبحث زيادة فرص الاستثمار بالدول الأفريقية    متحور نيمبوس.. سريع الانتشار وأقل خطورة    مركز أورام سوهاج ينجح في إجراء جراحة دقيقة لسيدة    اعتماد وحدة التدريب ب"تمريض الإسكندرية" من جمعية القلب الأمريكية- صور    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    حالة الطقس اليوم في الكويت.. أجواء حارة ورطبة نسبيا خلال ساعات النهار    دموع الحجاج فى وداع مكة بعد أداء المناسك ودعوات بالعودة.. صور    لجنة تخطيط الزمالك تسلم جون إدوارد ملف الصفقات والمدير الفنى    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص أعلى كوبري قها بالقليوبية    عريس متلازمة داون.. نيابة الشرقية تطلب تحريات المباحث عن سن العروس    يحيى الفخراني يكشف سر موقف جمعه بعبد الحليم حافظ لأول مرة.. ما علاقة الجمهور؟    5 أطعمة تقوي قلبك وتحارب الكوليسترول    تعرف على آخر تطورات مبادرة عودة الكتاتيب تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موقف البابا شنودة الثالث من الثورة المصرية

رغم أن وسائل الإعلام المصرية قد راحت تقيم منذ مساء السبت 17 مارس 2012 سرادقات للعزاء حزناً على وفاة البابا شنودة الثالث، أسقف كنيسة الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ورغم مبارزاتها ومباهاتها بعنتريات الرجل ومغامراته، ورغم أننا نتفهم أن مصدر هذا الحزن غير مبرأ، بل "حفاظاً" على شبكة المصالح التى نسجها أصحاب هذه القنوات مع أثرياء الأقباط، إلا أن تقديمه بتلك الصورة البطولية الخارقة يعتريها الكثير من العور والبسور. صحيح أن مقالنا يُكتب وجسد البابا ما زال مسجىً على أريكة الوفاة ولم يدفن بعد، غير أن تذكير الناس بمواقف الرجل من الثورة هو أمر نراه أكثر أهمية من أى حسابات تراعى هذا الطرف أو ذاك. فتاريخ الرجال يحسب بمواقفهم من الأحداث الجسام، حتى يتعظ كل مسئول فى هذا البلد الكريم عن اتخاذ أى مواقف لا تنحاز لعموم الناس ومصالحهم.
وإذا أردنا أن نقيم موقف الرجل من الثورة لوجدناه رافضاً لها على طول الخط، منذ أن كانت فكرة.. تارة من منطلق أن القائمين عليها هم من غلاة الإسلاميين. وتارة أخرى وقوفاً مع مبارك عشرته الطويلة وسنده. معلناً دعمه إياه بصوره لم يندهش لها الأقباط فحسب، بل اندهش لها غالبية المصريين المسلمين أيضاً. فحينما بدأت الدعوة للتظاهرات، ووصلت لمسامع غالبية المصريين، حسم البابا موقفه منها منذ يوم 23 يناير 2011. فقد طلب من الكهنة، ومن بقية أتباعه أيضاً، الامتناع عن المشاركة فى التظاهرات التى ستبدأ يوم 25 يناير.. كونها تظاهرات إسلامية بحته، يقودها الإخوان المسلمون.. وراح القساوسة يعبرون عن موقفه فى هذا الشأن، فها هو الأنبا مرقس، أسقف شبرا الخيمة ورئيس لجنة الإعلام بالمجمع المقدس، ينتقد المظاهرات مدعياً أنه لا يعرف هدفها، ولا تفاصيلها، ولا من يقف وراءها.. قائلاً بأن الكنيسة الأرثوذكسية تطالب أبناءها بعدم الانسياق وراء دعوات المشاركة فى المظاهرات الداعية إلى التخريب والهدم.. وفى هذا السياق أيضاً سار على نهجه العديد من القساوسة الآخرين فى دعوة بنى جلديتهم بعدم المشاركة فيها، لوقوف جماعة الإخوان المسلمين والجماعات السلفية وراءها.
من هنا، راحت بعض الكنائس القبطية الأرثوذكسية تقيم ساعة انطلاق المظاهرات فى 25 يناير قداسات صلاة لحفظ مصر من التخريب. وراح العديد من الكهنة يطالبون الشباب القبطى بعدم الاشتراك فيها. وهذا هو الذى جعل القمص عبدالمسيح بسيط، كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد، يخرج ليقول بأن الأقباط استجابوا بالفعل لدعوة البابا بعدم الاشتراك.. بل راح محرضاً لقوات الأمن والحكومة بمنع المظاهرات التى دعا إليها السلفيون أمام مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية يوم الجمعة التالى.
