إن الهجمة الأخيرة على غزة والتى استهدفت الأمين العام للجان المقاومة الشعبية الشهيد "زهير القيسى" والأسير المحرر "محمود حننى" أكدت على العديد من المتجهات الإيمانية بقناعة شعبنا الفلسطينى الذى يمكن له التنازل عن كل شىء إلا كرامته، ودماء أبنائه، وهو ما أثبت عكس تصريحات العديد من رواد السياسة بأن الشعب الفلسطينى وعلى وجه الخصوص فى غزة ليس بحاجة إلى مواجهة جديدة مع المُحتل، وإن ظروفه القاسية لا تتطلب خوض جولة جديدة من المواجهة، وهى النغمة التى بدت تسود منذ عام 2005م على وجه العموم، ومنذ عام 2008م على وجه الخصوص أى بعد حرب غزة. إن ما أفرزته المواجهة الأخيرة بين فصائل الفعل الوطنى التى شاركت بحياء فى المواجهة، وتركت حركة الجهاد الإسلامى وحيدة فى أرض المعركة، وامتناع حركة حماس من المشاركة الفاعلة، قد أوضح بشكل قاطع أن الشعب الفلسطينى عامة، وأهل غزة خاصة يعضون على جراحهم من أجل كرامتهم، وإنهم يتنازلون عن كل شىء من رفاهية الحياة ورغدها - التى لم يعيشوها - إلاَّ الكرامة فهى القوت الأخير الذى لهم، والذى تبقى لهم فى هذا العالم الصامت من حولهم، وهو ما اتضح من خلال الشعبية والجماهيرية التى اكتسبتها حركة الجهاد الإسلامى فى أعقاب المواجهة الأخيرة مع العدو، والتراجع الكبير الذى أثر على باقى الفصائل الأخرى وعلى وجه الخصوص حركة حماس التى لم تجد ما يبرر صمتها الأخير على العدوان ضد غزة، إلاَّ بتهديد العدو بعدم المراهنة على صبرهم، وهنا الصبر أو التهديد بعدم الرهان على الصبر لغة مطاطية تبريرية، وتخديرية للشعب الفلسطينى ولعناصر حماس الذين يعضون على بنانهم غيظاً من هذا العدو الذى يستغل وجودهم فى السلطة وقيودها، وعدم قدرتهم على الاستنفار للدفاع وحماية أبناء شعبنا فى غزة، فإن هددت حماس العدو بعدم المراهنة على صبرهم، فإننى أُحذر حركة حماس بعدم المراهنة على صبر أبنائها وهم يكظمون لهذا العدو قهرًا، دون القدرة على الحركة، وجل صقور حماس لن يرضخوا أكثر لسحب قاعدتهم الشعبية ومنجزاتهم التى تحققت بالدم من تحت أقدامهم لأجل سلطة وهمية، محاصرة، ومقيدة، وهذا أيضًا ينطبق على باقى الفصائل الأخرى التى تضع نفسها على قائمة الممالك الحزبية، فلا يمكن لشعبنا قبول أشخاص يريدون "على الرأس تاج وبالكرش دجاج"، فشعبنا يدرك فعلاً متى يحاسب ومتى يعاقب، وذاكرته مازالت حية تختزن كل شىء، وعلى الجميع الاستفادة مما حدث فى الانتخابات الأخيرة والتعلم من الدرس. إن الحقائق الفعلية التى أفرزتها المواجهة الأخيرة فى غزة بين العدو الصهيونى وحركة الجهاد الإسلامى وألوية الناصر صلاح الدين تؤكد التالى: سقوط كل الشعارات التى يطرحها المتسلقون والانتهازيون بأن شعبنا الفلسطينى عامة، وأهل غزة خاصة يمكن لهم التنازل عن كرامتهم مهما بلغ بهم الألم مبلغاً. إن شعبنا الفلسطينى يقف ويساند قواه المقاومة الحية والفاعلة وهو ما أثبته بالالتفاف حول حركة الجهاد الإسلامى وقفزها لصدارة القوى الفلسطينية شعبياً وجماهيرياً. إن ذاكرة شعبنا الفلسطينى لا تروض بالشعارات والتصريحات والمؤتمرات، وهو ما يجب أن يدركه وتتقنه الفصائل الفلسطينية، وإدراك أن من يريد الجماهير عليه العمل على الأرض وليس خلف الميكروفونات والكاميرات. إن هذا العدو لا يحتاج لمبررات للإغالة فى الجسد الفلسطينى.. قتل واغتيال وتدمير، وإن حالة اللا سلم واللا حرب التى ينتهجها ما هى سوى خديعة يتلاعب بها بفصائلنا التى يستخدم معها قطعة الجبن لإيقاعها فى فخ الفئران والجرذان وأنه لا يصمد فى أى مواجهة حقيقية رغم موازين القوى لصالحه، ولكن هذه الموازين تتساقط مع هشاشة جبهته الداخلية، وعدم قدرته على الصمود عندما يتم ضرب عمقه الجغرافى. بناءً عليه إن الدروس والعبر من المواجهة الأخيرة كثيرة وعديدة، وتحتاج لقراءات عميقة من الفصائل والقوى الفلسطينية وعلى وجه الخصوص (حركة فتح، حركة حماس، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين).