رجال الأعمال المساجين لهم "خدم" من المساجين بمرتَّبات مجزية ويعيشون "باشوات" داخل أسوار السجن! السجَّانون: السجناء لا يخشَوْن شيئًا داخل السجن، ويتبادلون المخدِّرات علنيًّا محمد زارع: السجون المركزية الموجودة بأقسام الشرطة غير ملائمة للحياة الآدمية، والتى لا يدخلها فقط المجرمون وأرباب السوابق، بل قد يدخلها أحد المواطنين الشرفاء بسبب خطأ يسير لم يكن يقصده، وعلى وزارة الداخلية سرعة اتخاذ القرار بشأن هذه السجون احترامًا لآدمية البشر الذين يدخلونها اللواء عبد المنعم كاطو: السجون المصرية تفتقد للتجهيزات الأمنية المطلوبة التى تحصّنها ضد الاقتحام والتدمير اللواء جمال أبو ذكرى: الضباط والأمناء داخل السجون يتعرضون لمضايقات بالغة من قبل السجناء ولم يعد السجين يخشى من أى عقوبة داخل السجن؛ ولذلك يجب تغليظ العقوبات على من يخالف اللوائح والقوانين من السجناء؛ وذلك لأن المسجون شخص مُدان حالة من الفوضى والدمار تسود السجون المصرية بعد ثورة 25 يناير، وذلك بسبب الاعتداءات المتكررة عليها والمستمرة حتى الآن دون إعادة إصلاح وبناء السجون التى تم تدميرها، وعدم إيداع السجناء داخلها، وتكدّس معظمهم فى سجون بعينها؛ مما يكلف الداخلية الكثير فى حماية هذه السجون، ويجعل مهمة الضباط بداخلها مستحيلة، بالإضافة إلى عدم تشغيل مصانع السجون حتى الآن، مما يكلف الدولة الكثير من ملايين الجنيهات، كل هذا وأكثر من تدنٍّ لأوضاع السجون المصرية بعد الثورة، ولأهمية هذا الملف نقوم من جانبنا بفتْحه، واستطلاع الخبراء فى جزئياته. فى البداية يقول محمد عبد المطلب أمين شرطة بسجن طرة: إن السجون بعد الثورة أصبحت فى حالة يرثى لها؛ وذلك بسبب تدميرها بالكامل من قِبَل بعض الأيادى الخفية التى لا يعلمها أحد إلى الآن، وسرقة أسلحة من داخل مبانيها ومعدَّات المصانع التى تم سرقتها بالكامل، وتوقَّفت عن الإنتاج منذ الأيام الأولى للثورة التى شهدت انتهاكًا غير مسبوق للسجون ، مستطردًا أنه على عكس المعروف، فالداخلية حاربت واستشهد من بين ضباطها وأمناء الشرطة والسجانين الكثير جرَّاء حماية السجن ممن اعتدوا عليه، وأنه هو وزملاؤه فى سجن طرة صمدوا أمام الاعتداء الذى وقع عليهم لأكثر من 8 ساعات، وظلوا يتبادلون إطلاق النيران مع هذه الجماعات التى كان معظمها من البدو والملثّمين، ولكن الذخيرة التى كانت لديهم نفدت، ولم تستجب أى جهة أمنية لهم لتقديم المساعدة، أو حتى مزيد من الرَّصاص حتى يستطيعوا مواصلة الحرب مع هذه الجماعات. وأضاف عبد المطلب أن السجناء لم يعودوا يخشون شيئًا داخل السجن بعد الثورة، ويقومون بخرق القانون دون خوف من الحبس الانفرادى، الذى أصبح بمثابة فسحة لهم، يتناولون داخلها كل أشكال وأنواع المخدِّرات دون الخوف من ردع، ونحن كسجَّانين أصبحنا نخاف من السجناء بسبب تكدُّسهم فى السجن، وعدم قيامهم بأى عمل سِوَى مضايقة الضباط والأمناء داخل السجن بسبب تعطيل معظم مصانع السجن وسرقة محتوياتها أثناء الثورة، ومن ثَم فمهمتهم داخل السجن أصبحت شاقة بسبب الاعتداءات المتكررة على زملائهم من قِبَل المساجين، والتى لم يعودوا يحتملونها، وعدم امتلاكهم السلاح داخل عنابر السجناء، كل هذا فى ظل اتهام معظم الصحف والمحطات الفضائية لنا بالتقصير فى أداء واجبنا، ونحن نعمل فى