وهذا ما جعل البعض يسرب عن البابا يوم26 يناير، قوله بأنه مع التهدئة، مطالباً بعدم النزول فى المظاهرات.. لكن هذا التسريب والنفى له فى ذات الوقت، جعل المتحدث باسم البابا يخرج فى 29 يناير، لينفى ما رددته بعض الصحف من رفض البابا مشاركة الأقباط فى المظاهرات.. قائلاً بأن الكنيسة ليست جهة ترفض أو تدعو للمظاهرات.. فالشباب القبطى جزء من الشعب المصرى، وحينما أصروا على الخروج دعتهم الكنيسة للتظاهر بشكل راق بعيداً عن التخريب.
لكن هذا التذبذب فى موقف البابا لم يظل طويلاً. فمن المؤكد أن إعلانه صراحة بانحيازه لمعسكر مبارك فى 4 فبراير 2011، حينما أجرى اتصالاً هاتفياً به، قائلا له: "إننا والشعب كلنا معك، وأن بضعة الآلاف المُعارضين لا يُمثلون قدراً فى مقابل الملايين المؤيدة لك"، يعد موقفاً سلبياً ومضاداً للثورة فى صميمها. ولم يكتف بهذا الاتصال فحسب، بل طالب فى حديثه لقناة النيل الإخبارية من المعتصمين بميدان التحرير بضرورة فض هذه الاعتصامات وسماع صوت العقل والحوار.. مُطالباً بضرورة انضمام الإخوان المسلمين إلى تلك الحوارات المفتوحة، ومُشاركة مجلس الحُكماء الذى تم تكوينه فيها.. وفى نفس السياق أكد على الشباب بضرورة أن تتم الأمور بشرف وكرامة تتناسب مع تاريخ مبارك الحافل بالإنجازات والإيجابيات العديدة فى خدمة مصر.. وأن يسمعوا كافة الاختيارات المطروحة، والتى تصب جميعها فى جانب الإصلاح السياسى والتشريعى والدستورى.. حاثاً إياهم على اقتناص الفرصة من أجل تفعيل هذه الإصلاحات لتكون على أرض الواقع. ورغم معارضة الكثير من الأقباط لموقفه هذا، إلا أن قيامه بدفع عدد كبير من القساوسة للمشاركة فى المظاهرات المؤيدة لمبارك فى ميدان مصطفى محمود، تعد هى الطريقة المثلى التى تعامل بها الرجل مع الثورة.. بل إن موقفه هذا جعل نجيب ساويرس، أحد كبار الفلول، يركب موجة الثورة على ظهره.. حينما انتقد موقفه من التظاهرات انتقادا حاداً.. متَّهماً إياه بتخطِّى صلاحياته الدينية، وأنه غير متحدث باسم الأقباط فى الشأن السياسى، وأن التظاهر حق دنيوى لا دينى ولا شأن للكنيسة به.
المدهش فى الأمر أن البابا استمر فى موقفه المعارض للثورة حتى نزول مبارك عن السلطة طواعية فى 11 فبراير2011. بل قيل بأنه صدم صدمة كبيرة لحظة سماعه النائب عمر سليمان يذيع نبأ تنحى مبارك عن السلطة.. وقيل بأنه انخرط فى نوبة بكاء شديد حزناً على رحيله.. والأغرب من هذا أنه ظل صامتاً عن تأيده للثورة حتى 15 فبراير، أى بعد رحيل مبارك بأربعة أيام.. حين صدر البيان البابوى ممهوراً باسمه، يحيى فيه شباب الثورة ويشكر للجيش حمايته لمصر فى الداخل والخارج، ولقيامه بحل مجلسى الشعب والشورى، معلناً انحيازه لقيام دولة مدنية ديمقراطة.. تلك كانت هى مواقف البابا التى لم يتحدث عنها المتفيهقون عبر ساحات الندب المنصوبة على الفضائيات الآن.. فقد ظل على ولائه للنظام السابق بكل ما فيه من عيوب ومساوئ. شهد عليها الجميع، مسلمين وأقباطا، واستنكروها على الرجل. فما هى مصلحة الندابون الآن فى إخفائها عن الناس، وانتقاء مواقف مغايرة تجعل منه أسطورة مزعومة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.