أكدت مصادر سياسية أن الرئيس مبارك كان قد كلف الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء بصورة شبة رسمية بتشكيل الوزارة إلا أن هذا الأمر تم التراجع عنه في اللحظات الأخيرة ، بفعل ضغوط تعرض لها الرئيس مبارك من الدائرة الضيقة المحيطة به ، وتدخل البعض للدفع بجهة تعيين وزير الصناعة رشيد محمد رشيد رئيسا للوزراء ، كما أن الرئيس مبارك نفسه لديه ميل تجاه تصعيد الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي لرئاسة الحكومة ، خاصة وأن الرئيس قد أشاد به علانية أكثر من مرة ، مؤكدا أنه اختاره بنفسه لرئاسة البنك المركزي . وأوضحت المصادر أن التراجع عن تكليف نظيف برئاسة الحكومة ، أو على الأقل تأجيل ذلك لبعض الوقت ، يعود أيضا لعدم حسم الصراعات بين الدائرة المقربة من الرئيس على اقتسام الحقائب الوزارية ورغبة كل جناح في إسنادها لأشخاص مقربين منه ، حيث توجد ضغوط لاختيار عدد من الوجوه المقربة من جمال مبارك لحقائب وزارية ، وفي مقدمتهم محمد كمال وحسام بدراوي وكريم حجاج مدير مكتب جمال مبارك وياسر زكريا الأمين المساعد للجنة السياسات وهي أسماء تراه القيادة السياسية غير مهيأة بعد لدخول الوزارة. وعلمت "المصريون" أن جناحا أخر يرغب في فرض أسماء بعينها في مناصب وزارات التعليم والشئون الاجتماعية والثقافة والشباب وهو أمر لا يروق للقيادة السياسية التي ترغب في تعيين وجوه تثق فيها في هذه المناصب. وتسود أيضا حالة من الضبابية حول مسألة دمج بعض الوزارات مثل دمج وزارتي القوى العاملة والتنمية الإدارية في وزارة واحدة ، وكذلك دمج وزارة التعاون الدولي في وزارة الصناعة ، ووزارتي التعليم والتعليم العالي ووزارتي الدولة لشئون مجلسي الشعب الشورى ، ولفتت المصادر إلى أن الخلافات حول هذا الأمر كانت أيضا من العوامل التي تسببت في تأخر التشكيل الوزاري. وأشارت المصادر إلى أن تأخر التشكيل الوزاري قد أصاب الوزارات بالشلل التام حيث يرفض الوزراء حاليا إصدار أي قرارات مهمة أو التوقيع على تنفيذ خطط تنموية أو مشروعات . في نفس السياق ، تسود حالة من التخبط داخل بورصة الترشيحات حيث ترددت أنباء عن عدم استمرار وزير الخارجية أحمد أبو الغيط في منصبه واستبداله بالسفير سليمان عواد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية وكذلك يرجح خروج وزير الثقافة فاروق حسني من الوزارة ، حيث رشحت التوقعات سمير فرج رئيس المجلس الأعلى لمدينة الأقصر والمقرب من مؤسسة الرئاسة . ورشحت التوقعات أيضا خروج طارق كامل وزير الاتصالات بعد أن رصدت الجهات الرقابية إبرامه صفقة مثيرة للجدل مع شركة مايكرو سوفت الأمريكية على أن يحل محلة على المصيلحي رئيس الهيئة القومية للبريد الذي نجح في الفوز في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة. وقد لعبت الشائعات دورا في سيادة حالة من الغليان في الساحة السياسية حيث أكدت مصادر أن هناك حالة من القلق يعاني منها كمال الشاذلي بعد أن كثرت التكهنات حول مغادرته وزارة شئون مجلس الشعب لصالح مفيد شهاب الذي سيجمع سيتولى وزاراتي شئون مجلسي الشعب والشورى بعد توحيدها. وقد شهدت بورصة التغيير توقعات بتصعيد كل من الدكتور يوسف بطرس غالي الذي رشحته لمنصب النائب الوحيد لرئيس الوزراء بالإضافة إلى احتفاظه بحقيبة المالية وكذلك ستشهد صلاحيات محمود محي الدين تصاعدا في المرحلة القادمة ليتم تكليفه بعدد من الملفات. من جانبه ، اعتبر الدكتور عبد الحليم قنديل المتحدث الرسمي لحركة كفاية أن تأخر الإعلان عن التشكيل الوزاري الجديد وشيوع نوع من الفوضى في نشر خبر التشكيل في الصحف القومية هو مؤشر ومرآة لدرجة التدهور التي أصابت النظام في طريقة صنع القرار وهي طريقة غير ديمقراطية ولا تتسم بأي نوع من الشفافية. وأوضح قنديل أن الجديد في الأمر أن هذا التخبط أصاب مركزية اتخاذ القرار فالدستور ينص صراحة على أن رئيس الجمهورية هو الذي يختار رئيس الوزراء ونوابه وهذا دستوري وواقع بغض النظر عن اختلافنا مع ذلك مشيرا إلى أن هناك شخصيات أصبحت تشارك الرئيس في اختيار الوزراء وهو ما ظهر في التغييرات الوزارية الأخيرة . وأضاف المتحدث الرسمي باسم كفاية أن الدستور يلزم رئيس الجمهوري بالتشكيل الوزاري عقب انتهاء انتخابات مجلس الشعب ولكنه لا يحدد طريقة اختيار هذه الحكومة ويطلق يده وهو ما يتناقض مع نصوص داخلية بالدستور تؤكد على التعددية السياسية والحزبية.