ظل ظروف صعبة جدًّا دون مساندة أحد لنا. وأشار عبد المطلب إلى حدوث الكثير من الأمور الغريبة داخل السجن التى لا يعرفها الكثيرون، حيث يقوم أى رجل أعمال محبوس على ذمة قضايا فساد أو غيره بتعيين اثنين من المساجين لخدمته مقابل أجر مادى كبير؛ حتى يعيش كالباشا فى السجن ليُنهى فترة عقوبته، وعلى أيدى هؤلاء إضافةً إلى الضباط الفاسدين وأمناء الشرطة الذين ياخذون رشاوَى من رجال الأعمال، يتم إدخال أنواع وأشكال الممنوعات كافة للسجن دون تفتيش، ويعيش السجين فى قصر وليس زنزانة كغيره من المذنبين، والذين أتوْا لهذا السجن ؛ لكى يعاقبوا على جرائم ارتكبوها، وليس ليتنزَّهوا داخل السجن، والحل الأمثل لهذه المشكلة هو قيام الوزارة بنقل العاملين داخل السجون من ضباط وأمناء كل 3 شهور لسجن آخر، حتى لا تتعمَّق علاقتهم بالمساجين، ويجلبون لهم ما لذَّ وطاب من الممنوعات بداخل الزنزانة. ويقول محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى إنه إلى الآن لم يحدث أى تغيير فى أوضاع السجون المصرية، فالأوضاع كما هى عليه قبل ثورة 25 من يناير، ومازالت الأمور تزداد سوءًا فى سجون الداخلية، خاصة فى السجون المركزية الموجودة بأقسام الشرطة، والتى تهدَّم معظمها أثناء اعتداء البلطجية على السجون فى ظل الأيام الأولى للثورة، بالإضافة إلى عدم ملاءمتها للحياة الآدمية للبشر، والتى لا يدخلها فقط المجرمون وأرباب السوابق، بل قد يدخلها أحد المواطنين الشرفاء فى غفلة منه أو خطأ يسير لم يكن يقصده، وعلى وزارة الداخلية سرعة اتخاذ القرار بشأن هذه السجون احترامًا لآدمية البشر الذين يدخلونها. الاستثناء الوحيد الذى حصل هو الإفراج عن بعض السجناء السياسيين، وخاصة الجماعات الإسلامية والجهاد، وحسن معاملة مَن تبقَّى منهم فى السجون، ولكن، ويا لَلأسف!، أوضاع السجناء المدنيين فى تَدَنٍّ واضح، وتتكرر أحداث العنف والقتل واستعمال عصا القوى الغليظة معهم، ولم يمضِ سوى شهور قليلة على ما حدث للمسجون عصام عطا، والذى يعد انتهاكًا لآدمية البشر ، التى كفَّلتها كل الأديان السماوية، وخاصة الدين الإسلامى الذى رفع من قدر البشر، وأوصى بحُسن معاملتهم. وأكد زارع أن المشكلة الأساسية التى تواجه إصلاح السجون المصرية وتحسين معاملة السجناء، هى الافتقاد للآلية الصحيحة التى تتم معاملة السجناء بها، وكيفية استثمارهم فى خدمة المجتمع، والاستفادة من جهودهم، ويا للأسف!، فأثناء قيام الثورة ومنذ الأيام الأولى لها، حدث تخريب لكثير من السجون والاعتداءات المتكررة عليها وعلى أقسام الشرطة، وأوجد حالة من التشدد فى معاملة الضباط للسجناء، بالإضافة إلى أن تجميعهم فى مكان واحد أمر بالغ الخطورة، وهذا يمثل كارثة للأمن المصرى؛ فتكدُّس السجناء فى مكان واحد يجعل من الصعب السيطرة عليهم، والاحتمالات الكثيرة لمحاولتهم الهروب أو استخدام العنف مع الضباط. وأضاف محمد زارع أن مصر خسرت الكثير بسبب عدم تشغيل مصانع السجون، وإعادة الحياة مرة أخرى لها؛ وذلك لأن جزءًا من تأهيل السجين تعليمه حرفة، يتكسَّب منها قُوتَه، أو استثمار المهنة التى يتقنها فى السجن؛ حتى لا يكون أمامه متسع من الوقت لكى يفكر فى الهرب، بالإضافة إلى توفير مال له ينفق منه داخل السجن، ولو ترك المجلس الأعلى للقوات المسلحة الأوضاع كما هى