شكل وصول الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، إلى سدة البيت الأبيض، عامل ضغط على عدد من الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، ودول الخليج، وضيق من مساحة المناورة أمامها، ما دفع بعضها إلى مسابقة الزمن؛ لمحاولة ترتيب الوضع العربي من الداخل، ورد الخلافات بين القوى العربية المؤثرة في المشهد، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ومصر. ودفعت صدمة وصول "ترامب" لرئاسة الإدارة الأمريكية، ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد، إلى القيام بزيارة عاجلة للقاهرة لم يرتب لها سلفًا للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى، والتباحث حول سبل تطبيع قريب لعلاقات القاهرةوالرياض، مطالبًا الطرفين بالترافع عن الخلافات في ظل حراجة الموقف، وتبني "ترامب" موقفًا عدائيًا من دول الخليج خلال حملته الإعلامية. وكلف بن زايد، بعد زيارته للقاهرة، مبعوثين رفيعي المستوى بزيارة الرياض، والبحث عن سبل تسوية الخلافات بين الطرفين، بعد انتزاع تأييد وإن كان مشروطًا لتطبيع قريب بين القاهرةوالرياض، التي ضربتها عدة أزمات منذ تأييد القاهرة، مشروع قرار روسي حول سوريا، داخل مجلس الأمن، وما تلاه من وقف شركة "أرامكو" تزويد مصر باحتياجاتها النفطية، ومع تلا من تلاسن إعلامية بين البلدين، وتوج بانتقادات الأمين العام السابق لمنظمة المؤتمر الإسلامي الساخر من "ثلاجة الرئيس السيسى".
محاولات محمد بن زايد لرأب الصدع بين العاصمتين العربيتين استشعرت الخطر الكبير لوصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وضرورة تشكيل جبهة عربية موحدة تمنع تحول المنطقة لكبش فداء لطموحات الساكن الجديد للبيت الأبيض، وقطع الطريق للنظر إليها كمخزن للنفط ومليارات الدولارات، التي يعتزم السطو عليها لمواجهة العجز الكبير في الموازنة العربية. ويري مراقبون، أن "ترامب" قد يشكل عاملًا مهمًا لنجاح الوساطة العربية بين القاهرةوالرياض، حيث طالب بن زايد البلدين بإجراءات تثبت حسن النية، على رأسها وقف التراشق الإعلامي، وتشكيل وفود تزور الأمارات للبحث في تسوية الخلافات بشكل يحفظ ماء وجه البلدين، وهو ما اُعتبر نهجًا إيجابيًا قادرًا على تبديد الخلافات. ورجحت مصادر دبلوماسية، أن تسهم مخاوف دول الخليج من توجهات "ترامب" في تخفيف حدة مواقفه تجاه مصر، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية الراغبة في إيجاد تحالف قوي عربي وإسلامي يوجه خطابًا موحدًا ل"ترامب"؛ بضرورة وضع المصالح العربية والخليجية ضمن أولوياته بعد تسلم السلطة بشكل يرجح معه خطوات تقارب مع القاهرة، قد يكون من بينها استئناف ضخ المشتقات النفطية، وتقديم معونات لإقالة الاقتصاد المصري من عثرته. ويدعم هذا الطرح، السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية السابق، مرجحًا أن يساهم "ترامب" بشكل غير مباشر في تحسن العلاقات المصرية السعودية؛ بسبب تخوف النظام السعودي الحالي من رئاسة "ترامب" - حسب قوله.
وأضاف "يسري"، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن السعودية ستعود إلى أحضان النظام المصري الحالي؛ بسبب تخوفاتها بشأن تصريحات "ترامب"، أثناء حملته الانتخابية، والتي حملت كراهية للإسلام والمسلمين، بالإضافة إلي دول الخليج ومن بينها السعودية. من جانبه أكد السفير معصوم مرزوق، الدبلوماسي والمحلل السياسي، أن وصول "ترامب" للبيت الأبيض سيدفع كل من القاهرةوالرياض؛ لإجراء مراجعة للعلاقات بينهما، ووضع أساس جديدة تقبل الخلافات، وتعيد تطبيع العلاقات لمواجهة تهور الساكن الجديد للبيت الأبيض. أوضح "معصوم"، أن "ترامب" يميني متطرف، وله موقف معادٍ من النظام السعودي الحالي من قبل أن يتولي الحكم، مؤكدًا أن أمريكا تنظر إلى السعودية على أنها خزانة وقود فقط - حسب قوله.
غير أنه رجح دخول واشنطن على خط العلاقات المصرية السعودية؛ لمنع أي تقارب بينهما، باعتبار التقارب خصمًا من أرصدة واشنطن علي كلامه بتصريحات "ترامب"، والتي قال فيها إن أمريكا لن تحمي أحدًا دون مقابل، وأن السعودية يجب أن تدفع ثمن حماية عرشها، واصفًا الأول بأنه متسرع ومتهور.