انخفضت تحويلات المصريين بالخارج، خلال العام الجاري، لتصل إلى نحو 12.4 مليار دولار، مقارنة ب18.4 مليار دولار خلال العام المالي 2011-2012، بحسب البنك المركزي، بسبب معوقات عدة أبرزها وضع حد أقصى للسحب بقيمة 10 آلاف دولار، الأمر الذي عمق من أزمات الاقتصاد، بعد تراجع إيرادات قناة السويس وتدمير السياحة. رصدت وزارة التخطيط تحويلات المصريين بالخارج، التي بلغت 18.4 مليار دولار خلال العام المالي 2011-2012، وبحسب البنك المركزي، زادت التحويلات في العام المالي 2012- 2013 لتبلغ 18.7 مليار دولار، وبلغت قيمة التحويلات 19.2 مليار دولار خلال العام المالي 2014-2015، لتنخفض خلال الفترة من يوليو إلى مارس من السنة المالية 2015- 2016 إلى نحو 12.4 مليار دولار، وفقا لأحدث بيانات البنك المركزي. وأكدت دراسة أجراها أستاذ الاقتصاد بجامعة البرتا بكندا مصباح شرف، أن التحويلات النقدية التي يرسلها العاملون في الخارج إلى دولهم «النامية»، ثلاثة أضعاف حجم المساعدة الإنمائية الرسمية التي تتلقاها تلك الدول. وتعد مصر سادس أكبر متلقٍ للتحويلات في العالم، وأول متلق في الشرق الأوسط ومنطقة شمال أفريقيا بنحو 40% من التحويلات المالية المرسلة إلى بلدان الشرق الأوسط، بحسب ما نقلته الدراسة، التي ركزت على العلاقة بين التحويلات والإنتاج في مصر خلال الفترة من 1977إلى 2012، عن البنك الدولي. وتأتى مصر في المركز السادس، بعد الهند (71 مليار دولار)، والصين (60 مليار دولار)، والفلبين (26 مليار دولار)، المكسيك (22 مليار دولار)، ونيجيريا (21 مليار دولار). ويرى المستشار أحمد الخزيم، الخبير الاقتصادي، أن انخفاض تحويلات المصريين العاملين بالخارج، نتيجة منطقية لأزمة نقص العملة الأجنبية في البلاد بفعل تآكل الاحتياطي النقدي، وتراجع السياحة والصادرات، وغير أن الأزمات السياسية التي بدأت تتفاقم في الفترة الأخيرة، بجانب فشل الحكومة في عدم معالجة الأزمات داخل الدولة، مع فرض قيود على سحب العملة، ثم الإعلان عن انتهاج ما يسمونه سياسة مرنة لسعر الصرف تم من خلالها خفض السعر الرسمي للجنيه في شهر مارس الماضي 14% مرة واحدة، أدت إلى انخفاض هذه التحويلات داخل مصر. وأضاف ل"المصريون"، أن العاملين بالخارج بدأوا في الامتناع عن تحويلات مدخراتهم الدولارية لمصر بعد وضع سياسات نقدية ومالية تنتهجها الدولة ضدهم، مما وضع صعوبة على المصريين بادخار أموالهم داخل الدولة، موضحًا أن هناك العديد من الطرق تستطيع الدولة بها جذب مدخرات العاملين بالخارج، ومنها قيام البنك المركزي بتحديد نسبة فائدة على الودائع الدولارية التي يتم ربطها لمدة ثلاث سنوات، ولا تقل عن 50 ألف دولار، بحيث تصل هذه الفائدة إلى 2.25%، مما يجعل هناك إقبالاً من المصريين بالخارج على هذه الودائع، وبالتالي تدخل هذه الأموال بشكل رسمي في الجهاز المصرفي وتستفيد منها البلاد. من جانبه، قال الدكتور نبيل إسماعيل، الخبير الاقتصادي، إن تحويلات المصريين بالخارج هي النعمة الوحيدة التي تسهم في سد عجز وجود العملات الأجنبية في مصر، رغم أن جزءًا كبيرًا منها يتم تحويله عن طريق الأقارب، وبالتالي لا يدخل الجهاز المصرفي، مؤكدًا أن الحل في تشجيع التحويلات من الخارج عن طريق منح الإعفاءات الضريبية والامتيازات والمعاملة التفضيلية، مع ضرورة توحيد وتحرير أسعار الصرف وتحرير الخدمات المصرفية وبذل جهود في اتجاه السماح لفروع البنوك المحلية بالتواجد في الدول التي بها أعداد كبيرة من العمالة. وأوضح إسماعيل ل"المصريون"، أن ارتفاع التحويلات يمثل إضافة قوية لميزان المدفوعات ويحسن من العجز الموجود به، فضلاً عن أنها تسهم في زيادة المعروض من العملة الأجنبية، مما يساعد البنوك في تلبية الطلب الموجود والذي يؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف، مضيفًا أن هذا الرقم يعد معقولاً ويسهم في زيادة الناتج القومي ويجعل هناك استقرارًا في سعر الصرف، ويلبي احتياجات السوق والمستوردين.