قالت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية, إن مدينة الموصل العراقية ومدينة حلب السورية, يواجهان نفس المصير, فيما يتعلق بالحرب الوحشية الممتدة على الأغلبية السنية فيهما. وأضافت الصحيفة في مقال لها في 27 أكتوبر, أن هناك مخاوف من ارتكاب الميليشيات الشيعية الموالية لإيران مجازر واسعة ضد الأغلبية السنية في الموصل, على غرار ما يرتكبه نظام بشار الأسد وروسيا وإيران يوميا في حلب. وتابعت " حلب والموصل تتشاركان أيضا التاريخ والثقافة، حيث كانت المدينتان جزءا من الدولة الزنكية بالقرن ال12، واصطدمت مصائرهما وتباينت قبل أن يتم فصلهما بشكل دائم بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية عندما رسمت القوى الاستعمارية الغربية الحدود الحديثة بالشرق الوسط، وأرادت فرنسا الموصل أن تكون جزءا من سوريا, لكنها تنازلت عنها للبريطانيين الذين ألحقوها بالعراق". واستطردت الصحيفة "السمات المتشابهة بين المدينتين عديدة, والمحن التي تولدت فيهما, نشأت بالأساس من تعرض الأغلبية السنية فيهما لمظالم متشابهة". وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية, قالت أيضا إن الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الموالون لإيران, ارتكبت أخطاء فادحة بمعركة الموصل, أبرزها السماح بمشاركة الميليشيات الشيعية التي تقوم بدور الوكيل لإيران في العراق. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 25 أكتوبر, أن هذه الميليشيات لها تاريخ من التعامل مع السنة كافة باعتبارهم أعضاء في تنظيم الدولة، وهي تقوم بتعذيب المدنيين وحرق القرى في أطراف الموصل. وتابعت "نهج الأرض المحروقة الذي تنفذه هذه الميليشيات الشيعية ضد الأغلبية السنية في الموصل يتسبب في نزوح آلاف اللاجئين الجدد, الذين سيتوجهون إلى إقليم كردستان العراق ومن ثم تركيا وإلى أوروبا في نهاية المطاف". وأشارت الصحيفة إلى أن أكبر التحديات بعد استعادة الموصل من سيطرة تنظيم الدولة, هو ضمان عدم سقوطها مرة أخرى في قبضة التنظيم, محذرة من أن المجازر ضد السنة ستساعد على عودة التنظيم بشكل آخر. وكانت "الجزيرة" نقلت عن مصادر عراقية قولها, إن أفرادا من ميليشيا الحشد الشعبي الشيعية أعدموا في 24 أكتوبر خمسة من أبناء إحدى القرى بأطراف القيارة قرب الموصل التي استعادتها القوات العراقية من تنظيم الدولة. كما بث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر فيه مسلحون من الحشد الشعبي وهم يعذبون أطفالا لم تتجاوز أعمارهم 14 عاما في إحدى المناطق جنوب الموصل، وتسمع في الشريط أصوات مسلحي الحشد وهم يسخرون من الأطفال ويتهمونهم بالانتماء لتنظيم الدولة. وكانت منظمة العفو الدولية (أمنستي) قالت في وقت سابق هذا الشهر إن الميليشيات شبه العسكرية والقوات الحكومية في العراق ارتكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك جرائم حرب في إطار حربها على تنظيم الدولة. وسلطت أمنستي في تقريرها المعنون ب"يعاقبون على جرائم تنظيم الدولة" الضوء على ما يتعرض له الفارون من مناطق سيطرة التنظيم من تعذيب وإخفاء قسري، وإعدام خارج القانون على أيدي الميليشيات الشيعية والقوات الحكومية. كما دعت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الدولية لحقوق الإنسان, قبل بضعة أشهر, إلى منع الفصائل المسلحة التي لها "سجلات انتهاكات مروعة" من المشاركة في معركة استعادة الموصل من تنظيم الدولة. وكانت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية حذرت أيضا من احتمال تكرار المجازر الطائفية ضد الأغلبية السنية في مدينة الموصل, على غرار ما حدث سابقا في الرمادي والفلوجة. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها في 19 أكتوبر, إن المشكلة الحقيقية لمعركة الموصل ستظهر بعد استعادتها من أيدي تنظيم الدولة, بسبب السياسات الطائفية الانقسامية, التي خلفتها حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي, التي كانت ترعاها الولاياتالمتحدة وبريطانيا. وتابعت " مكمن الخطر بالنسبة لمعركة الموصل أن الجروح الطائفية العميقة في العراق لم تلتئم بعد, حيث قامت الميليشيات الشيعية سابقا بجرائم قتل وخطف وسلب ونهب ضد السُنة في الرمادي والفلوجة بمحافظة الأنبار غربي العراق, بعد طرد تنظيم الدولة منهما". وخلصت الصحيفة إلى القول :" إن الحملة العسكرية هي الجزء الأسهل فيما يتعلق بمهمة استعادة الموصل، فيما ستكشف الأسابيع المقبلة ما إذا كان سيتم نزع فتيل الفتنة الطائفية في المدينة, أو تأجيجها في العراق والمنطقة على نطاق أوسع". وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية حذرت هي الأخرى من أن معركة استعادة الموصل من أيدي تنظيم الدولة, قد تخلف حروبا أخرى, في ظل عدم تجانس القوات المشاركة في محاولة تحريرها, وعدم حسم القضايا الشائكة بعد الانتهاء من العمليات القتالية. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 13 أكتوبر, أن الاستعدادات لخوض هذه المعركة تسارعت في الأسابيع الأخيرة بعد أن اتفق المسئولون في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق على خطة عسكرية مفصلة لاستعادة الموصل التي تعد آخر أكبر معاقل تنظيم الدولة في العراق. وتابعت " خطط التحالف الدولي أيضا ضد تنظيم الدولة بالموصل تعتبر جاهزة، ولكن مزيج القوات غير المتجانس في التحالف قد يؤدي إلى استمرار القتال لفترة طويلة, أو يشعل صراعات أخرى منفصلة". واستطردت الصحيفة " القضايا الشائكة لم تحسم أيضا, ومن بينها دور الميليشيات الشيعية, ومسألة من يسيطر على الموصل بعد استعادتها". وحذرت الصحيفة أيضا من انتهاكات محتملة ضد سكان الموصل السُنة من جانب الميليشيات الشيعية، وقالت إن تنظيم الدولة نجح في السيطرة على الموصل منتصف 2014 , بسبب شعور الأغلبية السنية في المدينة بالتمييز من جانب الحكومة المركزية في بغداد التي يقودها الشيعة, وجراء معاناتهم من سوء المعاملة من القوات الأمنية التابعة لهذه الحكومة". وبدورها, عبرت الأممالمتحدة أيضا عن قلقها البالغ على سلامة نحو 1.5 مليون شخص يعيشون في الموصل، محذرة من احتمال نزوح مليون شخص منهم، وقالت إن أكثر من 900 نازح فروا من الموصل إلى سوريا, في أول موجة نزوح. وقال ستيفن أوبراين مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي في 19 أكتوبر :"إنه يشعر بالقلق الشديد على سلامة نحو 1.5 مليون شخص في الموصل"، محذرا من أنهم سيتعرضون لخطر الوقوع وسط تبادل لإطلاق النار أو أن يكونوا هدفا للقناصة، أو أن يتم استخدامها كدروع بشرية، أو يتعرضون للحصار أو الطرد. وأضاف أوبراين أن كبار السن والمعوقين والنساء الحوامل قد يكونون غير قادرين على التحرك بأمان دون مساعدة. وتوقع أن يؤدي التكثيف المرتقب للأعمال العدائية في المناطق المكتظة بالسكان إلى نزوح مليون مدني، وذلك تزامنا مع إعلان المتحدثة باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين ميليسا فليمنغ أن أكثر من 900 شخص من الموصل عبروا الحدود إلى سوريا، ويتواجدون حاليا في مخيمات اللاجئين. وأضافت "من المرجح أن نستخدم تلك المخيمات كمأوى مؤقت لأولئك النازحين، إلى حين نقلهم إلى مناطق آمنة داخل الحدود العراقية". وفي وقت سابق، حذرت منسقة الأممالمتحدة للشئون الإنسانية في العراق ليزا غراندي من استخدام الأسلحة الكيميائية في المعركة، أو استخدام المدنيين كدروع بشرية. وحسب "الجزيرة", يشارك في معركة الموصل 12 تشكيلا مسلحا أبرزها: الجيش العراقي ويقدر بنحو أربعين ألف مقاتل, وميليشيات الحشد الشعبي وتقدر حشودهم الجاهزةُ للاشتراك بالمعركة بنحو أربعين ألف مقاتل مجهزين بأسلحة تفوق أسلحة الجيش, وقوات البشمركة الكردية ويقدرون بنحو خمسين ألف مقاتل, بالإضافة إلى مسلحي الحشديْن الوطني والعشائري ويقدرون بسبعة آلاف، وهناك من يقدر عددهم ب15 ألفا. كما يشرف نحوُ تسعة آلاف من أفراد التحالف الدَولي -بينهم أكثر من خمسة آلاف أمريكي- على سير المعركة من خلال التدريب وتقديم الدعم الجوي والمدفعي, دون المشاركة على الأرض, فيما يتردد أن عدد مقاتلي تنظيم الدولة في الموصل ومحيطها يتراوح بين ستة وعشرة آلاف مقاتل.