مساكين والله أصحاب وقادة السيارات في مصر.. إذ يقودون في شوارع عجيبة وطرق مليئة بالكمائن, ليس فقط لأن أغلبها غير مرصوف أو رديء الرصف, ولكن لأن كل الشوارع- بلا استثناء- الهام منها وغير الهام, تعاني مشكلة غريبة وغير منطقية اسمها «البالوعات». وهذه المشكلة العجيبة تعد من أسوأ موروثات الحكومات المتعاقبة، وكان ينبغي أن يكون العلاج السريع لها من أول أهداف أية حكومة جديدة، لأنها إحدى أمارات التخلف والغباء الحكومي الذي لا ينتهي. ولن نناقش هنا المنطق الغريب في زرع خطوط الصرف الصحي أسفل الطرق والشوارع السريعة بطريقة عشوائية وبلا نظام, رغم وجود أرصفة وجزر وسطى كان يمكن أن تخصص لذلك.. فقد فات وقت الاعتراض على ذلك, ولكننا نناقش مشكلة البالوعات بوضعها الراهن وكيف عجزت التقنية المصرية والإدارة الحكومية عن ضبط ارتفاعها لتكون في مستوى الشارع?!. الواقع أنه ليس هناك شارع واحد، سواء بالمدن القديمة أو الجديدة (وأتحدى أن يدلني أحد على شارع واحد خال من تلك المشكلة) يخلو من حفر البالوعات.. سواء المرتفعة أو المنخفضة, وعلى قائد السيارة أن يخوض «معركة قيادة» ويناور ويلف ويدور حتى لا يجد نفسه راقدًا داخل حفرة أو صاعدا فوق تبّة, ويا ويل من يطمئن إلى سلامة الشارع ويقود دون حذر!. كم من الملايين أو المليارات التي يتحملها الاقتصاد المصري بالعملة الصعبة لصيانة السيارات واستيراد قطع الغيار بسبب هذه البالوعات?.. وكم من المصريين قُتل أو أصيب وأصبح من ذوي العاهات نتيجة الانحراف المفاجئ للسائقين لتفادي البالوعات?.. وهل هي مشكلة حقا تستحق هذا العناء?!. إذا كان المسئولون عن الرصف لم يسمعوا بعد عن اختراع اسمه «الميزان», فما الصعوبة في أن يرفع أو يخفض مستوى غطاء البالوعة على الطبيعة سواء أثناء الرصف أو بعده, ويعالج حولها بقليل من الأسفلت؟!. عيب كبير والله أن توجد مثل هذه المشكلة أصلاً.. وهي مشكلة بسيطة يمكن حلها بسهولة لو تعاقدت الحكومة مع شركة لتعالج هذه البالوعات, ولن تتكلف كثيرا.. ولا تحتاج إلى إعادة رصف الشوارع, بل هي عملية ترميم بسيطة جدا، ولكنها سوف ترفع عن مصر هذا العار, عار الغفلة والفشل الذي يلمسه المواطن كل دقيقة. كما ستوفر الملايين المستهلكة في استيراد قطع الغيار.. وتحمي المشاة من الإصابة والقتل. وهناك مصائب أخرى بالشوارع تدل أيضا علي الغفلة والفشل, وعلاجها سهل وميسور لو أن هناك نية وعزيمة.. فربما تكون مصر هي الدولة الوحيدة في الدنيا التي يستطيع فيها المواطن أن يقطع الطريق ويحفر بالشارع ويكسر الأسفلت دون أية إجراءات رسمية ودون التزام بإعادة الأمور إلى نصابها وإصلاح الشارع.. وهذا يحدث من المواطن العادي ومن الإدارات المحلية الحكومية على السواء.. فالحفر يتم بسرعة وسهولة, ثم تُترك الحفر لسنوات أحيانا.. والفلسفة الغريبة التي تتبناها الإدارة المحلية: اترك الشارع بحفره ومطباته حتى ينتهي كل راغب في الحفر من توصيل ما يريد ثم نقوم برصف الشارع بالكامل.. وهذا يتم طبعا بعد سنوات وربما لا يتم. هل هذا يدل على أي درجة من التعقل؟.. لك الله يا شعب مصر. إن الف باء التصرف الحكومي (إن كانت هناك حكومة!) أن تتم دراسة المشكلات الموجودة، والتعرف على أسبابها، ووضع الخطط واللوائح والتعليمات لمنع تكرارها، ناهيك عن وضع الخطط السريعة لعلاجها. ومشكلة البالوعات؛ كما هو معروف، سببها أن شركات الرصف ليس لديها تعليمات أو بنود في التعاقد لتنفيذ العملية بالكامل وتسليم الطريق جاهزا مع الحفاظ على البالوعات وعدم طمسها.. ولكنها تقوم بالرصف وتغطية غرف البالوعات، ثم يأتي عمال الصرف الصحي للحفر فوقها وحولها بطريقة بشعة، فتشوه الأسفلت وتصنع الكثير من الحفر والمطبات. والمطلوب بسرعة هو تغيير نظام التعاقد وبنوده مع هذه الشركات لتتسلم العملية بالكامل، فتبدأ بضبط مستوى ارتفاع غرف البالوعات، ثم تقوم بالرصف.. وإذا كانت شركات الصرف الصحي ترغب في الاطمئنان على عدم طمس هذه الغرف فعليها التواجد جنبا إلى جنب مع عمال الرصف، والإشراف على العملية، ولكن دون أن تسمح لعمالها بإجراء عمليات الحفر الهمجية التي شوهت كل الشوارع، وتصنع مشكلة عجيبة تدل على التخلف وسوء التقدير. همسة: · الإنجازات والتغني بها لا تكون بالكَم.. ولكن ينبغي أن تكون بالكَيْف أولا.. فالجودة في إنجاز أي عمل يجب أن تكون أولوية أولى حتى وإن قلَّت الكمية. وأهم ما يلفت الانتباه هذه الأيام هو سوء عمليات رصف الطرق.. ولا ندري هل هذه (لكلكة) واستعجال؟!، أم أنها ثقافة ثابتة وقلة خبرة؟!، أم أنه الفساد الذي يخنق مصر؟!. انظروا مثلا إلى طريق القاهرة- الإسماعيلية الصحراوي الذي تحول إلى طريق سريع بخمسة حارات في كل اتجاه.. إذ بدأت تظهر عيوبه ومساوئه؛ ويفاجأ قادة السيارات بالبؤر (أو الحُفر) المنخفضة بسبب سوء الرصف وعدم تأسيسه!. ألا توجد فكرة لإنشاء إدارة للصيانة تعالج هذه المصائب أولا بأول قبل أن تتسع وتكلف أكثر؟!.. إذا بُليتم فاستتروا!!. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.