تسببت القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة لتمرير قرض صندوق النقد الدولي في العديد من الأزمات الاقتصادية الطاحنة، لا سيما بعد فرض مزيد من الضرائب عبر قانون ضريبة القيمة المضافة ورفع دعم الوقود وتحرير سعر الصرف، الذي دفع نسبة التضخم لنحو 20% سنويًا و5% على أساس شهري، فيما يصفه الجهاز المركزي للتعبئة العامة للإحصاء ب "الكارثي". وفي ظل الارتفاعات المتسارعة للأسعار وسط غيار الرقابة الحكومية على الأسواق، تزداد معاناة شريحة كبيرة من المصريين لم يرتفع مستوى دخولها، وعلى رأسهم الموظفون الحكوميون، بجانب أصحاب المعاشات والحرف النادرة وعمال النظافة وأساتذة الجامعات والمحامين والصحفيين، وفئات أخرى. وقال الخبراء إن الأزمة ستظل قائمة طوال فترة الإصلاح الاقتصادي، التي تسعى الدولة لتنفيذه، في ظل غياب الرقابة والمحاسبة وضعف الإنتاج وارتفاع معدلات الإقراض والبطالة. ويرى عبد النبي عبد المطلب الخبير الاقتصادي، أن "ارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية قللا الطلب على سلع التجار ومنتجاتهم، فكلما ارتفع السعر قل الطلب على السلعة، ومن ثم فيمكن أيضًا إدراج بعض التجار البسطاء في قائمة الفئات التي تأثرت بشكل كبير بالقرارات الاقتصادية الحكومية الأخيرة". وأضاف ل"المصريون": "هناك مصانع كثيرة توقفت عن العمل بسبب ارتفاع أسعار الخامات ومدخلات الإنتاج وتكاليف النقل وغيرها، ما أدى إلى تشريد الآلاف من العمال وفقدانهم مصدر دخلهم الأساسي، في ظل ارتفاع الأسعار، وهذا لا يمنع وجود وسطاء وتجار استفادوا من رفع الأسعار، حيث باعوا السلع التي كانت في مخازنهم بالأسعار الجديدة". وأوضح أن "الطبقات ذات الدخل المحدود تظل أكثر المتضررين من قرارات التعويم، وعلى رأسهم موظفو الحكومة والإدارة المحلية وأصحاب المعاشات وغيرهم من أصحاب الدخول الثابتة والمنخفضة". من جهته، قال محمد الشناوي، الخبير الاقتصادي، إن "طوفان الأسعار يهبط بموجات متتالية من متوسطي الدخل ويسقط بهم لمستوى الطبقات الفقيرة، وذلك بفضل التضخم الذي ارتفع لمستويات غير مسبوقة، وفقد الحكومة السيطرة عليه، ما جعل الطبقات الفقيرة تهبط تحت خط الفقر". وأوضح ل"المصريون"، أن "غالبية المصنعين سعوا لتخفيض المصروفات عبر تقليل الجودة الغذائية باستخدام أصناف أقل جودة، وذلك بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار، وعلى النقيض فإن الطبقات الغنية مازالت تحصد الغنائم من التعويم وإعادة تقييم الثروات المملوكة لهم بعد تلافي أثر الأسعار الجديدة بعد التضخم". وأكد أن "طبقة الموظفين في جميع قطاعات الدولة ستواجه حرب البقاء، بسبب الارتفاعات المتواصلة للأسعار دون أن يقابلها زيادة في الدخل، خاصة أن دخل الموظفين غالبًا ما يكون ثابتًا بعكس التجار وأصحاب الأعمال الحرة القادرين على مسايرة هذه الارتفاعات بآثار سلبية بسيطة".