قال الخبير في الشؤون الأوروبية، الاستشاري الإعلامي حسام شاكر، "إنّ أوروبا تتدهور نحو فرض قيود مخصوصة على المسلمين محذراً من ثقافة حظر تشهدها القارة". جاء ذلك في ندوة عن الإسلاموفوبيا واكبتها "قدس برس، أقيمت ليلة أمس الخميس في مقر الأممالمتحدة في جنيف على هامش أعمال مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف حالياً. وأوضح شاكر أنّ "الإسلاموفوبيا ليست شأناً يقتصر على المسلمين، فهي تتعلق عموماً بالقيم والمبادئ والدساتير التي يتم انتهاكاتها وتجاوزها وتعطيلها". وقال إنّ الإسلاموفوبيا "ظاهرة من ظواهر العنصرية والكراهية والتفرقة وهي لا تمثل مشكلة للمسلمين وحدهم بل للقيم والمبادئ والدساتير التي توافقت عليها المجتمعات في أوروبا ككل". وأطلق الخبير تحذيراً من أنّ أوروبا تشهد حالياً صعود ثقافة حظر تقوم على المنع والتقييد الذي يستهدف المسلمين بشكل خاص، مشدداً على أنّ ذاك يمثل تحدياً قيمياً وأخلاقياً جدياً. وقال شاكر: "إنّ النقاش الذي شهدته أوروبا مؤخراً عن ملابس السباحة للنساء المسلمات ليس نقاشاً معزولاً، فهو يأتي ضمن سياق ثقافة الحظر، أو ثقافة المنع، التي لها تاريخ في أوروبا"، وفق تأكيده. وحدّد شاكر التحدي اليوم في هذا الشأن هو "هل نتسامح مع تفاقم ثقافة حظر جديدة في أوروبا أم بوسعنا أن نتساهل مع هذا المنحى ونغض النظر عنه؟". وقال: "تبعث اتجاهات الحظر المتصاعدة برسالة مفادها أنّ هناك من ينبغي أن يختفوا من المشهد، أن يتواروا ولا يظهروا في بعض مواقع العمل، في المدارس أو الجامعات، في حمامات السباحة، في الفضاءات العامة، في الشاشات، وغير ذلك، وهذا بذريعة اختياراتهم في الملابس مثلاً"، كما قال. وحذّر شاكر من أنّ هذه التطوّرات تمس قيماً ومبادئ منها المساواة وتكافؤ الفرص والحرية الدينية والحرية الشخصية والتضامن والتعايش المشترك والتفاهم المتبادل وغير ذلك. واستدعى حسام شاكر نماذج من تجارب الحظر التي شهدتها أوروبا في مراحل تاريخية سابقة والتي استهدفت طوائف وفئات أخرى ولكنها تتجدد الآن لتستهدف المسلمين بشكل خاص. وأشار شاكر إلى أنّ وقائع الحظر التي سبقت في التاريخ الأوروبي قبل أكثر من قرن من الزمان "اعتمدت وقتها على مبررات تمت صياغتها بعناية كما أنّ مبررات وقائع الحظر اليوم تتم صياغتها بعناية أيضاً". وفي تشخيصه لمنشأ ظواهر العنصرية الانتقائية ومنها تفاعلات الإسلاموفوبيا، اعتبر شاكر في عرضه أنّ البداية تكون عادة مع الاستثناء، أي "النظر إلى مكوِّن معيّن في المجتمع أو شيء محدد يتعلق به على أنه استثناء من السياق المجتمعي العام"، وضرب لذلك أمثلة متعددة منها ما يتصل بقطع قماش أو ملابس أو دور عبادة أو مآذن أو مواقع الرعاية الدينية أو المدارس أو رياض الأطفال مما يختص بالمسلمين. وشرح أنّ هذا المنطق الاستثنائي يفتح باب التشويه والتحريض على مصراعيه، بما يمثل مقدمة اعتيادية لقوانين الحظر وإجراءات المنع وحتى ارتكاب الاعتداءات المادية واللفظية كما يجري مع المسلمات أو المساجد مثلاً. وقال: "إنّ هذا الاستثناء يؤدي إلى تعطيل عمل القوانين والمبادئ والدساتير في مساحات معينة تتعلق بالفئة المتضررة، وهم المسلمون في هذا المقام، فيتم إخراجهم من نطاق الاستفادة من بعض الحقوق والحريات التي يُفترض أن تكون سارية على الجميع، بما يعني أنها تقوم بتعطيل تلك الحقوق والحريات والمبادئ والقيم والمواد الدستورية في مجالات مخصوصة. وأكد شاكر أنّ "هذا الاتجاه ينظر إلى فئة معينة في المجتمع على أنها غير جديرة بأن تحوز الحقوق نفسها والحريات نفسها"، حسب تحليله. وفي الشأن السياسي قال شاكر: "إنّ نموذج مرشح الرئاسة الأمريكي دونالد ترامب حاضر أمامنا في التعبير عن خطاب الكراهية والتشويه والتحريض، لكن في أوروبا "لدينا أكثر من ترامب يقومون بالتعبير عن المنحى ذاته وإن بأشكال مختلفة". واعتبر الخبير أنّ الساحة السياسية والأحزاب قليلاً ما تُبدي الشجاعة في وجه هذا الخطاب، فهي لا تتصدى له ولا تواجهه تقريباً. وفي السياق ذاته أشار شاكر إلى أنّ "المعضلة الجوهرية قد لا تكون مع المرشح الذي يرفع شعارات ذات طابع عنصري أو تقوم على الكراهية وإثارة الأحقاد وشق صفوف المجتمع، بل المعضلة الأساس ربما هب في وجود قطاعات من الجمهور مستعدة للتصويت لصالح هذا الخطاب والصعود بالمعبرين عنه إلى الواجهة السياسية"، على حد تعبيره.