غلاء الأسعار هو المرض المزمن الذي يعاني منه المواطن في الآونة الأخيرة؛ حيث تشهد الأيام الحالية موجة ارتفاع أسعار غير مسبوقة في كل السلع الأساسية وهو ما لا يستطيع المواطن البسيط الوقوف أمامها، لا سيما بعد قرار البنك المركزي بتحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، فكانت الوسيلة التي فكر فيها البعض ومنهم رئيس جهاز حماية المستهلك اللواء عاطف يعقوب، تحديد يوم 1 ديسمبر المقبل للوقوف ضد هذا الغلاء ومحاربة جشع التجار. برلمانيون واقتصاديون اعتبروا أن هذه الخطوة لن تجدي نفعًا في ظل غياب الرقابة على الأسواق وهروب الحكومة وجهاز حماية المستهلك. وقدم الدكتور محمد إسماعيل عبده، نائب رئيس جامعة الإسكندرية لشئون فرع مطروح، اقتراحًا يقضي بالقضاء على جشع التجار واستغلال محدودي الدخل والبسطاء بمقاطعة الأسواق وعمليات الشراء يوم واحد كل شهر. وقال إسماعيل في تصريحات له، الجمعة، إنه بعد أن تأكد أن ارتفاع الأسعار يتم بمعدلات أعلى من الزيادة في سعر الدولار ورفع سعر البترول، وإن هذه الزيادات تتصاعد وتتوالى بدون منطق أصبح من الضروري أن يقوم المجتمع بدوره لكسر حلقة الجشع والاستغلال التي تحيط به كما يحدث في الأمم المتحضرة من خلال هذا المقترح. وأضاف: "أقترح توجيه إنذار عملي لنختار يومًا وليكن الأول من ديسمبر ونتوقف فيه عن الشراء تمامًا"، مشيرًا إلى أنه لا يعتقد أنه من الصعب على أي منزل أن يكتفي بما فيه لمدة يوم واحد ولتكن البداية يوم الخميس 1 ديسمبر المقبل وهو يوم نهاية الأسبوع وأول الشهر الجديد. في السياق السابق، قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، إن دعوة اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك بعدم الشراء بداية شهر ديسمبر المقبل لمدة يوم يجب أن يتبناها الإعلام حتى تصل لأكبر عدد من المواطنين ولا تنحصر في بيان أو مبادرة يتم إطلاقها فقط. وأضاف صادق في تصريحه ل"المصريون" أن هذه المبادرة نفذت قبل ذلك وأتت بثمار مرجوة كما حدث في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، حيث دعا المواطنين لمقاطعة شراء اللحوم لمدة شهر لارتفاع أسعارها ما دفع الجزارين طرحها بالسعر المناسب. وفي سياق متصل، يرى علي المصيلحي، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن الدعوة لمقاطعة شراء المنتجات ليوم واحد والتي أطلقها البعض سيكون تأثيرها على التجار معنويًا أكثر منها ماديًا. وأوضح مصيلحي أن هذه المبادرات لن تؤدي إلى تخفيض الأسعار في الأسواق أو مواجهة ارتفاعها، لكنها ستكون رسالة قوية للتجار باستطاعة المواطن المقاطعة، متابعًا: "مواجهة الغلاء لا تتم إلا بإجراءات حقيقية على أرض الواقع، وذلك من خلال عودة العمل بالفواتير وتوفير المنتجات في الأسواق وتشديد الرقابة على الأسواق". وأيد خالد عبدالعزيز، عضو مجلس النواب، حملة جهاز حماية المستهلك بداية من الشهر القادم لوضع حد لنار الغلاء التي تكوى ظهور محدودي الدخل- بحسب وصفه. لكنه رأى أن هذه الحملة ليست حلاً لخفض غلاء الأسعار قائلاً: "لا بد من وضع استراتيجية محددة المعالم من جانب الحكومة لمنع تكرار هذه الأزمات بمراقبتها لحركة الأسواق وإلزام التجار بوضع تسعيرة ظاهرة، حتى يمكن كشف التلاعب مع عقوبات صارمة ضد مَن يثبت تلاعبه بالأسعار". من جانبه، يرى الدكتور شريف دلاور، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، أن مبادرة 1 سبتمبر تعد هروبًا من قبل الحكومة وجهاز حماية المستهلك وإلقائها على كاهل المصريين، قائلاً: "محاربة غلاء الأسعار وضبط السوق ومعاقبة المخالفين من مهام جهاز حماية المستهلك والحكومة ولا يجوز لرئيس جهاز حماية المستهلك قول مثل هذا الكلام؛ لأن الوظيفة الأساسية للجهاز هي ضبط السوق المصرية والسيطرة على الأسعار فهذا الكلام نظري لا يستقيم مع الواقع، كما أن أسلوب المقاطعة يضر بقطاع آخر من المصريين ويؤثر على دورة المال في الأسواق وهذه الاستراتيجية تتوقف على نوع المستهلك والسلعة المستهلكة".