قال المستشرق الإسرائيلي مردخاي كيدار, إن المجزرة المروعة التي وقعت في مدينة حلب شمالي سوريا, أعطت درسا لتل أبيب مفاده أنه يجب أن تعتمد على نفسها, ولا تنتظر أن يأتي أحد لمساعدتها, بعد أن اكتفى الغرب بموقف المتفرج إزاء ذبح الأطفال والنساء في حلب. وأضاف كيدار في مقال نشره في 16 ديسمبر بموقع "ميدا" الإسرائيلي للدراسات، أن حلب, العاصمة الاقتصادية لسوريا, شهدت أعمال ذبح وقتل جماعي للمدنيين, قام بتنفيذها الجيش النظامي السوري وحزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية القادمة من إيران والعراق وأفغانستان. وتابع " التقارير تتحدث عن أن مقاتلي حزب الله قتلوا بدم بارد وأعدموا أكثر من مائتين من النساء والأطفال في الأحياء الشرقية من حلب, وتم العثور على جثثهم وسط الخراب الذي تشهده المدينة". واستطرد " روسيا قامت أيضا من خلال قوتها التدميرية ممثلة في سلاحها الجوي بمحو الأحياء الشرقية من حلب, واستخدمت في الوقت ذاته حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لوقف أي مبادرة لإدانتها، واستنكار الأعمال الفظيعة التي يقوم بها نظام بشار الأسد وحزب الله وإيران ضد المدنيين في حلب". وأشار كيدار إلى أن منظمة اليونسكو، التي اعتبرت حلب مدينة أثرية على مستوى العالم، وقفت أيضا مكتوفة الأيدي أمام الدمار الذي حل بمعالم المدينة التاريخية, التي تعود إلى آلاف السنين. وكان موقع "ديلي بيست" الأمريكي نقل أيضا في 14 ديسمبر عن ناشطين وثوار سوريين في حلب المحاصرة أن عمليات إعدام جماعي وقعت في المدينة، وأن الأطفال يُحرقون أحياء. وأضاف الموقع أن القصف المكثف للمنازل والمباني السكنية, الذي أتى على العديد منها, جعل من المستحيل حصر أعداد القتلى. كما نقل الموقع عن المفوض الأممي السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين اتهامه الولاياتالمتحدة ودول أخرى بالوقوف مكتوفي الأيدي في وجه "المذبحة الوحشية للرجال والنساء والأطفال" في حلب. وبدورها, وصفت منظمة "الخوذ البيضاء" السورية -التي ينشط فيها شباب متطوعون في مجال الدفاع المدني- مدينة حلب بأنها أشبه ما تكون بجهنم, وقال أحد هؤلاء المتطوعين إن الشوارع والمباني المدمرة "تغص بجثث الموتى". وجاء في تقرير "ديلي بيست" أيضا أن المدنيين تدافعوا نحو المباني القليلة التي نجت من القصف, وما تزال قائمة, لكن العديد منهم ظلوا في الشوارع لعدم وجود مواقع شاغرة في تلك المباني. وبدورها, نقلت "الجزيرة", عن مسئول في منظمة الصحة العالمية قوله إن مستشفيات غرب حلب تعج بالمرضى، الذين جاءوا من الأحياء الشرقية, وإن بعضهم يعاني تلفا في المخ أو العين أو أمراضا مزمنة مثل السكري، كما أن أطراف بعضهم مبتورة. وفي السياق ذاته, وصل عدد الجرحى السوريين الذين استقبلتهم المستشفيات التركية منذ الخميس 15 ديسمبر إلى نحو 67، عدد منهم في حالة حرجة جدا، كما أن بينهم نساء وأطفال. وكانت وصلت الخميس 15 ديسمبر أول دفعة من الجرحى الخارجين من شرق حلب إلى ريف المدينة الغربي، وقالت "الجزيرة" إن هذه الدفعة تضم 150 شخصا بينهم سبعين جريحا بالإضافة إلى عائلاتهم ومرافقيهم. ومن جانبه, أكد ويسي قايناق نائب رئيس الوزراء التركي أنه يوجد من بين المغادرين من حلب أكثر من 35 جريحا حالة معظمهم بالغة، ومن المحتمل أن يأتي معظمهم إلى تركيا، وذلك غداة زيارته مستشفى الريحانية في ولاية هاتاي الحدودية مع سوريا. كما نقلت "رويترز" عن مسئولين أتراك أن أنقرة ستواصل استقبال المرضى والجرحى القادمين من حلب، وأن مخيما سيقام داخل