المشكلة اسمى زهراء ليس لدى مشاكل والحمد لله، أنهيت دراستى الجامعية ومن أسرة ملتزمة وأحب أن تكون كل تصرفاتى فى النور ومعلنة فليس لدى ما أخجل منه أو أخفيه، تقدم لى شاب مناسب وتمت الخطبة بالفعل وما يحيرنى حاليًا هو حدود العلاقة مع خطيبى، حاولت أقرأ عن هذا الموضوع فوجدت هناك من يتشدد جدا ويعتبر الخاطب حكمه مثل الغريب أو الأجنبى وهناك من يتساهل جدا معه، وبالنسبة لزميلاتى من الفتيات لمست هذا التساهل فى أشكال عديدة فهناك من تعتبره كأنه زوجها تخرج معه وتحكى له كل أسرارها وتستأذنه فى كل شىء وتسافر معه أيضًا، وهناك من تظل معه على التليفون حتى الصباح دون علم أهلها وهناك من يحدث بينهما أشياء كثيرة بحجة إتاحة الفرصة لنمو الحب بينهما، والمهم أن بعض هذه الحالات فشلت وانفضت ولا أعرف ما هو تأثير ذلك على البنت وماذا لو تكرر الأمر مرات ومرات؟ وفى نفس الوقت بالنسبة لمن يتشدد ويقول هو أجنبى عنك لا ترينه ولا يراك ولا تكلميه ولا يكلمك أتساءل إذن ما هى فائدة الخطوبة؟ وكيف سيتم التعارف بيننا لنتأكد من أخلاق بعض ومدى التوافق بيننا؟ وما التغييرات التى ترتبت على بعد أن لبست دبلة الخطوبة وارتبطت بخطيبى؟ الرد أولا أحييك على الوضوح والنقاء والثقة التى تتميز بها شخصيتك، وسوف نبدأ بسؤال: ماذا بعد أن استقرت الدبلة الذهبية فى يد الفتاة اليمنى وأصبحت مخطوبة؟ وما التغييرات التى ترتبت على ذلك؟ حدثت تغييرات كبيرة أولها تجسيد فارس الأحلام فبعد أن كان مجرد حلم لاح بليل الساهر أصبح حقيقة، وبعد أن كانت صفاته غير محددة تتبدل وتتغير حسب الأحوال تحلم به يومًا فارسًا شجاعًا ويوم آخر تراه يذوب رقة ورومانسية، تراه يومًا أشقر وسيما مثل (مهند التركى) ويومًا آخر تنحاز لسمرة النيل لدى (أحمد زكى) بعد الدبلة صار محددًا مجسما أمامها وعليها أن تتقبل صفاته وتتفاعل مع ما يعجبها وما لا يعجبها. التغيير الثانى أن الدبلة معناها إغلاق الباب عليها، كان الباب دائمًا مفتوحًا لمن يريد التقدم لخطبتها، بعد الدبلة أصبحت موعودة لخطيبها، فالخطبة وعد بالزواج لا يجوز الإخلال به ولا يخطب المسلم على خطبة أخيه. بعد الدبلة أيضًا بدأ النقر على باب القلب يزداد وانفتح رويدا رويدا لمشاعر الحب التى كانت ممنوعة من قبل، فهاهو الفارس يرسل رسائل حب مباشرة وغير مباشرة يخفق لها القلب ويحمر من تأثيرها خد الجميل. بعد الدبلة صارت ترى نظرات تتراوح بين الفرح والحسد فى عيون الصديقات وتشعر أنها صارت مميزة، وأنها انتقلت من طابور الانتظار الطويل إلى كراسى الاستقرار والإنجاز. هل نفتح الباب على مصراعيه لانطلاق المشاعر أم نقوم بتجميدها؟ بعد هبوط فورة الفرح الأولى واستقرار الوضع، يطالب الجميع الفتاة بتجميد مشاعرها عند هذا الحد، الخاطب حكمه الشرعى أنه أجنبى عنها، وبالتالى ليس له أية حقوق، ولكن منطق الحياة الثابت هو أنه لابد من التغيير، والمشاعر تحديدا مثل موج البحر فجأة تأتى موجة المد لتقتحم الشاطئ، كيف نضبط الأمر بشكل واقعى؟ أفضل طريقة هى تقصير مرحلة الخطبة قدر الإمكان فهى علاقة غائمة غير محددة وتثير المتاعب لو طالت، كلما كانت قصيرة كان أفضل، ولتكن مرحلة للتأكد من التوافق والبدء فى إعداد بيت المستقبل. ثم يجب التأكيد على مسألة أن الخاطب أجنبى عنها هذه الحقيقة هى عنوان المرحلة، ولا يجوز تمييعها بأى شكل، وكل الممارسات التى ذكرتها عن التساهل فى العلاقة والسفر والخروج خاطئة تمامًا وتنتهى بكوارث عافاك الله منها، أما الفتاة الملتزمة فلا نخاف عليها من الغريب فهى محصنة، ولكن نخاف من الخاطب فهناك خط مفتوح بينها وبينه وخطواتهما معًا دائمًا على المحك، هو أجنبى عنك حقيقة لا يمكن التغافل عنها ذكرى نفسك بها كل صباح. مع وضع الحدود والقيود وضبط المشاعر ما فائدة فترة الخطوبة؟ أجمل قصص الحب فى العالم تلك التى نمت دون كلام، عندما يلتقى اثنان وتندلع شرارة الحب فى القلب وتكون هناك اعتبارات اجتماعية أو ثقافية تحول بينهما فإنهما يتعاملان ظاهريا بشكل عادى ورسمى، ولكن الحب ينمو ويتأجج فى القلب دون كلمة واحدة. هذا هو أفضل استثمار لفترة الخطوبة، إن الخفة فى التعبير عن الحب وكثرة الكلام فى هذا الشأن ليست فى صالح العاطفة الوليدة، كثرة الكلام تجرف المشاعر وتبتذلها وتفرغ القلب من محتواه أولا بأول وقد تجر إلى ابتذال القول ثم الدخول فى مرحلة الصدام والخلاف وفى كثير من الأحيان يكون هذا هو السبب المباشر لانتهاء الارتباط، لقد تسارعت نبضات القلب حتى وصلت لمرحلة السكتة القلبية. حتى رغيف الخبز يحتاج وقتًا لابد أن يختمر جيدا ويخبز جيدا وكذلك الحب لا يمكن أن تأكله نيئا ولذلك كانت فترة الخطوبة هى الوقت الملائم لتنمية الحب بشكل هادئ بين قلبين وزرع نبتته ثم رعايتها وانتظار وقت الحصاد، ووقت الحصاد هو بعد الزفاف وليس قبله. إن العفاف فى اللفظ والعلاقة أثناء الخطوبة هو من أقوى عوامل تنمية الحب، فالحب نسيج يجمع بين الرقة البالغة والقوة الشديدة ولذلك تحتاج خيوطه للحذر أثناء نسجها إنها تنسج خيطا بجوار الآخر، الأحمر بجوار الأزرق ثم الأبيض فالأخضر حتى تكتمل اللوحة مع مراعاة توزيع الإضاءة ودرجات الظل والنور. أما الاستعجال فهو يجعل الخيوط تتداخل وتتعقد ولا تكتمل اللوحة، وإذا اكتملت صارت مشوهة قبيحة، الحب والفن لا يحتملان الحلول الوسط إما جمالا مبهرا أو قبحا منفرا، والفارق بين الاثنين الصبر والإتقان. دعى الحب ينمو دون أن نشوش عليه بالرغى المبتذل، وتأملى مواقف خطيبك واحتفظى بكل جميل منها خيطًا جديدًا فى لوحة حبكما. حتى بعد الزواج والانفتاح التام بين الزوجين تظل ذكريات الخطوبة البريئة هى الأجمل والأعمق أثرا فى نفس الزوجة، فهى تقول لا أنسى يوم أن علم أننى تعرضت لحادث بسيط وعاد من سفره خصيصا ليطمئن على ولا أنسى نظرة عينيه الممتلئة بالحب والقلق واللهفة وهو يقول (سلامتك). نحو خطبة صحية تقصير مدة الخطبة قدر الإمكان هو الوضع المثالى ولا أتخيل كيف تدوم الخطبة سنوات وسنوات وما فائدتها فى هذه الحالة؟ الأمر الثانى أن تكون اللقاءات متباعدة فليس معنى الخطبة أن يقيم فى بيت عروسه كما يحدث. من الأفضل أن تكون اللقاءات عائلية تتم بحضور بعضا من أهل الطرفين لأن ذلك يتيح فرصة أكبر لمعرفة الطرف الآخر أثناء معاملته للآخرين، وكذلك يوطد أواصر العلاقة الوليدة ولا يقصر العلاقة على الطرفين فقط، فكلما امتدت بين العائلتين كانت أقوى. كما أن اللقاء العائلى يشجع على الكلام المنضبط فى الأمور العامة والخاصة ويسمح بالنمو الصحى للحب فى زمن الخطبة. [email protected]