كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن رفض وزارة الدفاع الأمريكية، متمثلة بوزيرها آشتون كارتر، اتفاق التهدئة الذي وقعه وزير الخارجية جون كيري، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، في جنيف نهاية الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن هذا الخلاف أعاد من جديد الحديث عن طبيعة سياسة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في سوريا. وبحسب الصحيفة، فإن الاتفاق زاد من الهوة بين وزير الدفاع كارتر ووزير الخارجية جون كيري، على الرغم من أن تفاصيل الاتفاق تمت مناقشتها لساعات بين الرئيس باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وحول السبب الذي دفع برأس البنتاجون إلى رفض الاتفاق، قالت الصحيفة إن كارتر ومسئولين آخرين في وزارة الدفاع اعترضوا على النقطة المتعلقة بالتنسيق العسكري بين روسياوأمريكا لاستهداف الجماعات التي توصف بأنها إرهابية، حيث عبر كارتر في اتصال هاتفي مع جون كيري بأنه لا يمكن الموافقة على مثل هذه النقطة، وأن مسؤولين داخل البنتاجون ما زالوا غير مقتنعين بها. الجنرال جيفري هاريجان، قائد القوات الجوية في القيادة المركزية الأمريكية، قال في تعليقه على هذه النقطة: "أنا لا أقول نعم ولا أقول لا"، سيكون من السابق لأوانه القول بأننا ذاهبون إلى فعل هذا، أو إن ذلك يمكن أن يكون مجدياً أو لا". الفجوة بين كيري ووزير الدفاع آشتون كارتر تعكس الصراع الكامن داخل الإدارة الأمريكية حول سياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حيال سوريا والحرب الجارية هناك منذ 5 سنوات، حيث تشير تقديرات الأممالمتحدة إلى مقتل قرابة 400 ألف شخص، وتشريد أكثر من 6 ملايين آخرين، أدت إلى حصول أزمة اللاجئين في أوروبا، حيث أسهم غياب قوات أمريكية في سوريا إلى خلق مساحة رأت فيها روسيا فرصة مناسبة للتدخل، وهو ما كان، وباتت اليوم لاعباً رئيساً على طاولة المفاوضات بشأن سوريا. أمريكاوروسيا كادتا تتقاتلان في سوريا عقب التدخل الروسي في سوريا سبتمبر/أيلول من العام الماضي، وهي المرة الأولى التي تصبح القوتان على شفا الحرب منذ الحرب الباردة، قبل أن تتحول العداوة إلى تنسيق بين البلدين، انتهى بتوقيع اتفاق يلزم المخابرات الأمريكية بتبادل المعلومات مع أكبر خصومها في موسكو؛ في إطار التنسيق لاستهداف تنظيم الدولة وجبهة النصرة بسوريا. البند المتعلق بالتنسيق الأمريكي الروسي لاستهداف الجماعات التي توصف بأنها إرهابية، يقضي بأن تتبادل الولاياتالمتحدة المعلومات مع روسيا حول تلك الجماعات، ومنها تنظيم الدولة. ووفقاً لجوش إرنست، السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، فإن هناك بعض الأسباب التي تدفع بعض المسؤولين في البنتاجون إلى التشكيك بقدرة الروس على تنفيذ عمليات تتوافق مع الآليات التي تقوم بها أمريكا خلال استهداف هذه الجماعات. جون كيري وزير الخارجية الأمريكي، يرى أنه من الضروري كبح جماح بشار الأسد رئيس النظام في سوريا عن استهداف المدنيين، وهذا الأمر يمكن أن يتحقق من خلال اتفاق مع الروس، خاصة أنه منذ أن دخل الروس في الحرب السورية بات بإمكانهم الضغط على الأسد فيما يريدونه منه. يأمل كيري أن تؤدي التهدئة الحالية إلى اتفاق سياسي يدفع الأسد إلى التنحي عن السلطة، ليضيف بذلك نجاحاً إلى نجاحات أخرى حققها خلال وجوده على رأس الدبلوماسية الأمريكية، ومنها إطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط، وتوقيع الاتفاق النووي مع إيران. إلا أن الأمر في سوريا -باعتراف كيري نفسه- شديد التعقيد؛ لأن هناك العديد من اللاعبين غير واشنطنوموسكو في سوريا، إلا أنه جدد رغم ذلك عزمه على المضي بمهمته. الوسيط الأممي في سوريا، ستافان ديمستورا، قال للصحفيين في جنيف، إن هناك انخفاضاً كبيراً في مستوى العنف بسوريا منذ دخول اتفاق التهدئة حيز التنفيذ، مساء الاثنين الماضي، ولكنه قال إن المساعدات الغذائية المخصصة لحلب لم تتلقَّ تأكيدات بأن الطريق آمن، كما أن حكومة الأسد لم تمنح التراخيص المطلوبة لمرور تلك القوافل، معرباً عن أمله بأن يتم ذلك سريعاً.