رغم أن الدستور يحتم على البرلمان، إقرار قانون العدالة الانتقالية خلال انعقاد الدور الأول له، إلا أن القانون لم يتم إقراره حتى الآن، رغم بدء الدور الثاني للمجلس، وسط تبادل الاتهامات في تأخيره بين الحكومة والنواب. وتنص المادة 241 من الدستور على أن "يلتزم مجلس النواب في أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أٌطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وفقًا للمعايير الدولية". في الوقت الذي أكد فيه المستشار مجدي العجاتي، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، أن الحكومة ستترك القانون للبرلمان لاقتراحه وإقراره، نظرًا لما قد يثيره من "بعض المواجع" حسب قوله، اعترضت الحكومة على الاقتراح بمشروع القانون، المقدم من بعض النواب، وذلك خلال اجتماع اللجنة التشريعية بالبرلمان. وينص القانون على المكاشفة للحقيقة والمساءلة والمحاسبة، مع التعويض، وجبر الأضرار، على أن تسير تلك الأركان بشكل متوازٍ مع الإصلاح المؤسسي الشامل، تمهيدًا لتحقيق المصالحة بشكل تلقائي بعد تحقيق العدالة الانتقالية، كما حدد أطر المحاسبة عن انتهاكات الماضي سواء في حقوق الإنسان أو غيرها. وحدد القانون الجهات المسئولة عن المحاسبة وهي المحاكم الجنائية العادية، ومحاكمات وفق قانون إفساد الحياة السياسية، أو إنشاء محاكم توقع عقوبات سياسية، بالإضافة إلي العفو مقابل الاعتراف. وأكد أنه لا تصالح مع من تلوثت أيديهم بالدم محتويًا علي عدد من العقوبات تبدأ من الإحالة إلى المحاكم الجنائية العادية، وتطبيق قوانين الغدر وإفساد الحياة السياسية، والعقوبات السياسية ومنها الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية، والعزل السياسي، ومنع تولي المناصب العامة. واشترط بعض الأمور لإجراء مصالحات سياسية، منها نبذ العمل السري، ونبذ التمييز بين المواطنين، والاعتراف بالأخطاء، والتعهد بعدم تكرارها في المستقبل، والفصل بين الديني والدعوي، والفصل بين السياسي والوطني. وتأكيدًا على معارضة الحكومة لمشروع القانون المقدم من مجلس النواب، أكد المستشار ماجد صبحي، مساعد وزير العدل لقطاع التشريع، إعداد الحكومة لمشروع قانون للعدالة الانتقالية، مشيرًا إلى أن صياغة المشروعات المقدمة من أعضاء المجلس غير واضحة. وأضاف "صبحي"، في تصريحات صحفية له، أن تعريف مشروع النواب لمصطلح العدالة الانتقالية ضخم وواسع ويحتاج لتركيز، كما أنه وضع تاريخًا محددًا لتطبيق العدالة الانتقالية، والحكومة لا تعرف ما هو سبب هذا التحديد. وأوضح أن المواد بها تداخل في الاختصاصات، وتضارب مع السلطة القضائية وسلطات التحقيق، والحكومة ترى أن هذا التعارض يحتاج إلى فصل، وتحديد آلية للتعاون مع جهات التحقيق. ومن جانبه استبعد الدكتور ياسر الهضيبي، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أن توافق الحكومة علي القانون، وأن يقره البرلمان حتى انتهاء انعقاد الدور الثاني في البرلمان، كما حدث أثناء انعقاد الدور الأول. وأرجع "الهضيبي"، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، عدم إقرار القانون لرؤيته أن الدولة ستعجز عن تطبيق بنوده، خاصة فيما يخص محاسبة كل من أخطأ من عام 2005 وحتى الآن. وتابع: أن المحاسبة ستشمل من الشرطة أو الجيش أو الإخوان أو حزب وطني أو أي مؤسسة من مؤسسات الدولة أو أي طرف من الأطراف، علي حد قوله. ويتكون مشروع قانون العدالة الانتقالية من 66 مادة تتضمن تدابير وإجراءات قضائية وغير قضائية، يتم الاضطلاع بها خلال مرحلة ما بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، لكشف وتوثيق والتصدي لانتهاك حقوق الإنسان، وغيرها من صور إساءة استعمال السلطة التي سابقت وعاصرت وتلت الثورتين المذكورتين. بدوره، استنكر النائب إبراهيم أحمد، تدخل الحكومة في أعمال السلطة التشريعية الممثلة في البرلمان، مؤكدًا أن الدستور أعطي لمجلس النواب الحق في تقديم مشروعات قوانين. وأوضح "أحمد"، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، حق البرلمان في إصدار تشريعات وقوانين دون اللجوء إلي الحكومة أو مشاركتها، مؤكدًا أن البرلمان ليس أدلة تشريعية في يد الحكومة لإصدار القوانين التي تسنها، علي حد قوله. وتابع: أن المادة 241 من الدستور ألزمت مجلس النواب بإصدار القانون محل المعارضة بين النواب والحكومة، موضحًا أن مفهوم المصالحة لا يقتصر علي التصالح مع الإخوان، وإنما يتضمن مفهوم المصالحة بمعناها الشامل الواسع.