نشر الناشط السياسي إسلام خليل، رسالة مفزعة عن أوضاع المختفين قسريًا في سجون وأماكن الاحتجاز في مصر وعلى رأسها مقر أمن الدولة في لاظوغلي. وجاء نص الرسالة المتداولة عبر فيسبوك: من 3 أيام وأنا بحاول أكتب مقال عن العيد للمختفين قسريا لكن لغيت الموضوع علشان تقدروا تفرحوا أول يوم العيد من غير كآبة .. لكن مش قادر أمنع نفسي من إني أنشر بشكل مبسط جزء من اللي عيشته يوم العيد وبيعيشه حالا في اللحظة دي مختفين قسريا كتير في أكتر من مكان في مصر ... لو نفسيتك متستحملش تقرأ عن ده متكملش البوست للأخر الزمان : 17 يوليو 2015 " عيد الفطر " كان عدي عليا 50 يوم تقريبا بعد القبض عليا وإخفائي . المكان : الدور التالت بمبني إدارة الأمن الوطني في لاظوغلي - علشان تقدر تستوعب المكان تخيل معايا المشهد ده .. " الدور عبارة عن طرقات وعلي جنب الطرقة مكاتب .. قبل ما تقرب من الدور هتبتدي تشم ريحة عفن صعبة بتقرب ... بمجرد دخولك للطرقات هتلاقي بني آدمين كتير مترميين في الطرقات كل واحد فيهم عنيه متغمية وايديه مربوطة وجزء منهم رجليه كمان مربوطة وفيه ناس متعلقين في حديد في الطرقة أو في الأبواب ولو فتحت أي مكتب هتلاقي بني ادمين تانيين حالهم نفس حال اللي في الطرقة .. ريحة العفن بتزيد كل ما تدخل جوا الطرقات او المكاتب " ريحة عرق لاجسام ملمستهاش المياه ولا ادوات النضافة لشهور - ريحة دم وتقرحات " خليط عفن متعتق .. كل الأصوات اللي ممكن تتسمع هناك هي ميكس بين صوت الصرخات من غرف التحقيق وبكاء الأطفال الموجودين اللي مبينتهيش واهات من اللي الموجودين في الطرقات والمكاتب. في وسط كل ده أنا كنت من ضمن اللي في المكاتب ( عنيا متغمية ايديا مربوطة ورا ضهري .. مخدتش دش من 50 يوم كلهم تعذيب .. دم علي جسمي وهدومي اللي ريحتها متتوصفش من صعوبتها .. جروح في اكتر من مكان وتقرحات في اماكن مشابك الكهربا .. ممنوع من الكلام والحركة .. الاكل رغيف في اليوم .. الحمام مرة في اليوم واحيانا مفيش .. ملييش إسم .. بتنادي برقم ) في الوضع ده كل واحد فينا كان بيحاول يحسب الزمن اللي عدي علشان ميتجننش " عن طريق تغيير الدوريات اليومية للحراسة ، أو سؤال أي واحد جديد وده خطر لإن اللي الحراسة بيمسكوه وهو بيتكلم مع اللي جنبه بيقضي بقية اليوم متعلق من ايده زيادة علي جلسة التحقيق " التعذيب " في اليوم ده عرفنا إنه العيد من الحراس وهم بيرشوا علينا معطر " علشان الباشا مش عايز يشم ريحة وحشة النهاردة " برغم كل اللي احنا فيه واللي مهما وصفته مفيش إنسان هيستوعبه بدأت أسرح في حاجات كتير ( وأعتقد إن بقية رفاق لاظوغلي كانوا بيفكروا ف ده ) " أهلي وأصحابي عاملين إيه ؟ بيقضوا العيد إزاي ؟ هم لسه فاكرني ؟ طب هيعرفوا يفرحوا ؟ طب الحياة برا وقفت علشان اللي بيحصلنا ولا مفيش حد حاسس بينا أصلا ؟؟ ... طب هم ممكن النهاردة يطلعونا السجن ؟ أو يروحونا ؟ طب التعذيب هيكون أخف اليومين دول ؟؟ طب هيشيلوا الغماية أو يسيبونا ناخد دش ؟؟؟؟؟ وقف تفكيري وواحد من الحراس بيقومني وبيقولي " تعالي هقعدك في مكان احسن علشان النهاردة العيد " اتحركت معاه لقيته فك الكلابش من ايدي الشمال وعلق ايدي اليمين في الحديد ... وقضيت بقية يوم العيد وانا بالوضع ده وصوت الصرخات في ودني من غرف التحقيق ... 21 سبتمبر 2015 كان ميعادي إني أشوف النور بعد 122 يوم إختفاء وده كان قبل عيد الاضحي بيومين ... قومونا مجموعة مع بعض ووقفونا طابور أشبه بطوابير الأسري ( عنينا متغمية وايدينا مربوطة وكل واحد ايده علي كتف اللي قدامه ) كان في الوقت ده فيه طفل عنده نزيف وبيموت بالبطئ قوموه معانا وبعدين قالوله لا انت مش طالع معاهم. أغمي عليه من الخضة والخوف انه هيقعد فترة اطول وده برغم اننا مكناش عارفين احنا رايحين فين اصلا لكن في كل الاحوال افضل من وجودنا في لاظوغلي .. وانا ف الطرقة قبل نزولي لركوبي المدرعة واحد من اللي موجودين في الطرقة مسك في رجلي وطبطب عليها وكانه بيقولي متنسوناش او بيحاول يطمني زي ما كلنا هناك كنا بنعمل مع بعض. الوضع مأساوي لدرجة إن الاف الصفح والايام مش هتكفي الحكايات والكلام وكل اللي وصلكم عن الاختفاء القسري هو اقل القليل ... برغم كل ده عندي ثقة في كل المختفين قسريا إنهم هيكتشفوا ان عندهم قوة خرافية لمواجهة التعذيب والالم والحفاظ علي انسانيتهم او جزء منها للنجاة بيه من المكان ده. الجزء اللي بيفضل فاكر بيه حبيبته وضحكتها واصحابه ولمتهم وخروجاتهم واسرته والمحبة اللي فيها حتي وهو بيتعذب لدرجة خروج إبتسامة منه في وسط كل ده مع كل ذكري لأهالي المختفين وأصدقائهم : أوعوا تنسوهم .. افضلوا فاكرينهم وفاكرين ذكرياتكم معاهم كلها .. اتكلموا عنهم في كل مكان .. انتوا الامل والقشة اللي بيتشعبطوا فيها علشان يكملوا ويفضلوا عايشين .. متيأسوش زي ما هم مش يائسين ومتعلقين بالحياة برغم كل ده علشانكم .. حاربوا وناضلوا علشانهم وخلوا لكل ده قيمة .. النهاردة بقضي العيد وسط أهلي وأصحابي من غير غماية ولا تعذيب .. بس لسه روحي متعلقة معاهم هناك ولسه بسمع صرخاتهم واهاتهم وبفكر في اللي بيفكروا فيه هناك وبحس الامهم علي جسمي ..وده اللي خلاني أكتب شوية النهاردة برغم صعوبة ده عليا وعليكم .