الروائي علاء الأسواني، نشر منذ أكثر من شهر ما وصفه ب"خطاب سري"، تم تبادله بحسب قوله بين قيادتين في جهاز سيادي. الوثيقة.. تكتسب قيمتها في أنها نشرت على موقع الإذاعة الألمانية.. وليس على الصفحة الشخصية لعلاء الأسواني على "فيس بوك". الوثيقة "المزعومة" عبرت عن قلق "الجهاز السيادي" من تراجع شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسى.. ومن تنامي الغضب الشعبي نتيجة ارتفاع الأسعار المتزايد للخدمات والمواد الغذائية بالإضافة إلى أزمات أخرى يعاني منها المواطنون مثل تسريب امتحان الثانوية العامة والبطالة وانقطاع الكهرباء والمياه عن مناطق عديدة".. وقالت: "هذا الغضب قد يؤثر لا قدر الله على شعبية السيسى ما جعلنا في إدارة الإعلام نتخذ الإجراءات التالية".
ولن أذكر هنا تلك الإجراءات لأنها مسيئة ومخجلة للغاية لإعلاميين ومشايخ وفنانين، تم توجيههم بحسب الوثيقة المزعومة مباشرة لاختطاف الرأي العام، وتخديره والضحك عليه، وتغييبه وتذويبه في قضايا دينية "مقززة" مثل: "هل يجوز للمسلم اعتبار خادمته في المنزل ملك اليمين ونكاحها بدون عقد؟ هل يجوز للمسلم أن يتزوج من طفلة لم تبلغ المحيض على أن يقضى وطره منها بالمفاخذة دونما إيلاج..؟" وما شابه. الوثيقة طويلة وتحتوي على كثير من المقترحات لإدارة المشهد السياسي والإعلامي في مصر من قبل الأجهزة الأمنية. المفارقة هنا، أن السلطة المصرية التزمت الصمت حيالها، ولم يصدر منها أي رد فعل، رغم أن الخارجية المصرية سبق لها أن أصدرت بيانًا ردت فيه على تقرير "تخريب مصر" الذي نشرته "الإيكونومست" البريطانية.. وقامت الأخيرة بنشر التعقيب الرسمي المصري. علاء الأسواني اختلف معه كما شئت ولكنه في النهاية شخصية "ثقيلة" وروائي معروف في الدوائر الغربية، يعني كلمته مسموعة ورأيه مؤثر، كما أن الذي نشر الوثيقة المزعومة، هى الإذاعة الألمانية الرسمية.. ما يجعل صمت القاهرة مستغربًا ومثيرًا للأسئلة، لاسيما أن الأسواني مقيم في القاهرة ويعارض نظام 3 يوليو من داخل مصر. أتمنى على المستوى الشخصي، ألا تكون الوثيقة صحيحة، لأن ما تحتويه من اقتراحات، لا يشير فقط إلى ثبات الخبرات الأمنية عند مستوى ستينيات القرن الماضي وحسب وإنما إلى ما هو أخطر، إذ تقدم نوعًا من المقايضة بين شعبية السيسى والبلبلة الدينية: الحفاظ على الأولى لقاء "التوليع" في الثانية. الصمت الرسمي، ربما يكون بسبب أن فحوى الوثيقة، يقدم تقريرًا لحالة ملموسة ومعايشة فعلاً على الفضائيات، وهو ما يمثل تحديًا لأي نية للرد أو التعقيب.. ناهيك عن تفاصيل أخرى مسكوت عنها، إذ يبقى تسريب الوثيقة حال ثبوت صحتها، سببًا قويًا لطرح أسئلة جادة حول مدى حصانة بعض الأجهزة الحساسة في الدولة من الاختراق و"الدعبسة" في أوراقها وأدراج قياداتها والمسئولين فيها. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.