تعاني البلاد منذ شهور من أزمة ارتفاع سعر الدولار أمام العملة المحلية الجنيه، وسط فشل حكومي في احتواء الأزمة رغم محاولتها المتعددة للحل، إلا أن الأزمة مازالت مستمرة مسببة للعديد من النتائج السلبية على الاقتصاد المصري، وأبرزها ارتفاع الأسعار بشكل لا يستطيع تحمله المواطن البسيط. آخر المحاولات الحكومية لحل الأزمة، اعتزام الحكومة إعفاء المصريين المغتربين من جمارك السيارات عند عودتهم إلى الوطن، وهو ما تمت مناقشته خلال اجتماع عقدته السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، مع اللجنة المشكلة لبحث الأزمة، مشيرة إلى ربط الإعفاء بانتظام المواطن المغترب في التحويل والبيع عبر البنوك الوطنية، لمبلغ عشرة آلاف دولار خلال العام، وذلك تيسيرًا على المواطن ومراعاة للظروف الاقتصادية للمصريين بالخارج. الخبير الاقتصادي، الدكتور محسن خضير، قال إن قرار إعفاء المغتربين من جمارك السيارات قديم وليس جديدًا ولكنه كان يطبق على البعثات التعليمية وعلى الأشخاص المرسلين من قبل الدولة لأداء مهمة في الخارج، ولكنه حاليًا يتم تطبيقه على جميع المغتربين بلا استثناء. وأضاف "خضير" في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن هناك توجهًا غريبًا وغير مفهوم من قبل الحكومة ولم يعد معروفًا هل هناك بالفعل أزمة في الدولار أم أنها أزمة مفتعلة ومصطنعة؟ حيث إنه لا يوجد تصريحات وأرقام رسمية حول الأزمة، مؤكدًا أن هناك عدم وعي وإدراك للازمة. وأشار إلى أن احتياج الدولة لتحويلات المصريين بالخارج للحصول على العملة الأجنبية التي نحتاجها في الحصول على الواردات التي لا يمكن الاستغناء عن بعضها، مشيرًا إلى أن الحل الفعلي للأزمة أن يتم اتخاذ قرارات اقتصادية سليمة وفتح المصانع الكثيرة المغلقة. وأكد خضير ضرورة عمل دراسات قبل اتخاذ أي قرار، خاصة أن معظم متخذي القرارات في مصر من غير المتخصصين، مطالبًا بأن يتم الإعلان عن البيانات والمعلومات الحقيقية وليس معلومات مفبركة. وكانت تحويلات المصريين بالخارج انخفضت خلال العام الجاري لتصل إلى نحو 12.4 مليار دولار، مقارنة ب18.4 مليار دولار خلال العام المالي 2011-2012، بحسب البنك المركز؛ بسبب معوقات عدة أبرزها وضع حد أقصى للسحب بقيمة 10 آلاف دولار، الأمر الذي عمق من أزمات الاقتصاد، بعد تراجع إيرادات قناة السويس وتدمير السياحة. ومن جانبها، رصدت وزارة التخطيط تحويلات المصريين بالخارج، التي بلغت 18.4 مليار دولار خلال العام المالي 2011-2012، وبحسب البنك المركزي، زادت التحويلات في العام المالي 2012- 2013 لتبلغ 18.7 مليار دولار، وبلغت قيمة التحويلات 19.2 مليار دولار خلال العام المالي 2014-2015، لتنخفض خلال الفترة من يوليو إلى مارس من السنة المالية 2015- 2016 إلى نحو 12.4 مليار دولار وفقًا لأحدث بيانات البنك المركزي. وبدوره أكد رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، عادل عامر، أن تحويلات المصريين بالخارج مصدر هام للنقد الأجنبي، بالإضافة إلى أنه أحد أسباب تحسن ميزان المدفوعات وركيزة رئيسية عوضت انخفاض عائدات السياحة ونزوح الاستثمارات الأجنبية. وأضاف "عامر" أن حل أزمة الدولار يكمن في تشجيع تحويلات المصريين من الخارج عن طريق منح الإعفاءات الضريبية لهم ومنحهم العديد من الامتيازات، مطالبًا الحكومة بضرورة الاستفادة من هذه التحويلات في عمل مشروعات وعدم توجيه هذه الأموال للاستهلاك حتى لا تزيد الأسعار أو استخدامها في مضاربات بالبورصة ونشر ثقافة زيادة التحويلات النقدية بدلاً من العينية.