رغم الجهود الكبيرة التى يبذلها الاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا" لمكافحة العنصرية فى الملاعب إلا أن هذا الوجه القبيح يظهر دوما وعلى فترات ليست متباعدة خصوصا فى الملاعب الأوروبية ضد العرب والأفارقة رغم النجاح الكبير الذى يحققونه مع أشهر الأندية العالمية ,فلا يمكن على سبيل المثال لا الحصر تجاهل نجومية وتاريخ دورجبا مع تشيلسى وإيتو مع برشلونة وميدو مع أكثر من فريق أوروبى ولكنهم لم يسلموا من العنصرية إما لبشرتهم السمراء أو لأصولهم غير الأوروبية0 وقد أعيد فتح هذه الملف بعد موقف جماهير هوفنهايم الألمانى من مهاجم منتخب مصر محمد زيدان المعار من بورسيا دورتموند إلى ماينتس إذ رفعت لافتات مكتوبا عليها "عد إلى الصحراء .. يا راعى الجمل" وكان ذلك فى مباراة يوم الجمعة الماضى التى التقى فيها فريقهم مع ماينتس وانتهت بالتعادل 1-1 وسجل زيدان خلالها هدف فريقه. وبعد ساعات من انتهاء المباراة شنت الجماهير المصرية هجوما عنيفا على صفحة هوفنهايم الرسمية لنادى الألمانى على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، وأمطروها بوابل من التعليقات الساخرة والغاضبة. وجاءت أبرز التعليقات كالتالى: (بلد الآلة .. مجبتش رجالة وهوفنهايم .. ده اسم نادى ولا معجون سنان؟ وبيان رقم "1" من القوات المصرية: تم احتلال الصفحة فى عدة ساعات والله الموفق ودانا من عابدين يا هوفنهايم مين) فى المقابل، قدمت صفحة هوفنهايم الرسمية اعتذارها عن ما حدث وأكدت أن اللافتة لم تكن تقصد أى مغزى سياسى أو عنصرى أو دينى. وأضافت : "نحن نعتذر بشدة إلى أى شخص شعر بالإهانة مما حدث"، وذلك قبل أن تختفى الصفحة من على "فيس بوك" فى هذه الأثناء.وانضم زيدان إلى صفوف ماينتس خلال فترة الانتقالات الشتوية ونجح فى تسجيل 3 أهداف فى مبارياته الثلاثة التى خاضها مع الفريق. وقبل أيام قدم نادى مانشستر سيتى الإنجليزى شكوى رسمية للاتحاد الاوروبى (يويفا) قال فيها إن عددا من لاعبيه تلقوا إساءات عنصرية من قبل مجموعات من المشجعين خلال المباراة أمام بورتو البرتغالى. وأبلغ المهاجم الإيطالى ماريو بالوتيللى المسئولين بأنه سمع تقليدا لأصوات القردة من بعض الجماهير كما صرح لاعب خط الوسط يايا توريه لشبكة "سكاى سبورتس" بالقول "سمعت شيئا ما". وقال الإيطالى روبرتو مانشينى المدير الفنى لفريق مانشستر سيتى عقب المباراة إنه لم يسمع تلك الأصوات ولكن النادى تقدم بشكوى رسمية بناء على شهادة بالوتيللى وتوريه. وكانت بداية العنصرية فى الملاعب العالمية قد انطلقت من الملاعب الأوروبية ضد اللاعبين الأفارقة أصحاب البشرة السمراء ،إلا أن الاتحاد الدولى تصدى لهذه السلوكيات المرفوضة بقوانين شديدة تصل إلى تعليق العضوية بالاتحاد الدولى وسار على دربه الاتحاد الأوروبى حينما قرر اتخاذ خطوة عملية على طريق مواجهة العنصرية فى الملاعب حيث أعلن أن الحكام سيوقفون جميع المباريات التى يوجه فيها المشجعون إهانات عنصرية للاعبين، وبحسب تصريح منسوب لوليام جيلارد المستشار الخاص لميشيل بلاتينى رئيس الاتحاد الأوروبى قبل سنوات : "قررنا تشديد الإجراءات وعدم التساهل على الإطلاق مع أى هتافات عنصرية للمشجعين".وأضاف :" تحدثنا إلى الحكام ونحظى بدعم الاتحادات الأهلية، واتحادات الأندية واللاعبين لاتخاذ هذا الإجراء". ولكن ذلك لم يوقف حوادث عنصرية يندى لها جبين كرة القدم إذ كان اتحاد الكرة الإسبانى قد غرم نادى ريال سرقسطة نتيجة الهتافات العنصرية التى أطلقتها جماهيره ضد نجم المنتخب الكاميرونى إيتو لاعب برشلونة السابق ،وفعل الاتحاد الانجليزى نفس الشىء ضد جماهير نادى نيوكاسل التى رددت هتافات عنصرية ضد نجم المنتخب المصرى أحمد حسام مهاجم نادى ميلدلسبرة السابق . يذكر التاريخ سجل اتهام لاعب برشلونة السابق سيرجيو بوسكتش بأنه تلفظ بكلمة "قرد" تجاه مارسيلو مستهزءاً ببشرته السمراء، هذا الاتهام كان فى موسم 2010-2011. كما تم تجريد قلب دفاع منتخب انجلترا جون تيرى من شارة قيادة منتخب بلاده