فتحت سويسرا باب أمل جديدًا أمام مصر؛ بعد قبول المحكمة الفيدرالية العليا السويسرية، طعن اللجنة القومية المصرية لاسترداد الأموال والأصول الموجودة بالخارج على قرار حفظ التحقيقات في تجميد أموال الرئيس الأسبق حسنى مبارك وعائلته، وبعض المسئولين السابقين، وبعض رجال الأعمال وعدد من رموز نظامه المدرجين على قوائم التجميد، الصادر بشأنهم قرار من الاتحاد السويسري. وكانت الجهات القضائية السويسرية قررت في يونيو 2015 إسقاط شبهة الانتماء إلى منظمة إجرامية عن المذكورين سلفًا مع الإبقاء علي تحقيقات تهمة "تبييض" الأموال، إلا أن مصر تقدمت في يوليو من نفس العام بطعن أمام المحكمة الفيدرالية العليا السويسري لإعادة التحقيق. وأكد النائب العام، المستشار نبيل صادق، في بيان له؛ تعليقًا علي الحكم، أن سلطات التحقيق السويسرية سبق أن قررت حفظ التحقيقات، فطعنت اللجنة على القرار، وتم قبول الطعن؛ ولذلك ستستأنف اللجنة مباشرة إجراءاتها بالتعاون مع السلطات السويسرية، مشيرًا إلى أن التحقيقات والمباحثات الرسمية التي أجرتها مصر خلال الفترة الماضية كشفت أن نحو 590 مليون فرنك سويسري بما يعادل 5 مليارات و310 ملايين جنيه تخص 14 شخصية من رموز نظام مبارك مجمدة في بنوك سويسرا ويجرى حاليًا التأكد من تحصيلها عبر طرق غير مشروعة لإعادتها لمصر. والشخصيات ال14 هي مبارك، ونجلاه جمال وعلاء، وزوجته سوزان ثابت، ورجل الأعمال حسين سالم، والدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، واللواء حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، وزهير جرانة، وزير السياحة الأسبق، ورشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق، وأحمد المغربى، وزير الإسكان الأسبق، ورجل الأعمال أحمد عز، ويوسف بطرس غالى، وزير المالية الأسبق، وسامح فهمى، وزير البترول الأسبق، ومحمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق، وصفوت الشريف، وزير الإعلام الأسبق، وزكريا عزمى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق، والراحل عاطف عبيد، رئيس مجلس الوزراء الأسبق. ومن جانبه كشف النائب العام السويسري، مايكل لوبير، عن أن 590 مليون فرنك سويسري تخص 14 شخصية من رموز نظام مبارك مجمدة في بنوك سويسرا، يجري التأكد من أنها جاءت من مصادر غير مشروعة لإعادتها إلى مصر، مشيرًا إلي أن مكتبه يقوم بتحقيقات يتعاون مع السلطات المصرية النيابية والقضائية للتأكد مما إذا كانت الأموال أتت من أعمال غير قانونية أم لا"، موضحًا أنه منذ بداية التحريات كان هدف السلطات السويسرية إعادة الأموال لأن ملكيتها لا تعود لسويسرا، وأن هناك دائمًا طلبات لرفع التجميد. وبدوره أوضح رئيس المدعين الفيدراليين في سويسرا، باتري لامور، توصله إلى قناعة تامة خلال التحقيقات بشأن أموال رموز حكم مبارك الموجودة في سويسرا، بأنها ناتجة عن أعمال إجرامية ومشكوك فيها، مؤكدًا أنه تمكن من إقناع المحكمة المختصة بذلك والتي قررت بدورها تجميد تلك الأموال، موضحًا أنه مقتنع بأن هذه الأموال يجب أن تعود إلى مصر ولكن من خلال إتمام الإجراءات القانونية اللازمة، وبما يتفق مع أحكام القانون السويسري. الدكتور محمود كبيش، الخبير القانوني، عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة سابقا أكد أن الحكم سيساهم بقوة في استرداد الأموال المصرية المهربة في سويسرا، بالإضافة إلي أمل جديد نحو استرداد تلك الأموال، مشيرًا إلي أن القانون السويسري يشترط لعودة تلك الأموال أن يصدر في حق أصحابها أحكام نهائية تؤكد أن هذه الأموال تم الحصول عليها عبر طرق غير مشروعة. وأضاف كبيش، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن عدم صدور أحكام نهائية ضد المتهمين في تلك القضايا هو السبب الرئيسي في صعوبة استرداد الأموال المهربة، فضلًا عن تعقد إجراءات استرداد الأموال بحكم القانون الدولي وقوانين الدول التي تم تهريب الأموال إليها. وتابع: أنه منذ صدور القانون الفيدرالي لرد الأموال غير الشرعية في سبتمبر 2011 من قبل سويسرا، وقع عبء على الدولة المصرية، حيث ألزم القانون النظام المصري بضرورة إثبات عدم شرعية الأموال المذكورة، كما نص القانون على أنه في حالة التأكد من عدم شرعية تلك الأموال فإن المصريين لن يتمكنوا من الحصول على أموالهم نقدًا، ولكن في صورة تمويل مشروعات قومية تنموية ومنح تخضع لفترات طويلة وعبر دراسات متعددة الأمر الذي أدى إلى إحباط آمال المصريين في استرداد حقوقهم علي حسب قوله. وأشار إلي أن الواقع المصري شهد كثيرًا من التغيرات السياسية خلال الأعوام الماضية جعل الدول التي تم تهريب الأموال إليها تزيد من تعقيد إجراءاتها في عمليات استرداد الأموال المهربة للخارج، فضلًا عن تعنتها في بقاء تلك الأموال لديها، وعدم إعادتها لمصر؛ نظرًا لما تمثله من قيم استثمارية كبيرة لدى بنوكها ومؤسساتها المالية، موضحًا أن عددًا من قضايا الفساد التي صدرت فيها أحكام قضائية بالإدانة في مصر كانت غيابية والدول التي تم تهريب الأموال إليها لا تعترف بالأحكام الغيابية. ومن جانبه قال الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولي، إن الحكم المذكور سيساهم في عودة الأموال المصرية المهربة إلي الخارج؛ بشرط أن يصدر في حق أصحابها أحكام نهائية تفيد بتورطهم في الحصول عليها بطريق غير مشروع، موضحًا أن الحكم الذي صدر مؤخرًا من محكمة جنايات القاهرة، بسجن مبارك ونجليه ثلاثة أعوام في قضية قصور الرئاسة سيساهم في استرداد أموالهما إلى مصر؛ لأنه حكم نهائي وهو ما يشترطه القانون السويسري. وأضاف رفعت، أن هناك صعوبة كبيرة في استرداد الأموال المصرية بالطرق القانونيّة التقليدية، حيث إن اقتصاد بعض الدول مثل سويسرا، يعتمد على البنوك وما فيها من أموال، فإذا قامت تلك الدول برد تلك الأموال فإن ثقة المودعين ستهتز بتلك البنوك التي تعتمد على التحويلات الخارجية، مما يؤدي إلى إحجام المودعين عن الإيداع في تلك البنوك وبالتالي إلى انهيار النظام المصرفيّ في تلك الدول.