"استطاعت تحويل حلمها لحقيقة، بتصميم وإرادة وعزيمة لا تلين، لم تتخل عنها أسرتها"، إنها "هبة الشرفا" أول معلمة مصابة ب"متلازمة داون" في غزة. بمجرد دخولك للفصل الذي تدرس به "الشرفا" تدرك أنك أمام تجربة فريدة وتشعر أنك محظوظ بوجودك في هذا المكان، فعلاقة"هبة" بتلاميذها ليست علاقة معلمة تقليدية، فهي تشارك تلاميذها أيضًا إصابتهم بمتلازمة داون. كان لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، لقاء مع هبة، ليشيد فيه بإخلاص الأخيرة في أدائها لعملها الذي لا يختلف عليه اثنان، فهي لا تهتم بعدد المرات التي يجب أن تكرر فيها شرحها للدرس حتى يستوعبه تلاميذها، كما لا تتوانى عن مكافأتهم بالشيكولاتة وغيرها من الحلوى إذا ما نجحوا في إجابة أسئلتها، حتى الفصل زينته بالبلالين ليكون جذابا في أعينهم. تقول عنها مدرستها السابقة بمؤسسة "الحق في الحياة" الخيرية "نوال بن سعيد" لطالما كانت "الشرفا" حريصة على التعلم وتنمية مهاراتها، كما برعت في القراءة والكتابة والجمع، وكانت تحب الغناء وإلقاء الشعر وتمثيل المسرحيات بمدرستها السابقة. واستعادت والدة هبة "نهى أبو شعبان" ذكرياتها عندما علمت لأول مرة من الطبيب خبر إصابة ابنتها بمتلازمة داون، فلم تكن تعرف أي شىء قبلها عن المتلازمة وعندما فسرها لها الطبيب أغرورقت عيناها بالدموع، عندها أصابني قلق كبير من الطريقة التي سأربي بها ابنتي، لكن في النهاية تقبلت كون هذا الابتلاء هدية من الله، واعتبرته شيئًا إيجابيًا، وأضافت تربية طفل مصاب بمتلازمة "داون" لم يكن يومًا بالأمر الهين ولكني لم أفقد الأمل أبدًا. ودعت والدة "هبة" آباء الأطفال المصابين بمتلازمة داون، بألا يستسلموا حتى لو كان تطور أبنائهم يشبه خطوة الحلزون، واستشهدت بأن تطور ابنتها كان بطيئًا للغاية ولكنه ملموس، أحيانا كنا نقضي قرابة ال3 ساعات فقط لتكتب سطرين. وقال "نبيل جنيد" مدير منظمة "الحق في الحياة" إن حكاية هبة شكلت إلهامًا للكثيرين، في السابق كان أهالي المصابين بمتلازمة "داون" يخجلون من أبنائهم، ويتجنبون الحديث عن مشاكلهم أما الآن ومع تسليط الإعلام الضوء على حلم"هبة" الذي أصبح حقيقة ومع جهود المنظمة تغير الوضع كثيرًا. وأضاف، أنها حمسته هو شخصيًا لإنشاء فصل جديد يتضمن 6 تلاميذ يتم تدربيهم بطرق خاصة لكي يصبحوا مدرسين بدورهم. على الجانب الآخر ذكر "أحمد الحلو" المدير التنفيذي للمنظمة، أن حجب إسرائيل للمساعدات أحبط خططهم لتوسيع المركز وبالتالي استيعاب عدد أكبر من الأطفال، كما أن نقص الموارد المالية كان عائقا إضافي أدى إلى تسريح حوالي 50 موظفًا وبالتالي تولد ضغط مضاعفة على المدرسيين الحاليين. واختتمت"هبة"، حوارها بالتعبير عن حلمها الجديد بأن يشعر تلاميذها بأنهم مهمون ومقدرون من المجتمع مثلما يشعرون معها بالحب والتقدير، فهي تتمنى أن نمنحهم الفرصة للعيش بحرية تسمح لهم بالتقدم في كل المجالات.