ناقش الباحث عمرو عبد المنعم رسالة الماجستير بجامعة القاهرة والتي كان عنوانها(" 1952 1895 الفتوى وقضايا المجتمع المصري في النصف الاول من القرن العشرين ) وتعتمد هذه الدراسة علي منهج البحث التاريخي حيث جمعت بين منهجين: التحليلي والوصفي، كلاً في محلها المناسب، فأعمل الباحث المنهجَ التحليلي فيما يتعلق بأدلة الفتيا،ومناهجها، ووسائلها، كما سلك المنهج الوصفيَّ فيما يتعلق بالأدلة المجتمعية والاقتصادية المتعلق بالفتيا وتأثيرها علي الواقع، نظراً لطبيعةالموضوع، إذ هو عرضٌ لواقع المؤسسات الجماعية للفتيا. وقد جمع الباحث مادته العلمية من المصادر والمراجع وأخضعتها للنقد والتحليل العلمي من خلال تفسير الظواهر موضوع الدراسة، كما اعتمدت علي منهج تحليل الخطاب الإفتائي الذي يتتبع الفتاوى المختارة ومعرفة وجهات الإفتاء وتصنيفها وتحليلها ومقارنتها بعضها ببعض، من أجل التوصل إلي الحقائق الموضوعية التي تفسر اتجاهات موضوع الدراسة. وهناك دوافع جعلت الباحث يلج هذا المجال المحفوف بالمخاطر، لخصها فى أسبابٌ متعددة، أهمها ما يأتي: أ ما لاحظه من تهافت كثيرٍ من الناس على الفتيا في هذا العصر، وتعجلهم في قضية التحليل والتحريم،وبخاصةٍ على المستوى الإعلامي، كما في كثيرٍ من القنوات الفضائية، والشبكة العالمية الإنترنت أو في مجالس الناس العامة، وكأنَّ حمى الفتيا قد أصَدَرَ قرارا بإباحتِه لكل أحد، حتي أصبح درءُ مفسدةِ هؤلاء، وسدُّ بابِ فتنتهم، مما تقتضيها البحوث العلمية والأكاديمية . ب توسع الناس اليوم في أبواب المعاملات، واستحداث أنواع من العقود والشروط، مما لم يعهد فيمن قبلنا، حتي أضحى تنظيمُ الفتيا، وسَنُّ الضوابط لها، وتعيينُ القادرين على حلِّ مُشكِلِها، وإزالة اللبس عنها، من أهمِّ واجباتِ أولي العلم والأمرِ في هذا العصر، بل القيام على إعداد المفتين وتأهيلهم، وتفرغهم لذلك، وتوفير كافة الأسباب المعينة على إنجاح مهمتهم أمر في غاية الأهمية ج تعدد جهات الفتيا في هذا العصر الحديث، وتسابق وسائل الإعلام والاتصال على تخصيص برامج للفتيا، لا تكاد تخلو من ذلك وسيلةٌ مقروءة كانت، أو مسموعة، أو مرئية، ولا ريب في أنَّ تلك الوسائل تتفاوت فتاويها من حيث الصحة والضبط تفاوتاً عظيماً، مما يقتضي الاحتساب على تلك الوسائل، بالنظر في مناشطها الإفتائية، ومدى التزامها بحدود الشريعة. د اتساع رقعة الخلاف بين المفتين المعاصرين، وكثرة التعارض في الفتيا، في المسألة الواحدة، ومما زاد في عمق الفجوة قلة الفقه عند كثير من المستفتين في التعامل الصحيح مع الفتاوى المتعارضة، بل إنَّه قد يحصل تطاولٌ من كثيرٍ من العوام على جناب أهل العلم، بسبب فتيا جهلوا منزع المفتي فيما ذهب إليه، يغذي ذلك كله وسائل الاتصال الحديثة، بسرعتها المعهودة في نقل الأخبار، فيقع الخطأ، أو التحريف في النقل لذلك فتاريخ الفتوى الحديثة يصبح مرجعا يحتذى به ونبراسا يتعلم منه العلماء المعاصرون من الأجيال الجديدة . ه تأثير هذه الأقضية والنوازل في تناول واجهة المجتمع وكيف تعامل معها المجتمع المصري بكل ألوانه وتصوراته وعاداته وتقاليده . و ظهرت الحاجة في هذا العصر إلى وجود مفتين مؤهلين، يتخصصون في جانب معين، كالمسائل الطبية والمالية والدولية وأحكام الجهاد وأحكام الأسرة وغيرها، وهذا لا يتحقق على الوجه الأكمل إلا بتنظيم العمل في هذا المجال (الإفتاءً والإستفتاءً)، وفي السياسة الشرعية أصول وقواعد، وفيها من السعة والمرونة ما يكفل الوفاء باحتياجات الأمة في هذا الباب، لمن أحضر نيةً Ϳ صادقةً، ونظراً للحقِّ متجرداً. ى إبراز تاريخ المفتين ومواقفهم من السلاطين والحكام وكيف كان تأثير توجيه السياسة علي مسار الفقه والدين وتعامل المجتمع مع رجل العلم والمفتي والخطيب والداعيةوالواعظ. وتتضمن الدراسة عدة فصول، وهي تستهل بمقدمة منهجية تاريخية وتمهيد ومذيلة بخاتمة تشمل النتائج العامة، وملاحق للمصادر والمراجع ونماذج مصورة من الفتاوى. وكان تمهيد الدراسة حول الإطار النظري والمصطلحات ذات الصلة والفرق بين الفتوى والحكم الشرعي ورأي المفتي الشخصي بعيدا عن قضايا الاستفتاء. أما الفصل الأول فقد تناول النشأة والهيكل التنظيمي بالإضافة إلى المفتين الذين تولوا الإفتاء في ذلك الوقت. وتعرض الفصل الثاني للفتوى وأبرز القضايا السياسية، ودار الإفتاء والاحتلال الإنجليزي لمصر، وأبرز القضايا التي كانت مثارة في تلك الأثناء مثل قضية فلسطين والخلافة والدستور إلى جانب حوادث الاغتيالات السياسية وفتوى مجازر الأتراك بحق الأرمن وموقف الأزهر منها. أما الفصل الثالث فقد تناول الفتوى وأبرز القضايا الاجتماعية والثقافية مثل البرنيطة والكفاءة الزوجية وحكم ارتداء ساعة اليد واختراع البرق والتلغراف وإعدام أول امرأتين ريا وسكينة، وكذلك أبرز القضايا الثقافية مثل قضية تحرير المرأة وقضية الإسلام وأصول الحكم والشعر الجاهلي، بالإضافة إلي العديد من الموضوعات التي شغلت الرأي العام المصري وتخص الفن مثل حكم التمثيل والغناء والموسيقي والفنون التشكيلية وتجسيد الصحابة في الأعمال الفنية.