عليه فى السجون فسنجد أنفسنا أمام كارثة حقيقية، وممتدة على كل الأصعدة؛ لأن مصانع السجون كانت تنتج مستلزمات كثيرة، ويأتيها دخلٌ يتم إنفاق جزء منه على ترميم والسجون، وتوفير المتطلبات الأساسية للسجناء التى تتحمل نفقتها الدولة الآن. ويؤكد اللواء عبد المنعم كاطو الخبير العسكرى والاستراتيجى أن السجن ليس مجرد مبنى فقط، وإنما تجهيزات مختلفة تكفل الأمن للسجن كالأبواب الفولاذية وأنظمة التأمين المختلفة؛ وذلك بسبب الاعتداءات المتكررة والمستمرة منذ قيام الثورة حتى الآن، وهو ما يفسر وضع السجناء فى سجن واحد، وعدم إيداع أى مسجون فى بعض السجون التى تم ترميمها وتجهيزها كسجن "أبو زعبل" مثلاً، فمن الممكن أن تكون التجهيزات الأمنية المختلفة لم يتم وضعها بالكامل فيه، وإعادة بناء السجون وتجهيزها بالكامل يحتاج إلى جهود غير عادية ونفقات كثيرة. وأضاف كاطو أن الشرطة تلقَّت ضربة قاصمة أثناء قيام الثورة لم تُفِقْ منها إلى الآن، وإلى الآن لم يتم فتح تحقيق فى مسألة الاعتداء المنظم الذى حدث للسجون المصرية أثناء الثورة، وحالة الانفلات الأمنى السائدة منذ ذلك الحين، ومهاجمة أقسام الشرطة لا بد من فتح تحقيقات حقيقية وجادة عنها؛ حتى نعرف مَن يتربصون بمصر، ولا يريدون لها الخير، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة يحارب فى أكثر من جبهة، وقبل إعادة بناء وتأهيل السجون لإيداع السجناء فيها يجب إعادة بناء هيكل الشرطة من جديد، فهذا له الأولوية، ثم إعادة منظومة التسليح وكيفية توعية رجال الشرطة بالتعامل مع المواطنين؛ حتى يسايروا المنظومة الجديدة، وهناك جهات لا أحد يعلمها تترصَّد بالشرطة، وتحاول تدميرها، فكلما تتقدَّم خُطوة للأمام ترجع عشرًا للخلف، ونرجو أن تستعيد الشرطة قوتها قبل انتهاء الفترة الانتقالية، وعودة الجيش لثكناته مرة أخرى، والشرطة العسكرية لن تستمر فى حماية السجون والمنشآت العامة كثيرًا، ولو قامت الشرطة بدورها الصحيح فى حماية المجتمع بصلاحيات معقولة تختلف عن شرطة أسكوتلنديارد وشرطة الولاياتالمتحدةالأمريكية، التى تكفل للعسكرى الفيدرالى إطلاق النيران على أى شخص خالف القانون أثناء قيادته للسيارة مثلاً، فستُصان هيبة الدولة التى تُنتهك من قِبَل الكثيرين الآن، بالإضافة إلى حاجة وزارة الداخلية للتطهير من الأمناء والضباط وكل القيادات الفاسدة، والتى تكرس حياتها لخدمة السجناء داخل السجن، وتأخذ منهم أموالاً طائلة لقاء إدخال الممنوعات إليهم داخل الزنزانة. وعن خسائر الاعتداء على السجون وسرقة معدات مصانعها، يقول كاطو إن وزير الداخلية السابق اللواء محمود وجدى أكد فى وقت سابق، أن خسائر السجون المصرية وصلت إلى600مليار جنيه جرَّاء تدميرها، وسرقة كل معدات المصانع داخلها، وإعادة الهيكلة والانضباط داخل السجن تتطلبان صياغة التشريعات والقوانين التى تنظم العمل داخل السجون مرة أخرى، وتغليظ العقوبات على المتهمين الذين يسيئون التصرف، حيث تتم معاقبة المسجون والحكم عليه بأحكام غليظة إن حاول الهرب، أو اعتدى على الضباط فى السجن، والأمر سِيان، إن تم الاعتداء من قِبَل الأمن؛ وذلك لتفادى خسائر التدمير، وهروب المساجين التى وصلت فى سجن وادى النطرون فقط نحو 200 مليون جنيه، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لا