استهل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حكمه بقرارات مشابهة إلى حد كبير بتلك التي اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي في بدايات حكمه. وفاز المرشح الجمهوري "ترامب" بالانتخابات الأمريكية على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، الأسبوع الماضي. وكان "التنازل عن مرتبه"، أول إلهامات السيسى لترامب، حيث سبق وأن أعلن الرئيس الأمريكي الجديد، أنه سيتنازل عن مرتبه البالغ نحو 400 ألف دولار سنويًا، موضحًا أنه "لن يتقاضى سوى المبلغ الذي يلزمه به القانون أي دولارا واحدا فقط سنويا". وكان "السيسي" أعلن تنازله عن نصف راتبه البالغ 42 ألف جنيه، بعد انتخابه مباشرةً، قائلا: "نصف هذا المبلغ لن آخذه.. هذا المبلغ كثير علي". وأكد السيسى آنذاك، أنه "سيتنازل عن نصف ما يمتلكه حتى ما ورثه عن والده، داعيًا المصريين إلى تقديم "تضحيات حقيقية" من أجل بلادهم. ويجتمع "السيسي" و"ترامب" على كراهية جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها "إرهابية"، وهو القرار الذي صدر في نهاية ديسمبر 2013، وتبناه السيسي بصورة واسعة ضد "الجماعة"، منذ إعلانه خارطة الطريق في يوليو 2013. كما يسعى "ترامب" حاليًا إلى تمرير مشروع قرار معروض على الكونجرس باعتبار الإخوان جماعة إرهابية. وجه آخر يتشابه فيه ترامب، كثيرًا مع السيسي، يتمثل في إعلانه محاربة الإرهاب، وهو ما قد يجمع بينهما مستقبلا، حسب تنبوءات للكاتب السياسي، جمال أسعد، موضحًا أنهما "يتخذان من الإرهاب عدوين وعليهما محاربته". وفي تصريحات ل"المصريون"، قال أسعد، إن "ترامب سبق له وأن طالب بتأييد ودعم السيسي في حربه على الإرهاب، ولذا حرص على اللقاء به، نظرًا لمحاربته الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى قدرته على تأمين حدود مصر في سيناء ومن اتجاه الغرب في مواجهة الإرهابيين". وهي التنبوءات التي رصدتها أيضًا وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، مشيرة في تقرير معنون ب"موقف السيسى"، إلى أنه من "المتوقع نشأة علاقات قوية بين الرئيسين تتعلق باتفاقهما حول المهمة الرئيسة في المنطقة، وهي مواجهة الإرهاب والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي". وذكرت الوكالة الأمريكية أن "موقف السيسي من مواجهة التطرف والإرهاب يتفق مع أولويات ترامب، ومن ثم فستكون النتيجة علاقات وثيقة بعد فتور ساد العلاقة بين الأول والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما". وتعد محاربة التيار الإسلامي، عاملا جديدا يربط بين الرئيسين ، حسب ما صرح مساعد وزير الخارجية الأسبق، عبد الله الأشعل مشيرًا إلى أن الصحف الأمريكية تحدثت عن الكيمياء بينهما، واصفًا علاقتهما ب"الممتازة". وتوقع "الأشعل" في تصريحات ل"المصريون" أن يتحول الوضع في عهد "ترامب" من استخدام التيار الإسلامي إلي معاداته ومحاربته، قائلا: "فوز ترامب إيجابي للنظام المصري الحالي". وكان الرئيس الأمريكي الجديد أشاد بسياسة "السيسى"، مؤكدًا أنه يسيطر على أوضاع البلاد ويدفع بالحياة السياسية إلى الأمام، كما وصفه بأنه "رجل رائع تعلم منه وأن بينهما انسجام وكيمياء متبادلة". وطلب "ترامب" من أفراد حملته أن يخبروه عن الرئيس المصري وبعد أن استمع لهم ضرب بيده، وقال إن مثله الأعلى هو الأخير، حسب ما أكد الإعلامي المقرب من النظام عبد الرحيم علي. خلفية كل من الرئيسين تعري خبرتهما السياسية، وهو أمر واضح في شخصية "ترامب"، الشخصية الاقتصادية في المقام الأول، رغم كونه منخرطًا في الممارسة السياسية منذ سنوات. أما "السيسى" فخلفيته العسكرية ليس بها قدر من الاشتغال بالسياسة، كلا الرئيسين انتخبه ناخبون يبحثون عن الأمن ويأملون أنهما يحققانه لهم، كما أنهما صاحبا خطاب تعبوي شعبوي مستند على أمجاد الماضي وضرورة استرجاعها. ومن الملاحظ أن لقاءات "السيسي" يكون معظمها في قاعات مغلقة، ومحدودة الأشخاص، سواء من المؤسسة العسكرية، أو المؤسسات المدنية، وهو ما ينطبق على "ترامب" الذي لم يتم اختباره جماهيريا بعد. وكما أن هناك نقاط للتشابه بين الرئيسين، هناك نقاط للاختلاف، ومنها أن "ترامب" يرفض وفود المهاجرين إلى أمريكا، ومصر تعرض نفسها مكانا بديلا لتلقي المهاجرين، بحسب تصريحات للسيسى في الاجتماع الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة. ويقود "السيسي" دولة نامية تعاني من انهيار على كل الأصعدة، أما الرئيس الأمريكي فيقود دولة ذات اقتصاد قوي، وصاحبة أقوى ترسانة عسكرية وعلمية وتعليمية في العالم. وصل "السيسي" إلى الحكم بعد مظاهرات واسعة، تبعها قرار عسكري بالإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، فيما وصل "ترامب" للحكم بعد انتهاء مدة ولاية سابقه "أوباما" بشكل ديمقراطي معتاد في بلاده. ويتبقى أن تكشف الأيام سياسات واشنطن مع الرئيس الجديد، الذي تحدث كثيرًا خلال حملته الانتخابات، وتوعد الجميع، فيما تؤكد الدلائل أن الولاياتالمتحدة دولة مؤسسات لا تقوم على سياسة شخص الرئيس بخلاف مصر.