سوريا قرب الحدود لإيواء النازحين من المدينة. وبدورها, ذكرت "الجزيرة" في 16 ديسمبر أن ميليشيات إيرانية ولبنانية موالية للنظام السوري قتلت واعتقلت مدنيين أثناء خروجهم من حلب بعد احتجازها حافلات تقل مئات المهجرين من شرقي المدينة لإجبار المعارضة على إخراج جرحى من بلدتي الفوعة وكفريا بريف إدلب، وإطلاق أسرى، بينما قالت المعارضة السورية إن أربعين ألفا لا يزالون محاصرين شرق حلب. وقال مراسلو "الجزيرة" إن الميليشيات احتجزت قافلة من الحافلات تقل دفعة أخرى من المهجرين, بينهم عدد من الجرحى في منطقة الراموسة جنوبي مدينة حلب، وكان يفترض أن تتوجه الحافلات نحو ريف حلب الغربي, كما توقفت عملية إجلاء المحاصرين من شرقي حلب عقب إطلاق نار من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام. ومن جهتها، قالت حركة "أحرار الشام", إن روسيا عاجزة عن ضبط المليشيات الإيرانية المعرقلة لخروج المحاصرين من شرقي حلب. وعرقلت الميليشيات الموالية لإيران عمليات الإجلاء سعيا لفرض شروط على المعارضة تشمل إخراج المئات من الفوعة وكفريا، فضلا عن تسليم أسرى وجثث مقاتلين من تلك الميليشيات (العراقية والأفغانية والباكستانية وحزب الله اللبناني). وقال مصدر من المعارضة السورية إن كل الفصائل التي تحاصر الفوعة وكفريا -ما عدا جبهة فتح الشام (جبهة النصرة/سابقا)- وافقت على السماح بإجلاء الجرحى منهما، بينما تحدث مصدر آخر بالمعارضة أن فتح الشام وافقت هي الأخرى على خروج هؤلاء الجرحى. وقال مسئول رسمي سوري لوكالة الصحافة الفرنسية إن عمليات الإجلاء من شرقي حلب ستستأنف حال السماح بخروج الجرحى من الفوعة وكفريا بريف إدلب اللتين تحاصرهما فصائل المعارضة المسلحة. وقالت مصادر بالمعارضة السورية إن أربعين ألفا من المدنيين ما يزالون محاصرين ضمن مساحة صغيرة في أحياء المشهد والأنصاري والإذاعة وصلاح الدين، وهو ما يزيد خطر سقوط أعداد كبيرة من الضحايا جراء القصف من قبل نظام الأسد والميليشيات. ومن جهتها، زعمت وزارة الدفاع الروسية في 16 ديسمبر أنه تم إجلاء كل الراغبين في الخروج من أحياء حلب الشرقية، وأن من بقوا هم من "عصابات" و"متشددون" يقصفون الجيش السوري. وقبل ذلك، قال مركز المصالحة الروسي في مطار حميميم العسكري بريف اللاذقية على الساحل السوري إن عملية إخراج المسلحين وأسرهم من مناطق شرق حلب قد أنجزت، وتم إجلاء 4500 مسلح و337 جريحا. وأضاف المركز الروسي أن "الجيش السوري يتابع عملية تحرير ما تبقى من أحياء حلب الشرقية من المسلحين بعد انتهاء عملية الإجلاء". وتم تعليق عمليات إجلاء المهجرين من أحياء حلب الشرقية، بعد أن قامت ميليشيات شيعية تابعة للنظام بقطع طريق الحافلات عند عقدة الراموسة, بالإضافة إلى إطلاق الرصاص على الحافلات من منطقة الراشدين وضاحية الأسد بريف حلب الغربي التابعتين للنظام السوري. وطالبت الميليشيات بإدخال الفوعة وكفريا في اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى مؤخرا بين روسياوتركيا لإخراج سكان الأحياء الشرقية، كما اشترطت الميليشيات إعادة فتح الطريق لإخراج الجرحى من البلدتين المحاصرتين من قبل المعارضة السورية. كما نقلت "رويترز" عن مسئولين بالمعارضة السورية والأمم المتحدة أن إيران طالبت بإدراج الفوعة وكفريا بريف إدلب -اللتين يحاصرهما مقاتلو المعارضة- في اتفاق لوقف النار يغادر المقاتلون والمدنيون شرقي حلب بموجبه. وفيما وصلت سبع دفعات من المهجرين إلى ريف حلب الغربي، تم قطع الطريق على الدفعة الثامنة, التي لم تغادر بعد أحياء حلب الشرقية.