عمدت المؤسسات الدولية إلى استغلال الأوضاع الاقتصادية المتردية، لا سيما في مصر، وفرض العديد من الشروط القاسية على المواطنين من أجل مساعدة الحكومة في أزمة الدولار وتوفير نحو 12 مليار دولار من خلال صندوق النقد الدولي على مدار 3 سنوات، وفي الوقت نفسه تحولت هذه المؤسسات إلى باب خلفي لتهريب خيرات الدولة عبر ضغطها لوضع حوافز وامتيازات استثمارية للمستثمرين الأجانب في الدولة وإعفائهم من الضرائب في الوقت الذي تفرض الحكومة ضرائب بشكل متكرر على مواطنيها تلبيا لرغبة المؤسسات الدولية. وأوضح خبراء اقتصاديون، أن المؤسسات الدولية تفتح الطرق أمام رأس المال الأجنبي للتوغل في الدول التي تعاني اقتصاداتها من خلل هيكلي من أجل اقتناص الفرص الاستثمارية الكبيرة وتقوم المؤسسات الدولية بمضاعفة الأزمات بداعي تحقيق إصلاح اقتصادي يستمر لسنوات فيما تعقد الشركات الأجنبية الاتفاقيات والعقود المربحة، لا سيما في قطاعات الطاقة والكهرباء. قال عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي والمصرفي، إن لجوء الدول للمؤسسات الدولية وخاصة صندوق النقد الدولي يكون بسب معاناتها من مشاكل اقتصادية، فالدول الغنية لا تقترض من الصندوق بل هي دائنة له، وغالبا ما تتشابه معظم الدول التي تلجأ للصندوق في الاختلالات الاقتصادية لديها، فدائما يكون عجز الموازنة ناجمًا عن إنفاق عام مرتفع عن الإيرادات العامة ووجود جزء كبير من الإنفاق موجه للدعم، بالإضافة إلى عجز ميزان التجارة و انخفاض في معدلات النمو، وترهل القطاع العام، لذاك نجد أن روشتة الصندوق واحدة وتقدم على أنها إصلاح للاختلال العام في الاقتصاد الكلي، ومن هذه الشروط التخلي عن القطاع العام، والبدء في الخصخصة، وفرض الضرائب وخفض الإنفاق العام من خلال رفع الدعم، ومن ثم فتح الطريق الاستثمارات الأجنبية، بعد تحرير التجارة وتحرير سعر الصرف، وتخفيض عدد الموظفين بالحكومة، وتشجيع الصناعة على حساب الزراعة. وأضاف، في تصريح خاص ل"المصريون"، أن غالبية الدول التي تلجأ للصندوق تفشل في تنفيذ هذه الإجراءات، وهناك دول تحتاج للقروض ولكن لكي تبتعد عن شروط الصندوق القاسية والتي تأتي على حساب الفقراء ومحدودي الدخل، فتفضل الاعتماد ذاتيًا على مواردها الداخلية وسن القوانين والتشريعات التي تهيئ مناخ الاستثمار المحلي والأجنبي. وأشار إلى أنه من يلجأ للصندوق هو من فقد الأمل في زيادة الموارد في الأجل القصير، ووجد أنه لا مفر من الاقتراض الخارجي، خاصة أن الدول الفقيرة في عقول حكوماتها هي من تتعثر وتجد صعوبة في زيادة مواردها الداخلية من الأنشطة الاقتصادية، ومن ثم تلجأ إلى زيادة ضرائب الدخل على المواطنين واختراع ضرائب ورسوم جديدة تثقل بها المواطنين الموظفين. وأضاف، أن الشركات الأجنبية والتي تمثل للدولة المتعثرة ماليًا حجر أساس للعملة الصعبة، وزيادة معدلات النمو والتشغيل ومن ثم فتمنحها الحكومة مزايا ضريبية وتأمينية من أجل جذبها للاستثمار، والذي يحتاج إلى استقرار التشريعات الاقتصادية واستقرار المؤسسات السياسية ووجود مناخ مهيأ للاستثمار ووجود احتياطي نقدي أجنبي مناسب يلبي طلباته من الاستيراد وتحويل أرباحه للخارج ودفع رواتب العاملين الأجانب لديه، ولكن كل ما تركز عليه الدولة هو منح الامتيازات الضريبية للشركات الأجنبية، وترفع الأعباء عن المواطنين. وأضاف محمد الدشناوي خبير أسواق المال، أن توجيه صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى للحكومة بفرض ضرائب على شعوبها، هو أمر طبيعي، فالمقرض دائمًا ما يهتم بأن يكون المقترض مركزه المالي جيدًا أو في طريقه إلى أن يكون جيدًا حتى يضمن إمكانية استرداد أمواله، خاصة إذا كان المقرض هو صندوق النقد الذي يحمل على عاتقة زيادة العولمة وفتح البلاد أمام الاستثمار الأجنبي. وأضاف في تصريح خاص ل"المصريون"، أن من طباع رجال الأعمال استغلال الفرص الاستثمارية والحالة الاقتصادية المتردية للدولة وحاجتها الشديدة لتوليد وظائف، ومن ثم تقبل بدخول الاستثمارات الأجنبية، بحوافز استثمارية وإعفاءات ضريبية، وعلى الدولة التعامل بحرفية لحماية مواطنيها.