طبقت محلات التجزئة في محافظات مصر ضريبة القيمة المضافة قبل شروع الحكومة في تطبيقها؛ مما يشير - بحسب خبراء - إلى ضعف وفشل منظومة الرقابة على الأسواق وعدم قدرتها على التحكم في تطبيق النسبة المقدرة بنحو 13% في العام الأول و14% في الأعوام السابقة. تطبيق المحلات الضريبة المضافة قبل تطبيقها رسميًا من قبل الحكومة، ينذر بارتفاعات مبالغ فيها قد تضاعف معاناة المواطنين البسطاء، وتجعل من قانون ضريبة القيمة المضافة سلاحًا لذبح الفقراء ومحدودي الدخل. رصدت «المصريون» قيام إحدى الشركات الصغيرة بشراء جهاز كمبيوتر باهظ الثمن؛ بسبب الحاجة الماسة إلى شرائه، وتم فرض ضريبة قيمة مضافة عليه، وقال البائع إن هذا يأتي كإجراء وقائي قبل فرض الضريبة بشكل رسمي، ولم يتمكن البائع من تقديم شهادة تسجيل للضريبة أو إيصال باستلام قيمتها. اتصلت «المصريون» باللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، للتعرف على خطته لضبط الأسواق وأسباب ارتفاع السلع رغم عدم تطبيق الضريبة، لكنه اعتذر عن الإجابة عبر الهاتف؛ بسبب تواجده خارج مصر. محمد علي، صاحب محل تجزئة، ردَّ على سؤال «المصريون» عن سبب زيادة الأسعار رغم عدم تطبيق ضريبة القيمة المضافة حتى الآن، قائلاً: "زيادة أسعار المنتجات في الوقت الحالي كان بسبب رفع تجار الجملة أسعار المنتجات لا سيما الأساسية". وأضاف علي: "امتنعت لفترة عن شراء المنتجات؛ بسبب ارتفاع أسعارها، إلا أن المحل عانى من نقص في البضائع، وهو ما أثر على توافد الزبائن الذين يرغبون في شراء جميع احتياجاتهم من مكان واحد. تابع: "أجبرت على رفع الأسعار لعدم تحقيق خسائر وللحفاظ على زبائن المحل الذين بدءوا يسألون عن الكثير من المنتجات التي ارتفع سعرها، مما جعلني أرضخ للتجار وأرفع سعر المنتج بقيمة أكبر مما كانت عليه، وحاجة المواطن تجعله يشتري السلع لكنه يعاني من ارتفاع أسعارها، مما أجبره على تقليل قيمة مشترياته وإن كان بشكل قليل حتى الآن". بدوره، يقول الدكتور علي عبدالعزيز، الخبير الاقتصادي وأستاذ إدارة الأعمال بجامعة الأزهر، إن الوضع في الأسواق المصرية أصبح كارثيًا؛ فالتجار يفعلون ما يحقق لهم الكسب فقط دون اعتبارات خاصة بالسعر أو الجودة والصلاحية، وبالفعل لا يوجد أي رقيب؛ فكبار التجار تربطهم علاقات بأفراد من الجيش والشرطة "يعنى ليهم ضهر" يسهل لهم أعمالهم ولا يوجد قانون يمكن أن يحاسبهم إذا اكتشف تهربهم أو تجاوزهم أثناء عرض بضائعهم في الأسواق. وأضاف عبدالعزيز في تصريحات إلى «المصريون»: "بمجرد موافقة البرلمان على ضريبة القيمة المضافة، الكثير من التجار بل أغلبهم قام بتخزين البضائع انتظارًا لعرضها بعد ارتفاع الأسعار وتحقيق الربح". وتابع: "بعض التجار استغلوا جهل الناس وتخاذل النظام وقاموا بتطبيق القيمة المضافة ورفعوا الأسعار حتى يحققوا ربحًا كثيرًا". واستطرد الخبير الاقتصادي: "المواطن لم يشعر بقيمته إلا وقت ثورة يناير لذا انقلب العسكر وحلفاؤهم من رجال الأعمال على الثورة ليستمر نهبهم لأموال المصريين، في ظل تواطؤ الأجهزة الرقابية وتراخيها في السيطرة على الأسواق، مع ترهل تام للدولة ومرورها بأزمات اقتصادية ومعيشية وصراعات يعيشها المجتمع الذي اقترب فورانه، على حد وصفه.
وفي هذا الإطار، يرى شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، أن شرط امتصاص الآثار السلبية لإضافة ضريبة على الطبقات الوسطى لابد أن يسبقه رقابة على الأسواق للتأكد من تطبيقه وفقًا للمعايير المحددة وضمان عدم المبالغة في التطبيق. وأوضح الدمرداش في تصريح خاص إلى "المصريون"، أن الأجهزة الرقابية يجب أن تتأكد من تطبيق ضريبة القيمة المضافة بالقدر الذي أقرته والتأكد من عدم رفع أسعار السلع المعفاة من الضريبة وعدم تركها لجشع وتحايل التجار.