بسبب اتهامات له بالألفاظ العنصرية تجاه لاعب كوينز بارك رينجرز أنتون فيرديناند. واعترف المدرب الفرنسى لوران بلان بأن ضغوطا مورست عليه من قبل الاتحاد الفرنسى بأن تكون هناك حصص بين اللاعبين فى المنتخب حسب لونهم وأصولهم متناسيا دور هؤلاء اللاعبين فى إحراز كأس العالم لفرنسا 1998 وكأس أمم أوروبا 2000، وهذا الأمر جاء ليبرر ما شاهدناه فى مونديال 2010 من استبعاد كل اللاعبين ذوى الأصول العربية والأمازيغية. وفى ضربة قاضية للويس سواريز لاعب ليفربول إذ تعرض للإيقاف 8 مباريات بسبب كلمات عنصرية تلفظ بها ضد باتريس إيفرا، ورغم أن اللاعب مازال ينكر لكن الاتحاد الانجليزى قال إن لديه أدلة لا جدال فيها. وقبل أن يرحل ماريو بالوتيلى عن الانتر كان يذهب إلى الجحيم كلما زار ملعب الأولمبيكو حيث كان يلعب ليوفنتوس فى الماضى، وتعرض بالوتيلى لصرخات تقلد صوت القرود كلما لمس الكرة وهذا الفعل تم توجيه إنذار رسمى لليوفنتوس بسببه ومعاقبة بعض المشجعين. وقال الإدارى الكبير فى أياكس أمستردام وأسطورة الكرة الهولندية كرويف لديفيدز عام 2011 :" أنت معنا فى الإدارة لأن لونك أسود فقط"، هذا التصريح جاء تلفزيونيا وأجبرت ضغوط الإعلام كرويف على الاعتذار والتبرير. أما زورو الذى كان يلعب لفريق ميسينا عام 2005 ضد الإنتر، وبسبب ضغوط الجمهور ومواصلة صرخات القرود قرر الانسحاب من الملعب لكن لاعب الإنتر الأسمر إدريانو استمر يرجوه حتى عاد بعد دقائق من توقيف اللقاء، هذه الحادثة تعتبر الحادثة المفصلية التى جعلت الاتحاد الأوروبى يصبح حازماً جداً فى مسألة العنصرية لما ظهر على وجه زورو التأثر نفسياً. وأظهر مقطع فيديو مدرب منتخب إسبانيا السابق عام 2004وهو يقول لأنتونيو رييس لاعب أرسنال آنذاك وإشبيلية حالياً :" ابذل مزيداً من الجهد واثبت أنك أفضل من ذلك القذر الأسود تيرى هنرى". أيضا كانت هناك جماعات مروجة للإسلام فوبيا فى انجلترا ضمن جمهور نيوكاسل وهتفت ضد ميدو لاعب ميدلسبره آنذاك وتكرر الأمر فى مباراتين، الهتافات طالبته بأن يرحل هو والمسلمين من أوروبا وأساءت له على أساس دينى وعرقى. وتزايدت العنصرية فى روسيا عندما قام أحد مشجعى زينيت بطرسبرغ بإلقاء موزة بالقرب من روبرتو كارلوس مشبهاً إياه بالقرد. الأمر تكرر مرة أخرى من قبل جمهور كريليا سوفيتوف. يذكر أن الاتحاد الدولى (فيفا) وضع قوانين صارمة ضد التمييز العنصرى. وأصدر الفيفا قانونا جديدا يقوم على خصم ثلاث نقاط من النادى إذا ارتكب المخالفة الأولى وهى العنصرية وست نقاط فى الثانية .ويأتى قرار الفيفا عقب قيام العديد من اللاعبين أصحاب البشرة السمراء فى البطولات الأوروبية بترك الملعب وأشهر هذه الحوادث كانت للكاميرونى صامويل إيتو عندما كان فى صفوف برشلونة السابق حين التقى برشلونة مع سرقسطة وهدد مهاجم برشلونة إيتو بترك الملعب بسبب هتافات عنصرية من الجماهير فعاقب الاتحاد الاسبانى نادى سرقسطة بغرامة زهيدة جداً مما أثار استياء رئيس الاتحاد الدولى جوزيف بلاتر الذى ضاق ذرعاً من هذه الحوادث. وكان رئيس الاتحاد الألمانى لكرة القدم تيو تسفانتسيجر قد رحب بما أعلنه الاتحاد الدولى (فيفا) عن تطبيق قواعد مكافحة العنصرية.وقال تسفانتسيجر: "إننا ندعم ذلك ولا نستطيع إدانة العنصرية ببساطة, ولذلك فإننا نساند التحرك القوى من الفيفا, فالعنصرية سم بطىء المفعول".ولكن تسفانتسيجر قال إنه من الضرورى أن تحدد العقوبات المحتملة بعناية من قبل الفيفا وأن عامل كل حالة بمفردها". وجاءت تصريحات زفينتسايغر تعقيبا على تصريحات السويسرى جوزيف بلاتر لشبكة تليفزيون "سكاي" البريطانية حول ضرورة تطبيق قواعد مكافحة العنصرية خلال بطولات كأس العالم. وقدم الفيفا القواعد الجديدة لمكافحة العنصرية بعد تزايد الأحداث العنصرية بشكل مستمر فى مباريات كرة القدم.وتتراوح العقوبات من فرض الغرامات المالية إلى خصم النقاط من الفريق الذى يخترق هو أو جماهيره هذه القواعد وكذلك تتضمن العقوبات الهبوط للدرجة التالية أو الاستبعاد من المسابقات.