الأسرة هي وحدة بناء المجتمع، و كلما كانت وحدة بناء الشيء قوية زادت قوته نو العكس بالعكس، و قد أولت الشريعة الإسلامية اهتماما بالغا بالحفاظ على هذا الكيان من الانهيار، و الذي يضر بالمجتمع المسلم تباعا، فوضعت القواعد الشرعية التي إذا أخذ بها المسلم، خصوصا رب البيت كان هذا ضمانا لاستمرار استقرار الأسرة و بالتالي استقرار المجتمع، و قد حاول الغرب و أعداء الإسلام هدم هذا الكيان بطرق شتى من الشبهات و الشهوات ، و ذلك حتى تصبح مجتمعاتنا مفككة كهم ، و من نعمة الله علينا أن جعل في ديننا من الوسائل والطرق ما يحفظ هذا البناء ، و فيما يلي عرض للأهم أسباب انهيار الأسرة و الذي هو أحب الأعمال إلى إبليس كما سنبين إن شاء الله تعالى: 1- كثرة التعرض للطلاق: من الخطورة بمكان التعرض الكثير للطلاق من قبل الزوج، و ذلك لخطورة الكلمة ؛ فلو تلفظ بها جادا أو مازحا لوقع الطلاق فعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة "(رواه أبو داوود و الترمذي و ابن ماجه و حسنه الألباني) و كذلك كثرة الحلف بالطلاق فلو نوى طلاقا لوقع و إن لم ينو طلاقا كان عليه كفارة يمين و كذلك الطلاق المعلق يقع على حدوث الأمر الذي علق الطلاق عليه على تفصيل في كتب الفقهاء، فيجب على المسلم تجنب هذا الأمر و يجب التنبيه في هذا المقام على أن الطلاق أمر محبب إلى الشيطان فعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت "(رواه مسلم)
2-المن و المعايرة: من الأمور التي ينبغي أن يترفع عنها المسلم؛ سواء زوج أو زوجة أمر المن من أحدهما على الآخر، بمال أو عين أو خدمة ،فالزوجان شريكان في هذه الحياة ، و المن من مبطلات الأعمال كما قال تعالى }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) {البقرة:264( ،و كذلك فعلى النقيض أمر المعايرة، فيجب على المسلم الترفع عن أمر المعايرة لنقص في زوجته و يجب على الزوجة الترفع عن معايرة الزوج في عيب أو نقص فيه، و يرحم الله زوجة ابن مسعود عندما أرسلت بلالا ليسأل النبي صلى الله عليه و سلم عن جواز أن تتصدق على زوجها - حينما حض النبي النساء على الصدقة - فقالت لبلال لا تخبر بنا ، و ذلك من الأدب و الحفاظ على شعور زوجها
3-النظر إلى العيوب و التغاضي عن المحاسن: من الحكمة أن ينظر المسلم إلى نصف الكوب المملوء، و أن يغض الطرف عن النصف الآخر منه في حياته الزوجية، فعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر»(رواه مسلم)، قال الإمام النووي –رحمه الله- في شرح الحديث :" الصواب أنه نهي أي ينبغي أن لا يبغضها لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق لكنها دينة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك"(صحيح مسلم بشرح النووي 10/58)
4- إطلاق البصر : من أسباب انهدام الأسر إطلاق البصر عموما ،و إلى الرجال و النساء خصوصا و ذلك أنه لن يجد الزوج في زوجته جميع صفات الكمال و كذلك الزوجة ، فإطلاق البصر يطلع الإنسان على نقص في شريك حياته و لا بد ، مما يؤدي إلى الشعور بنقص شريكه أو شريكته مما يؤثر على العلاقة بينهما، لذلك أمر الله - عز و جل - المؤمنين بغض أبصارهم فقال تعالى} قل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا{ (النور:30-31) و كذلك إطلاق البصر إلى النعم الموجودة في أيدي الآخرين، تسبب ازدراء ما أنعم الله عليك به ،لذلك وصى النبي صلى الله عليه و سلك بالنظر إلى من دوننا فعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله"(رواه مسلم)
5-الخلوة و الاختلاط غير المنضبط : الخلوة و الاختلاط غير المنضبط بضوابط الشرع ،بين الرجال و النساء يذيب الحواجز النفسية بينهما تدريجيا ، فيؤول بهم إلى الوقوع في الفاحشة - عياذا بالله- لذلك نهت الشريعة عنهما و هما من خطوات الشيطان التي ذكرها الله – جل و علا – في كتابه ، قال تعالى } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{(النور :21) و كذلك فقد نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الخلوة فقال :" لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه
6-التقصير في النظافة و الزينة : بعض الأزواج لا ينتبهون إلى هذه المسألة و هو التقصير في النظافة و الزينة مما سبب طلاقا في بعض البيوت ، فيجب على المسلم و المسلمة الاهتمام بذلك من اغتسال و تعطر و وضع مزيلات العرق و يجب على المرأة خاصة التزين لزوجها في البيت و عدم إهمال ذلك بسبب تنظيف البيت أو الانهماك في أعمال المطبخ و لتحذر من أن يرى خارج بيته من الزينة ما لا يراه في بيته مما يؤثر على العلاقة بينهما بالسلب
7-الأنانية في قضاء الوطر و إهمال المقدمات: يقع كثير من الأزواج خاصة في الأنانية في قضاء شهوته على حساب حق زوجته فيقضي وطره بدون أن تقضي وطرها و يهمل المداعبة و المقدمات مما يؤثر سلبا على استمتاع زوجته مما يشعرها بالنقص مما قد يؤدي إلى الطلاق أو الانحراف و يرجع في ذلك إلى مواقع المشاكل الزوجية و هذا ما تيسر جمعه و الحمد لله رب العالمين
كتبه /م.هيثم مجدي الحداد عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.