"أحباب اليوم أعداء الأمس".. مقولة قد تنطبق على العلاقات المصرية التركية التي شهدت عداء كبيرا منذ قيام ثورة 30 يونيو، تلك التكهنات بتحسن العلاقة جاءت بعدما نشر المتحدث باسم الخارجية المصرية صورة مصافحة ودودة بين وزير الخارجية التركي داود أوغلو ونظيره المصري سامح شكري على هامش قمة عدم الانحياز بفنزويلا مشيرًا إلى أن اللقاء عكس رغبة في تجاوز الخلافات مع مصر. ذلك السلام أثار الدهشة خاصة بعدما رفض وزير الخارجية المصري ذكر اسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ختام كلمته بالجلسة الافتتاحية للدور ال13 لقمة منظمة التعاون الإسلامي في شهر أبريل الماضي رغم أن مصر كانت الدولة الرئيس للقمة السنة الماضية وسلمتها لتركيا الدولة الرئيس حاليًا والذي يستلزم بروتوكوليا المصافحة ولكن حدة الخلاف كانت أكبر من مقتضيات المراسيم. وقال "شكري": تتجه مصر بالشكر إلى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، وكل الدول التي ساندتها خلال رئاستها للدور ال12 للقمة الإسلامية والآن تنتقل الكلمة إلى الرئاسة التركية". وبعد الانتهاء من كلمته تجاهل "شكري" مصافحة الرئيس التركي خلال تسليمه رئاسة مصر لمؤتمر قمة التعاون الإسلامي لتركيا حيث قام بالابتعاد من على المنصة دون الانتظار لمجيء أردوغان لمصافحته لاستلام وتسلم الرئاسة. وكانت العلاقات المتوترة بين مصر وتركيا ظهرت بعد 30يونيو للعيان بسبب تأييد تركيا لحكم الرئيس المعزول محمد مرسي، وهو ما دفعها إلى مطالبة مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسى بعدما مارست مصر ضغوط ضد ترشيح تركيا للحصول على مقعد في مجلس الأمن. ووصل التوتر في العلاقات أوجه عندما أعلن الرئيس التركي أن حكومته لا تقبل نظام السيسى معتبرًا إياه "طاغية غير شرعي"، حسب قوله. ومع مرور الوقت بدأ الموقف التركي تجاه مصر أقل تشددًا خاصة بعدما صرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم بأنه لا مانع من تطوير العلاقات الاقتصادية بين تركيا ومصر وتبدو السياسة الجديدة لتركيا راغبة في تنشيط التعاون الاقتصادي مع مصر عن طريق تطبيع العلاقات السياسية مؤكدًا أنه بالإمكان تبادل الزيارات بين المسئولين ورجال الأعمال في البلدين وإجراء اتصالات تتعلق بالمجال العسكري. وأضاف رئيس الوزراء التركي أن هناك حاجة لتحسين العلاقات مع مصر، مضيفًا في مقابلة تلفزيونية أنه لا يمكن أن تستمر العلاقات على هذا الوضع موضحًا أن حكومته تتبع سياسة الإكثار من الأصدقاء وتقليل الأعداء في سياستها الخارجية، في مسعى منها لتحسين العلاقات مع كثير من الدول بعد تطبيعها مع روسيا وإسرائيل ومنها دول كسوريا ومصر. بدوره أكد المتخصص في الشئون التركية، الدكتور كرم سعد أن المصالحة بين مصر وتركيا في الوقت الراهن لا يمكن أن تؤدي إلى تطبيع كامل في العلاقات خاصة بعد التوتر الذي شهدته في الآونة الأخيرة إلا أنه قد تكون بداية لانفراجة قريبة في العلاقات وتحسن ملحوظ. وأضاف "سعد" في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن تصريحات عدد من المسئولين الأتراك في الآونة الأخيرة تعكس الرغبة التركية فى تحسن العلاقات مع مصر وعدد من دول الإقليم مثل سوريا والعراق خاصة في ظل علاقتها المضطربة مع أمريكا بسبب رفضها للمنطقة الآمنة في سوريا والاتحاد الأوروبي بسبب أزمة الانضمام وحملة التطهير بتركيا. وكانت مصر شددت على إدراكها أن تركيا تتهافت نحوها لتوطيد العلاقات معها على الرغم من تصريحاتها بعدم شرعية حكم النظام المصري وذلك لكون مصر تعمل ضمن شبكة علاقات واسعة أمنية وعسكرية وسياسية مع تحالفات تعد من أعداء نظام "أردوغان" وتحاربها تركيا. ومن جانبه قال النائب يحيى كدوانى، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان إن العلاقات بين مصر وتركيا تحكمها المصالح والعلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية مشيرًا إلى أن تركيا سبب تعمق الأزمة بسبب دعمها المستمر للإخوان. واشترط "الكدوانى" على تركيا عدم افتعال أزمات مع العرب وإعادة الأمور إلى نصابها حتى تتحسن علاقتها مع مصر موضحًا أن تركيا على خلافات كثيرة مع بعض الدول الأوربية ولذلك تسعي إلى تقليل خلافاتها مع العديد من الدول وأبرزها مصر لما يربط البلدين من علاقات تاريخية واقتصادية مؤكدًا أن إعادة العلاقات المصرية التركية دون تصحيح ما ارتكبته تركيا من مواقف معادية للنظام المصري الحالي لن يكون مثمرًا. وفى ذات السياق طالب النائب عصام الصافي تركيا أن تفي بوعودها تجاه مصر بعدم التدخل في الشأن الداخلي المصري مشيرًا إلي أن عودة العلاقات المصرية التركية تتطلب من السلطات التركية أن تسلم قيادات الإخوان الهاربة للقاهرة بجانب وقف التصريحات المعادية لمصر. وأشار "الصافى" إلى مصر وتركيا كلاهما سيستفيد حال تحسن العلاقات بينهما موضحًا أن تركيا تريد عودة العلاقات مع مصر لقوة القاهرة في المنطقة، حسب قوله.