يغفل عن مسئوليته لإعادة بناء السجون وتأهيلها بالكامل، بصفته الحاكم الفعلى للبلاد الآن، ولكن هناك كثير من الأمور التى تفرض نفسها على الساحة السياسية فى مصر، وخاصة التحول الديمقراطى والانتقال السلمى للسلطة، وعلى الإعلام تحريك المياه الراكدة فى هذا الموضوع، وحث ولفت نظر "العسكرى" له. ويؤكد اللواء جمال أبو ذكرى الخبير الأمنى أن أوضاع السجون توحَّشت بعد الثورة بسبب عدم تجديد وهيكلة كل السجون التى تم الاعتداء عليها من قِبل بعض الجهات المارقة التى تريد تدمير مصر، ولم تفتح السلطات المصرية إلى الآن تحقيقًا فى هذا الشأن، وهذا ما يسئ الأمر، وعلى وزارة الداخلية إعادة وضع السجناء فى السجون التى تم استكمال بنائها كسجن "أبو زعبل" بمحافظة القليوبية، وتوفير المعدات والأسلحة التى تكفل الأمان داخل السجون، وتنشيط وجود الشرطة فى الشوارع وداخل السجون، وإعادة تشغيل مصانع السجون مرة أخرى؛ حتى يخفَّ الضغط على الداخلية فى حماية السجون؛ وذلك لأن الضباط والأمناء يتعرضون لمضايقات بالغة من قِبَل السجناء، ولم يعد السجين يخشى من أى عقوبة داخل السجن؛ ولذلك يجب تغليظ العقوبات على مَن يخالف اللوائح والقوانين من السجناء، وذلك لأن المسجون شخص مُدَان بحكم القانون، ويجب إعادة تأهيله مرة أخرى عن طريق تعليمه كيفية احترام القانون، وتنفيذ الأوامر والدولة لو لم تقم الآن باسترداد هيبتها، وتغليظ العقوبات على منتهكى القانون فلن تستعيدها أبدًا. ويقول الدكتور حمدى عبد العظيم الخبير الاقتصادى ورئيس أكاديمية السادات السابق إن السجون فى حد ذاتها تمثل تكلفة على الدولة تبلغ المليارات سنويًّا لتوفير الاحتياجات الأساسية للسجناء، فما بالنا عند اعتدائهم هم وجهات غير معلومة حتى الآن على السجون وتدمير البنية التحتية لها، وامتلاكهم للسلاح وتحوُّلهم إلى خطر حقيقى على المجتمع المصرى؟!، فالخسائر أصبحت أكثر من ذى قبل، بالإضافة إلى ارتكابهم مزيدًا من حوادث السرقة والقتل والاغتصاب، وقطع الطرق الذى يكلف الدولة ما لا تطيقه أو تتحمله فى ظل هذه المرحلة الانتقالية الحرجة إلى الآن، فاقتحام أقسام الشرطة مازال مستمرًّا حتى الآن؛ ولهذا وصل حجم الخسائر إلى 20 مليار جنيه. أما بالنسبة لخسائر المصانع التى كانت موجودة فى السجون قبل الثورة، والتى تم سرقة معظم (إن لم نَقُلْ كل) معداتها بالكامل، فقد خسرنا 600 مليون جنيه على مستوى سجون الجمهورية، حيث إن ثمن الآلة الواحدة يصل إلى 30 ألف جنيه، وعلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يصدر أوامره فورًا بتوزيع السجناء على السجون التى تم ترمميها؛ حتى تتخلص الداخلية من رعب إبقاء السجناء فى مكان واحد، والفاتورة الأمنية الضخمة التى تحتاجها لذلك، وحتى لا تتخلف مِصر عن المعايير الدولية لمساحات السجون، وكيفية معاملة السجناء والتى تفترض عدم تكديس السجون، وترك مساحة فى العنبر بين كل مسجون، ويا لَلأسف!، المساحة الموجودة عندنا للسجناء بها أعداد تتجاوز 10 أمثال العدد المفروض، ويجب أن يتوافر الأمن داخل السجون، وأن تخضع لإشراف القضاء الكامل عليها، ويتم إخلاؤها من المخدِّرات، ولا يمكن تركيز وزارة الداخلية على سجن طرة فقط، باعتباره ملتقى رجال النظام السابق، بل يجب ألا تترك باقى السجون تغرق فى المخالفات.