يعرف كل من القضاء الجالس والقضاء الواقف وأروقة المحاكم المصرية أنواعًا عديدة من الجرائم، منها جرائم الاستيلاء بطريق الاحتيال على الأراضى التى غاب عنها ملاكها الأصلاء لأى عارض أو بغرض تجهيز ما يلزم من أجل التراخيص والبناء. فى هذا النوع من جرائم الاحتيال تتوزع المهام فى الغالب على عدة فرق ومستويات: فريق يتولى كل من عمليتى التخطيط الدقيق والتمويل السخى واللازم لإتمام العملية. وهذا الفريق هو الأهم والأخطر والأكثر دهاء واحترافية وقدرة على التمويه والتخفى، وهو فى الغالب لا يكون معروفًا لبقية الفرق إلا فى حدود ما يلزم لتسيير عملية الاحتيال. وفريق من الخبراء والفنيين يتولى عملية تقنين الاحتيال من خلال تحديد الثغرات القانونية، التى يمكن من خلالها الاختراق وتمكين المحتالين من حيازة قطعة الأرض موضوع الاحتيال. وفريق للاستطلاع والاستعلام والتحرى عن تاريخ ملكية الأرض والسير الذاتية لمن دخلت الأرض فى حيازتهم حتى تاريخه، وهو الذى يمد فريق الخبراء بالمعلومات الدقيقة واللازمة. وفريق التنفيذ وهو فى الغالب يُستخدم من قبل من لايعرف وهذا الفريق بدوره ينقسم إلى ثلاثة أقسام: فريقان يختلقان نزاعًا وهميًا على قطعة الأرض موضوع الاحتيال وفريق ثالث يشهد لصالح أحدهما على حساب الآخر أمام المحكمة. وفريق الدعاية والإعلان الذى يقوم بالترويج للنزاع وما أسفرعنه من انتقال حيازة قطعة الأرض إلى إحدى فرق الاحتيال، الأمر الذى يمهد الرأى العام المجاور والمعنى بمصير قطعة الأرض وباستقبال المالك الجديد بقبول لا تشوبه الريبة والشك. فيجمع بذلك المحتالون بين الحيازيتين حيازة مستندية قانونية وحيازة معنوية اجتماعية، وبهذا تتم عملية الاحتيال، التى بدأت بإقرار محتال لمحتال بحق الحيازة وانتهت يمستند قانوى واجتماعى يمكّن المحتالين من التصرف فى قطعة الأرض، والتى قد تؤول فى النهاية إلى مشروع أجنبى!! كثيرًا ما ينجح هذا النوع من الاحتيال، وإذا تم كشفه فيمابعد فغالبًا يكون بسبب النزاع الذى يسمى «نزاع الحرامية» على توزيع الأسهم، فى تلك اللحظة يكشف المستور، ويشم الناس الرائحة الكريهة. بالقياس مع الفارق طبعًا تعرف أروقة السياسة الدولية تاريخيًا، مثل هذه الجرائم، منها مثلا: جريمة احتيال «بلفور»، التى سميت «وعد بلفور» واشتهرت بعبارة: « أعطى من لايملك من لا يستحق». وبمقتضى احتيال بلفور وفرق المحتالين المعاونين له دوليًا ومحليًا تم احتلال فلسطين ومازالت جريمة الاحتيال والاحتلال لقطعة من كبد الأمة مستمرة. وبالمثل وبمقتضى جريمة احتيال مبارك بمساندة كبار «ترزية» القوانين، وكتائب العلمانيين من خلال الدكاكين الإعلاميه والحظائر الثقافية المختلفة، وجحافل الداخلية والمباركة الصهيونية الغربية؛ بمقتضى كل هذا تمكن مبارك من أن يحوز ملكية مصر وإرادة المصريين على مدى ثلاثين عامًا وأراد عامله الله بما يستحق أن يستمر الملك فى ذريته من بعده. وبالمثل عقد الحى العلمانى المصرى بكافة أطيافه وبمساندة ودعم داخلى وخارجى تآمرى، عقد العزم والنية مع سبق الإصرار والترصد على الاحتيال على المصريين بهدف التمكن من حيازة الثورة المصرية والدولة؛ والمشاهدات والدلائل أكثر من أن تحصى فى مقال. فى هذا السياق المحتال أقدم ثلاثمائة عضو من أعضاء الحى العلمانى المصرى دون مستند شرعى أو قانونى أو اجتماعى أو سياسى أو حتى ثورى اللهم إلا مستند البلطجة، التى تتشح برداء الثورة، أقدم الثلاثمائة علمانى على تشكيل مجلس من أطفال الأنابيب المختبرة علمانيا!، وذلك تحت سقف نقابة المحامين المصريين!! وإمعانا فى الهزل عينوا طفل الأنابيب المعجزة وفتى ساويرس المدلل، والذى أنفق عليه الملايين باعتراف ساويرس لمعتز الدمرداش قائلا: إن لم أنفق على مثله أنفق على من؟! عينوه رئيسا للمجلس، وقد قبل الطفل المعجزة المبادرة وشكرهم عليها!! دون تفويض من أحد يحتال الثلاثمائة على ملكية وإرادة الثمانين مليونًا بتشكيل مجلس الثلاثة نفر بغرض منازعة مجلس الخمسمائة، والذى انتخبه ثلاثون مليونًا من المصريين الأحرار!! يقول القانونيون أن تجريم الاحتيال تدعمه مصلحتان: حماية الملكية وحماية الإرادة، وقد احتال الحى العلمانى ولايزال على ملكية المصريين لثورتهم، وكذا إرادتهم التى انعقدت على أن تولى وجهها شطر التيار الإسلامى. إن دوافع جريمة الاحتيال العلمانى حاضرة فى مكون معرفى تغريبى يجافى هوية المصريين، ومكون وجدانى استعلائى لا يطيق ولن يطيق رؤية أعضاء التيار الإسلامى إلا خلف أسوار المعتقلات والزنازين، فما بالكم دام فضلكم وقد اختار المصريون الإسلاميين لقيادة مصر الجديدة. وإذا كانت محاولة الحى العلمانى سرقة المصريين بتجاوز قادته الشرعيين المنتخبين تعد جريمة، فإن احتيالهم الكريه لفرض أطفالهم على المصريين كقادة للثورة متجاوزين عشرات الملايين من رجال مصر الشرفاء تعد جريمة أعظم من الأولى.