برر لاري كورب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق وكبير الباحثين في مركز التقدم الأمريكي، رفض الولاياتالمتحدة إقامة مناطق آمنة في سوريا بأنها لا تضمن عدم دخول تنظيم الدولة أو جبهة النصرة إلى تلك المناطق، معتبرا أن إقامة تلك المناطق تتطلب وجود 10 آلاف جندي لضمان عدم تسرب الجماعات الإرهابية إليها, حسب تعبيره. وأضاف كورب في تصريحات ل"الجزيرة", أنه لا يوجد حل سهل للأزمة السورية والمأساة الإنسانية فيها التي تعيد للأذهان ما حدث في رواندا. وتابع "يجب الضغط من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار والتركيز على محاربة تنظيم الدولة وإقامة حكومة انتقالية، لكنه رأى أن ذلك صعب التطبيق لأن إيرانوروسيا تريدان الحفاظ على نظام بشار الأسد, كما أن تركيا تتدخل في سوريا ضد الأكراد. وأشار كورب إلى أن المجتمع الدولي يجب أن يغضب ويتصرف ضد من يستخدم الأسلحة الكيميائية في سوريا, وتابع "الروس قالوا إنهم لا يستخدمون الأسلحة الكيميائية في سوريا, لكنهم يفعلون ذلك ويحتمون باستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي". وكان الكاتب والإعلامي السوري المعارض بسام جعارة, قال إن كل الجرائم التي ترتكب في بلاده تتم برعاية الولاياتالمتحدة, التي صمتت على استخدام نظام بشار الأسد الأسلحة الكيميائية والقنابل العنقودية والفراغية والحرارية لقتل الشعب السوري, وكذلك برفضها إقامة مناطق آمنة لحماية المدنيين ومنع وصول الأسلحة للثوار. وأضاف جعارة في تصريحات ل"الجزيرة", أن ما وصفه بالإجرام الأمريكي في سوريا بدأ قبل ظهور تنظيم الدولة، وتابع " نظام الأسد لا يمكن أن يسقط إلا في دمشق والساحل، لكن واشنطن هي من منعت تقدم الثوار نحو دمشق ومنعت وصول المساعدات إلى داريا". كما اتهم جعارة الولاياتالمتحدة بالتواطؤ والمشاركة في مخطط التطهير الطائفي الذي يقوم به نظام الأسد بهدف إقامة حزام مستوطنات طائفية من دمشق إلى حمص وحلب وتهجير سكان تلك المناطق وتوطين مئات الآلاف من الإيرانيين والأفغان والعراقيين واللبنانيين في تلك المناطق. وكان الكاتب الأمريكي نيكولاس كريستوف, قال أيضا إن إدارة الرئيس باراك أوباما كان بإمكانها عمل الكثير لوقف المجازر المتواصلة في سوريا منذ أكثر من خمس سنوات, إلا أنها تخاذلت ولم تكن على المستوى المطلوب. وأضاف الكاتب في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في 12 أغسطس, أنه حتى في حال تحفظ أوباما على التدخل العسكري لردع نظام بشار الأسد, كان بإمكانه إقامة مناطق آمنة توفر الحماية للمدنيين السوريين, أو محاولة إسقاط مقاتلات سورية حتى لا تستمر في إلقاء البراميل المتفجرة على المستشفيات والمدنيين، أو إطلاق صواريخ من خارج سوريا لتدمير مدرجات المطارات, التي تطير منها مقاتلات الأسد. وتابع " في الوقت الذي ترتكب فيه الحكومتان الروسية والسورية جرائم حرب وتقصف المستشفيات وتعمل على تجويع المدنيين، فإن أوباما لم يفعل شيئا ". واستطرد الكاتب " المجازر في سوريا فاقت الخيال, الهجوم الذي استهدف ملهى للشواذ في مدينة أورلاندو الأمريكية في يونيو الماضي أقام الدنيا ولم يقعدها، أما ارتكاب عشرات المجازر ضد المدنيين السوريين يوميا ولمدة خمس سنوات والتي حصدت على الأقل أرواح نحو 470 ألفا، لم تحرك ضمير أوباما ولا العالم". وكان الكاتب الأمريكي مايكل غيرسون, قال أيضا في وقت سابق إن المجازر المتواصلة في سوريا منذ أكثر من خمس سنوات, ما كانت لتحدث لولا صمت إدارة الرئيس باراك أوباما. وأضاف غيرسون في مقال له ب"واشنطن بوست" الأمريكية في 27 مايو الماضي, أنه بينما تحدث أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث في سوريا، اكتفت إدارة أوباما بموقف المتفرج. وتابع " هذا الموقف يعود إلى أن إدارة أوباما كانت تسعى وراء صفقتين فقط , هما نزع الأسلحة الكيميائية من النظام السوري, وإبرام الاتفاق النووي مع إيران". واستطرد الكاتب " المجازر ستتواصل في سوريا لسنوات أخرى, ما لم تتدخل أمريكا لإيقاف نظام بشار الأسد, الذي اقتراف أبشع الجرائم بحق الشعب السوري". وأضاف " نظام الأسد يستخدم وسائل أخرى أكثر فظاعة من الأسلحة الكيميائية, كالبراميل المتفجرة, لإبادة السوريين". وكانت مجلة "نيوزويك" الأمريكية, قالت هي الأخرى إن السر وراء عدم تدخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما لوقف مجازر النظام السوري ضد المدنيين, هو إيران. وأضافت المجلة في مقال لها في 12 مايو أن التدخل الأمريكي بالأزمة السورية كان سيعرض المفاوضات بشأن النووي الإيراني للخطر. وتابعت " أوباما ركز على التوصل لاتفاق نووي مع إيران أكثر من الاهتمام بردع نظام بشار الأسد ووقف قتل المدنيين في سوريا". ونقلت عن بن رودز نائب مستشارة الرئيس الأمريكي للأمن القومي, قوله إن التدخل الأمريكي في سوريا ما كان سيجعل الأمور أفضل، وإن تجربة غزو العراق هي دليل على ذلك. ورفضت المجلة هذا التبرير, قائلة إن فشل التدخل العسكري بالعراق لم يمنع القوات الأمريكية من حماية الإيزيديين بالبلاد، كما لم يمنع إدارة أوباما من إقامة وجود عسكري أمريكي على الأرض لمواجهة تنظيم الدولة بكل من العراقوسوريا. وخلصت إلى القول إن الصفقة النووية مع إيران وراء صمت أوباما إزاء المجازر بسوريا. وكانت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية, قالت أيضا إن كثيرين يرون أن اتفاق التهدئة في سوريا, كان خدعة جديدة تهدف للتحضير لحملة روسية إيرانية لتشديد الخناق على مدينة حلب شمالي البلاد. وأضافت المجلة في مقال لها في 24 إبريل الماضي أن قوات إيرانية شوهدت جنوبي حلب، كما لم يسمح نظام بشار الأسد بمرور المساعدات الإنسانية لمئات الآلاف المحاصرين في سوريا بشكل عام. وتابعت "روسيا قامت بتقليص وإعادة نشر قواتها في سوريا, ولكنها لم تنسحب من البلاد بشكل كامل، بينما لا تزال منظومة صواريخ اس 400 المتطورة في مكانها للدفاع عن قواعدها العسكرية، وكذلك من أجل منع أميركا ودول الجوار السوري من إقامة منطقة حظر طيران في سوريا, دون موافقة من موسكو". واستطردت المجلة " روسيا نشرت أيضا قوات خاصة في سوريا من أجل تحديد أهداف مستقبلية للضربات الجوية الروسية، كما قامت بتحريك طائرات مروحية إلى قواعد في شرقي مدينة حمص وسط البلاد". وأشارت إلى أن واشنطن بدأت تتحرك أيضا نحو الموقف الروسي، وأن هناك مؤشرات على التقارب بينهما فيما يتعلق بالأزمة السورية, موضحة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قام بتسليم مسودة دستور إلى وزير الخارجية الأمريكي جون يري مبني على وثائق أعدها خبراء قانونيون مقربون من نظام بشار الأسد. وتابعت المجلة "مسودة الدستور هذه تتضمن بقاء الأسد في السلطة مع احتمال وجود ثلاثة نواب له". وفي 29 يوليو الماضي, قال موقع "ديلي بيست" الأمريكي أيضا, إن صمت إدارة الرئيس باراك أوباما على استخدام المقاتلات الروسية القنابل العنقودية, وهي أحد الأسلحة الفتاكة, ضد المدنيين في سوريا, يعني أنها أصبحت غير معنية بالأزمة السورية. وأضاف الموقع في تقرير له, أن إدارة أوباما يبدو أنها ألغت المدنيين السوريين والمعارضة السورية السلمية من اهتماماتها, بصمتها على المجازر التي ترتكبها القوات الروسية ونظام بشار الأسد ضد المدنيين. وتابع " أحدث دليل على التخاذل الأمريكي, هو الصمت أيضا إزاء تدمير المستشفيات والمدارس والمساجد والبنية التحتية في سوريا, التي يحميها القانون الدولي، والصمت كذلك عن أكبر حصار لمدنيين في حلب منذ حصار الصرب لسراييفو في الفترة ما بين 1992 و1995 ". وأشار الموقع إلى أنه طرح عدة أسئلة على وزارة الخارجية الأمريكية بشأن استخدام روسيا القنابل العنقودية ضد المدنيين السوريين، وما إذا كانت واشنطن قد أثارت هذا الأمر مع موسكو، إلا أنه لم يحصل على أي إجابة. وفي 3 يوليو الماضي, كشفت صحيفة "واشنطن بوست" أيضا أن إدارة الرئيس باراك أوباما سلمت مؤخرا اقتراحا جديدا إلى روسيا بشأن سوريا, يحقق للرئيس فلاديمير بوتين ما كان يسعى له منذ شهور. وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها, أن هذا الاقتراح يعتبر استمرارا للتنازلات الأمريكية أمام روسيا في سوريا, ويتضمن استهداف فصائل من المعارضة السورية المناوئة لنظام بشار الأسد ممن تعتبرها موسكو "إرهابية", وذلك في مقابل توقف روسيا عن قصف المناطق التي تنتشر فيها المعارضة المعتدلة المدعومة من الغرب. وتابعت " هذا التعاون الجديد بين موسكووواشنطن سيستهدف بالقصف جبهة النصرة المناوئة لنظام الأسد". وحذرت الصحيفة من أن هذا التعاون الأمريكي الروسي الجديد سيساعد فقط في تعزيز نظام الأسد، الذي تسببت مجازره ضد المدنيين في تعاظم قوة تنظيم الدولة "داعش".